تصاعد التوتر بين «الناتو» وروسيا بشأن أوكرانيا

أطلقت الولايات المتحدة ومنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) أقوى تحذير إلى موسكو، عبر مطالبتها بالكف عن «عدوانها المتواصل» ضد أوكرانيا، متمثلاً بحشد القوات الروسية في شبه جزيرة القرم وغيرها من المناطق الأوكرانية، وأكدتا أنهما ستواصلان «دعمهما القوي» للدولة التي كانت يوماً واحدة من جمهوريات الاتحاد السوفياتي.
وفيما بد رداً على التحذير الغربي، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أمس أن موسكو نشرت قوات على حدودها الغربية للقيام بـ«تدريبات». وقال شويغو في تصريحات متلفزة أوردتها وكالة الصحافة الفرنسية إنه «رداً على أنشطة التحالف العسكرية التي تهدد روسيا، اتّخذنا إجراءات مناسبة». وقال: «على مدى ثلاثة أسابيع، تم نشر جيشين وثلاث وحدات جوية بنجاح عند الحدود الغربية لروسيا الاتحادية في مناطق لأداء تدريبات قتالية». وأضاف أن «القوات أبدت استعداداً كاملاً وقدرة على أداء مهام تضمن أمن البلاد العسكري» وسيتم استكمال التدريبات «في غضون أسبوعين». وتواجه أوكرانيا انفصاليين موالين لروسيا في شرق البلاد منذ العام 2014 عندما ضمت موسكو شبه جزيرة القرم.
وفي مستهل زيارة بدأها لبروكسل لتعزيز التحالف الأميركي الأوروبي وضمن الناتو، عقد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اجتماعاً مع نظيره الأوكراني ديميتري كوليبا في مقر إقامة السفير الأميركي في بلجيكا، قائلاً إن «الولايات المتحدة تقف بقوة وراء سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها»، مضيفاً أن «هذا مهم بشكل خاص في وقت نشهد فيه، للأسف، أن روسيا تتخذ إجراءات استفزازية للغاية عندما يتعلق الأمر بأوكرانيا».
ورد كوليبا أن أوكرانيا ممتنة للدعم من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، الذي تتطلع كييف للانضمام إليه رغم الاعتراضات الحادة من روسيا. وقال: «في هذا النضال، فإن دعم الولايات المتحدة أمر حاسم للغاية ويحظى بتقدير عميق»، واصفاً حشد القوات الروسية بأنه «عدواني». وطلب من واشنطن وغيرها «أن توضح لروسيا أن ثمن عدوانها على أوكرانيا سيكون باهظاً للغاية».
وأفادت وزارة الخارجية الأميركية بأن بلينكن أكد «دعم الولايات المتحدة الثابت لسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها في مواجهة العدوان الروسي المستمر»، معبراً عن «قلقه» من «الإجراءات الروسية المتعمدة لتصعيد التوترات مع أوكرانيا، بما في ذلك من خلال خطابها العدواني والمعلومات المضللة، وزيادة انتهاكات وقف النار، وتحريك القوات في شبه جزيرة القرم المحتلة وقرب حدود أوكرانيا». وأوضحت أن بلينكن وكوليبا «ناقشا أهمية تعزيز سيادة القانون والإصلاحات الاقتصادية لتقوية المؤسسات الأوكرانية، ودعم جهود مكافحة الفساد، وتعزيز تطلعات التكامل الأوروبي الأطلسي».
وقبيل اجتماع لحلف الناتو للبحث في الأزمة، عبر بلينكن والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ عن «قلقهما البالغ» من قيام روسيا بحشد أكبر عدد لقواتها قرب الحدود الأوكرانية منذ عام 2014.
وفي مؤتمر صحافي مع كوليبا في مقر الناتو، وصف ستولتنبرغ التحركات الروسية بأنها «غير مبررة ومقلقة للغاية». وقال إن الحلف متحد في دعمه «الثابت (...) ويقف إلى جانب أوكرانيا»، مضيفاً أنه «يجب على روسيا إنهاء هذا الحشد العسكري في أوكرانيا وحولها، ووقف استفزازاتها ووقف التصعيد على الفور». ولاحظ أن روسيا «نقلت الآلاف من القوات المقاتلة إلى حدود أوكرانيا، وهو أكبر تجمع للقوات الروسية منذ الضم غير القانوني لشبه جزيرة القرم عام 2014 على مدار الأيام الماضية، قتل العديد من الجنود الأوكرانيين في شرق أوكرانيا».
ورداً على رفض موسكو احتمال انضمام أوكرانيا إلى الناتو، شدد ستولتنبرغ على أن الأمر متروك لأعضاء التحالف الثلاثين لتحديد من يمكنه الانضمام إلى المنظمة «وليس لأي شخص آخر أي حق في محاولة التدخل أو التدخل في هذه العملية. إنه حق سيادي لكل دولة مثل أوكرانيا أن تتقدم بطلب العضوية». وأضاف أن «هذا مبدأ مهم، لأن روسيا تحاول الآن إعادة تأسيس نوع من مجال النفوذ، حيث يحاولون تقرير ما يمكن أن يفعله الجيران». وقال: «هذا عالم نحاول حقاً وضعه وراءنا».
وأفاد وزير الخارجية الأوكراني بأن بلاده وشركاءها الغربيين أفضل استعداداً مما كانوا عليه قبل سبع سنوات. وقال كوليبا: «إذا اتخذت موسكو أي خطوة متهورة أو بدأت في دوامة جديدة من العنف، فسيكون ذلك مكلفاً من كل النواحي». ورأى أن الاجتماع الخاص للناتو في شأن أوكرانيا «سيضمن أن الحلف لن يفاجأ». وقال: «نحاول تجنب الخطأ الذي وقع في 2014 عندما كانت روسيا مستعدة للتصرف بسرعة والسعي إلى تحقيق أهدافها العسكرية».
وجاءت هذه التصريحات وسط تصاعد في انتهاكات وقف النار في شرق أوكرانيا، حيث دخل الانفصاليون المدعومون من روسيا والقوات الأوكرانية في نزاع منذ ضم موسكو لشبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014.
وأعلنت كييف أن روسيا حشدت 41 ألف جندي على الحدود و42 ألفاً آخرين في شبه جزيرة القرم، مرجحة أن يزداد العدد مع استمرار وصول القوات.
وأكد الكرملين أن روسيا حرة في نشر قواتها أينما تريد على أراضيها، متهماً الجيش الأوكراني مراراً وتكراراً «بأعمال استفزازية» على طول خط السيطرة والتخطيط لاستعادة السيطرة على مناطق المتمردين بالقوة. واعتبر أن تصرفات كييف تهدد أمن روسيا، محذراً من أن روسيا يمكن تتدخل لحماية الناطقين باللغة الروسية في شرق أوكرانيا.