الخرطوم تسلّم الحكومة الإثيوبية 61 أسيراً

لجوء نحو ألفي سوداني إلى تشاد هرباً من العنف غرب دارفور

TT

الخرطوم تسلّم الحكومة الإثيوبية 61 أسيراً

أعلنت القوات المسلحة السودانية، أمس، تسليم الحكومة الإثيوبية 61 أسيراً من الجيش الإثيوبي الفيدرالي وقواته المختلفة، تم أسرهم خلال عمليات عسكرية داخل الحدود السودانية، في وقت لا تزال فيه قضية ترسيم الحدود بين البلدين تراوح مكانها.
وذكر الإعلام العسكري للجيش السوداني في بيان أن عملية التسليم جرت أول من أمس، بمعبر منطقة «القلابات»، بولاية القضارف على الحدود بين البلدين، وبحضور ممثلين من الجانبين. مؤكداً أن الأسرى تلقوا معاملة إنسانية لائقة طيلة فترة أسرهم.
وجاءت عملية تسليم الأسرى «الإثيوبيين» بمبادرة من الحكومة السودانية والقوات المسلحة السودانية، والتزاماً بالقوانين الدولية في معاملة الأسرى.
وألقى الجيش السوداني القبض على عشرات المقاتلين داخل أراضي، بعد اشتباكات مع قوات وميليشيات إثيوبية، إبان عملية انتشاره داخل والسيطرة على مناطقه على الحدود الشرقية.
ودفعت الحرب الدائرة بين الحكومة الإثيوبية وإقليم تيغراي إلى فرار آلاف اللاجئين إلى معسكرات داخل الأراضي السودانية، من بينهم مسلحون من بعض القوميات الإثيوبية بينما لا تزال الحدود بين السودان وإثيوبيا تشهد توتراً وحشوداً عسكرية من الجانبين.
ونقلت وسائل إعلام سودانية «أول من أمس عن قائد القوات البرية بالجيش السوداني عصام محمد حسن كرار، أن الأسرى الإثيوبيين تمت معاملتهم وفق القانون الدولي، واتفاق جنيف لمعاملة الأسرى».
وأكد أن السودان «يلتزم بعلاقات حسن الجوار ولا يعتدي على أحد في حدوده أو أرضه»، محذراً في الوقت ذاته الإثيوبيين من دخول الأراضي السودانية بغير الإجراءات الرسمية.
وترفض الحكومة السودانية التراجع عن أراضيها، التي أعاد الجيش الانتشار فيها خلال الفترة الماضية، أو أي تفاوض في مسألة الحدود. وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، قد اتهم إثيوبيا بنقض الاتفاقيات التاريخية المبرمة بين البلدين.
وبدأ الجيش السوداني إعادة تجديد البنى التحتية في المناطق التي أعاد السيطرة عليها خلال العمليات العسكرية الأخيرة، بإنشاء الكباري والطرق. فيما تدرس الحكومة السودانية مبادرة تقدمت بها دولة الإمارات العربية المتحدة لتجاوز الخلافات بين السودان وإثيوبيا، ونزع فتيل التوتر الذي قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد العسكري على الحدود بين البلدين.
وتتضمن المبادرة شراكة بين الإمارات والمزارعين في المناطق التي تقع داخل السودان وتحت سيطرة وسيادة الحكومة السودانية.
من جهة أخرى، دفعت مواجهات جديدة سجّلت غرب دارفور في السودان، 1860 شخصاً إلى عبور الحدود إلى تشاد الأسبوع الماضي، وفق ما أعلنته أمس (الثلاثاء)، المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة.
وجاء في بيان للمتحدث باسم المفوضية بابار بالوش، أن «اللاجئين وغالبيتهم من النساء والأطفال والمسنين فروا من منازلهم في قرى قرب الحدود، بعد سلسلة مواجهات دامية بدأت في الثالث من أبريل (نيسان) الماضي»، وأوقعت 144 قتيلاً على الأقل.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، وبعد أسبوعين على انتهاء مهمة قوات السلام المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في الإقليم، أوقعت مواجهات مماثلة أكثر من مئتي قتيل، غالبيتهم سقطوا في ولاية غرب دارفور، التي تشهد اضطرابات وانعداماً للاستقرار.
وقال بالوش إن «اللاجئين الذين وصلوا إلى تشاد شهدوا الدمار، الذي لحق بمنازلهم وممتلكاتهم، وهجمات استهدفت مراكز إيواء النازحين». معلناً أن «الأوضاع الميدانية كارثية» في مكتب المفوضية العليا للاجئين في فرشانا.
وأضاف بالوش أن المهجّرين «بلا أي حماية تقريباً في منطقة يمكن أن تصل فيها الحرارة إلى 40 درجة مئوية في النهار».
ويعاني إقليم دارفور الواقع في غرب البلاد من اضطرابات منذ عام 2003 عندما حملت السلاح مجموعات تنتمي إلى أقليات أفريقية، بحجة تهميش الإقليم سياسياً واقتصادياً، في وجه حكومة الخرطوم التي ناصرتها مجموعات عربية.
وأسفرت أعمال العنف عن مقتل نحو 300 ألف شخص، ونزوح أكثر من 2,5 مليون، خصوصاً في السنوات الأولى للنزاع، وفق الأمم المتحدة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم