«مُتون الأهرام»... تراتيل الصعود إلى السماء

تؤرخ للأدب الجنائزي في مصر القديمة

«مُتون الأهرام»... تراتيل الصعود إلى السماء
TT

«مُتون الأهرام»... تراتيل الصعود إلى السماء

«مُتون الأهرام»... تراتيل الصعود إلى السماء

يعد كتاب «متون الأهرام - الصعود للسماء» أحد أهم النصوص الدينية التي تصور الحياة الأخرى فيما بعد الموت، في شكل رحلة ذات طقوس خاصة لا تخلو من مخاطر وشرور. الكتاب صدر حديثاً عن دار «تنمية» للنشر والتوزيع بالقاهرة، وأنجز المؤلف شريف الصيفي ترجمته من اللغة المصرية القديمة مُباشرة للنصوص الجنائزية التي وصلتنا مُدونة على جدران حجرات الدفن داخل عدة أهرامات في مصر، وقام بتقديم تعليق على تلك الترجمة مُدعمة بمراجع علمية وبحثية.
يدلنا الصيفي على «متون الأهرام» بصفتها «أقدم نص ديني دونه الإنسان على الإطلاق، والنبع الأول الذي فاضت منه كل صور الأدب الجنائزي في مصر القديمة وتطورت». وعلى الرغم من أن أول تدوين لها كان في عصر الأسرة الخامسة، فإن المُترجم يُرجح أنها مأخوذة عن نص أكثر قدماً لم يعثر عليه إلى اليوم، أو ربما نصاً شفاهياً «حفظته أفئدة الكهنة لسنوات طويلة، قبل أن تتطور اللغة للمستوى الذي وصلتنا به المتون»، على حد تعبيره.

- تعاويذ حماية
يُصور الكتاب، في 608 صفحات، رحلة صعود الملك للسماء، وما يرافقه من نصوص جنائزية، بشحنتها الدرامية السحرية الأقرب إلى التراتيل والتعاويذ التي تصاحبه لتقيه من شرور الأعداء المتربصين، كأنها زاده لبر الأمان والحياة الأبدية، لينعم بمعية إله الشمس «رع»، فلا تعرف روحه الفناء.
وتستعرض المتون الوسيلة التي سيصعد بها الملك للسماء: القوارب المصنوعة من البوص، أو الدرج الصاعد، أو عبر جناح الإله «تحوت»، أو تسلق الجبال، أو التحليق كالطيور عالياً، أو أن يرفعه الإله «حورس» بإصبعه إلى الأعالي على قارب «رع». وقد دونت تلك الرسوم على جدران حجرات الدفن داخل عدة أهرامات باللون الأخضر، بشكل عمودي، بعلامات هيروغليفية، كأنها مشحوذة بطاقات سحرية. وظلت تلك النصوص لغزاً راوغ علماء الآثار، وظل اكتشاف أسرارها يتراكم مع كل اكتشاف جديد لها داخل مزيد من غرف الدفن في أهرامات أخرى، فهل هي «تعاويذ» أم «وصايا» أخيرة للعناية بالملك الراحل في رحلة صعوده لمُستقره الأخير في السماء؟
اكتشفت «المتون» في بدايات ثمانينيات القرن التاسع عشر على يد ماسبيرو وبروجش في هرم «ونيس»، وكان هو أول من نشر تلك المتون في عام 1884، فيما أنجز كورت زيته بين 1908 و1922 عرضاً لتلك المتون، وترجمها في عمل ضخم يعد إلى اليوم مصدراً أساسياً للباحثين. ومع اكتشاف مزيد من الأهرامات، زادها عالم الآثار فولكنر لتصل المتون إلى 759 فصلاً.

- دراما وتراتيل
ويمكن تقسيم المتون إلى عدة مستويات، منها «النصوص الدرامية» التي يغلب عليها اللون الحُواري في سياق الطقس الديني، وهناك «التراتيل» التي تُتلى على لسان الكاهن في سياق حديثه للملك المتوفى، و«الابتهالات» القريبة الشبه بالتراتيل، و«فصول التجلي» التي تشغل حيزاً كبيراً داخل المتون، وتتعدد فيها الأصوات «حورس، أوزير، الكاهن، المرتل»، وتدور غالبيتها حول صعود الروح إلى السماء، وأخيراً «تعاويذ الحماية» التي ملأت المتون بالتعاويذ لمواجهة المخاطر والشرور، ومنها تعاويذ ضد بعض الوحوش، كالتماسيح وأنثى ابن آوي وفرس النهر، وكذلك الثعابين والديدان التي قد تؤذي جسد المُتوفى ومحتويات قبره. ويجمع الكتاب قسماً مُخصصاً للتعاويذ السحرية ضد الثعابين: «تصور المصري القديم أن طريقه في العالم الآخر محفوف بالمخاطر، وبكثير من الثعابين الفتاكة، لذا عجت المتون الجنائزية بعشرات التعاويذ ضد عدة أنواع من الثعابين». وكما يقول أحد النصوص من متون الملك «ونيس»:
«تراجع، أيها الثعبان الخفي، اختفِ
ولا تدع الملك (ونيس) يراك،
تراجع، أيها الثعبان الخفي، اختفِ
ولا تأتِ إلى المكان الذي يوجد فيه الملك (ونيس)
كي لا ينطق اسمك (ني نم ابن نمت)
حط البجع المقدس على سطح النيل،
فاهرب، اهرب، أيها الثعبان المتوحش،
أيها الثعبان (المُتربص في الليل)»
وعلى الرغم من أن هذه التعاويذ كُتبت للتصدي لأذى الثعابين، فإنه تظل لها حساسيتها التي كان يُدركها المصري القديم؛ يقول المترجم: «لا يجب أن نفترض أن العداء بين الملك المُتوفى والثعابين عداءُ جذري يستلزم فناء أحدهما، فالثعابين في النهاية كائنات مقدسة ينبغي الحذر منها، لكن دون قتلها».
وهناك طقوس تقديم القرابين التي تُتلى في أثناء تقديم القربان، وعادة ما كان يُطلق تعبير «عين حورس» على كل قربان، ويمر الكتاب على أصل حكاية حورس وعينه التي تعد القربان الذي ضحى به الابن في سبيل الأب خلال الصراع بين «حورس» وخصمه «ست»؛ عين حورس التي فقأها «ست»، واستعادها «تحوت» وطببها له، لُتصبح عين حورس، حسب المترجم «في ضررها وترميمها مرة أخرى رمز لوفاة الملك وتعافيه وتجدده. كما تشير إلى الاختفاء اليومي في نهاية كل نهار للشمس، ومعاودة شروقها صباحاً بعد ساعات الظلام. وتُعد أيضاً رمزاً للصحة والقوة والسلامة»:
«أيها الملك (ونيس) تقبل عين (حورس)
فقد طُببت لك ولن تفقدها ثانية».
ويمر الكتاب على طقوس حفظ الجسد وتقديم القرابين، تلك التي كانت حافلة بزخم من موائد القرابين، من لحم وطير وزيوت وعطور، إلى جانب الأدوات التي كانت تستخدم في الطقوس الجنائزية، وعلى رأسها «فأس فتح الفم» الذي يعد أحد أبرز الطقوس الجنائزية التي تسبق عملية الدفن. يقول الصيفي: «فكما تبدأ حياة الطفل بفتح الفم بالصراخ والرضاعة، فإن فتح فم المُتوفى يعطيه القدرة على الكلام وتلاوة التعاويذ والابتهال للآلهة في العالم الآخر، وعلى ممارسة بقية مظاهر الحياة من أكل وشرب. وكان يصاحب هذا الطقس عمليات التطهير وحرق البخور وإقامة ولائم فاخرة للملك، مع إراقة دم الذبيحة ودهن الجثة بالزيوت، وتقديم الثياب الملكية الفاخرة والصولجانات والتيجان إلى تماثيل الملك المتوفى، وتقريب الفخذ اليمنى الأمامية لأحد الثيران من فم الملك لإعادة الحياة إليه ومده بالقوة».

- مغزى الأسطورة
يلفت المترجم، في معرض تعليقه، إلى الحضور اللافت للأساطير المصرية التي كانت في طور التكوين بمتون الأهرام، بما يبرز حضور الملك في نسيج الأسطورة كأنه أحد أبطالها، ولعل أبرزها أسطورة «أوزير» و«ست»، ويقول عن ذلك: «لا تظهر الأسطورة في متون الأهرام بصفتها بنية سردية ذات تسلسل زمني للأحداث، بل في شكل تداخل مجموعة من الأدوار التي يعكس فيها تفكك عقدة الموت في الجانبين المادي والاجتماعي؛ في هذا التفكك يكمن الإنجاز والمغزى الحقيقي للأسطورة، بجعل الموت حدثاً قابلاً للعلاج».
ومن اللافت في كتاب «متون الأهرام» استشهاد المترجم في بعض المواضع بالخط الهيروغليفي لبعض العبارات والألفاظ التي يقول إن القصد منها هو أن تكون دليلاً للمتخصصين، ولكي تتعود عين القارئ على الكتابة المصرية؛ ربما كانت تحفيزاً على تعلم المزيد منها وعنها. ويُرجح شريف الصيفي أن علماء الآثار هم من أطلقوا على تلك المتون هذا الاسم (متون الأهرام)، أما النص الأصلي فهو بلا عنوان، ويميل إلى أن يطلق عليه اسم «سفر المعراج» أو «الصعود للسماء»، مشيراً إلى أن تلك النصوص ملكية في الأساس، ولم يصلنا أي دليل على أن الناس اتخذوها لأنفسهم في مقابرهم الخاصة، لكن مع نهاية الأسرة السادسة دُونت النصوص في أهرامات زوجات الملك «ببي» الثاني الثلاث.
و«متون الأهرام» هو الجزء الثاني من النصوص الجنائزية التي يقوم بإنجازها شريف الصيفي، بعد الجزء الأول «الخروج للنهار».



نصائح للحفاظ على رطوبة جسمك في رمضان

مفتاح ترطيب الجسم خلال أشهر الصيف الحارة شرب كثير من الماء (رويترز)
مفتاح ترطيب الجسم خلال أشهر الصيف الحارة شرب كثير من الماء (رويترز)
TT

نصائح للحفاظ على رطوبة جسمك في رمضان

مفتاح ترطيب الجسم خلال أشهر الصيف الحارة شرب كثير من الماء (رويترز)
مفتاح ترطيب الجسم خلال أشهر الصيف الحارة شرب كثير من الماء (رويترز)

قد يغفل كثير من الأشخاص الأهمية الكبيرة للحفاظ على رطوبة الجسم خلال ساعات الإفطار في شهر رمضان، لدعم صحة الجسم وتعزيز مستويات الطاقة به خلال الصيام.

ونقلت شبكة «سي إن إن» عن نظيمة قريشي، اختصاصية التغذية المسجلة في تورونتو، والمؤلفة المشاركة لكتاب «دليل رمضان الصحي»، قولها: «إن الخطأ الذي يرتكبه كثير من الناس في شهر رمضان هو عدم شرب كمية كافية من الماء، مما قد يؤدي إلى مشكلات في الجهاز الهضمي والجفاف وعدم الشعور بالراحة».

ومن جهته، قال الدكتور مايكل بيرسكين، طبيب أمراض الشيخوخة والطب الباطني في جامعة «نيويورك لانغون هيلث»، إن الجفاف إذا استمر لفترة طويلة يمكن أن يسبب ضرراً حقيقياً.

وأشار إلى أن «الجفاف قد يسبب شعوراً بالدوار والتهيج والتعب والصداع والخمول. وإذا كنت تعاني مرضاً قلبياً خفيفاً، فقد يؤدي الجفاف إلى زيادة معدل ضربات قلبك، وقد يؤدي ذلك إلى نوبة قلبية حادة أو سكتة دماغية».

ومن ناحيتها، أكدت الدكتورة لمى نزال، اختصاصية أمراض الكلى والأستاذة المساعدة في كلية «غروسمان» للطب بجامعة نيويورك، أن صحة الكلى أيضاً ترتبط ارتباطاً وثيقاً باستهلاك المياه، مشيرة إلى أن نقص المياه الكافية بمرور الوقت يمكن أن يؤدي إلى انخفاض وظائف الكلى.

تصل نسبة الماء في الخيار إلى 96 % (رويترز)

الإكثار من شرب الماء في فترة الإفطار

ينصح الخبراء بشرب أكبر كمية ممكنة من الماء قبل الصيام. وتقول لمى نزال إنه «بمجرد أن يكسر الناس صيامهم بعد غروب الشمس، يجب عليهم الاستمرار في شرب الماء طوال الليل».

وأضافت: «لا ينبغي لهم الشرب فقط عندما يشعرون بالعطش. يجب عليهم شرب السوائل بشكل عام طوال وقت الإفطار». وتنصح قريشي الناس بشرب كمية الماء نفسها في أيام الصيام كما يفعلون في يوم عادي.

وقال بيرسكين إن كبار السن عموماً لا يشربون كمية كافية من الماء، وبعضهم لا يفعل ذلك لأنهم قد يفقدون شعورهم بالعطش قليلاً. لذا، من المهم أكثر أن يشربوا مزيداً من الماء خلال شهر رمضان.

كن مبدعًا في تناول السوائل

ينصح الخبراء بالتنوع في تناول السوائل خلال ساعات الإفطار، وعدم الحصول عليها من الماء فقط.

وقالت قريشي: «يمكنك تناول الفواكه والخضراوات التي تحتوي على نسبة عالية من الماء، مثل البطيخ والخيار والحمضيات». لكنها أكدت أن هذا لا يعني أن يستبدل الأشخاص بالماء هذه الأطعمة؛ بل أن يتناولوها جنباً إلى جنب مع الماء. كما اقترحت قريشي بعض التعديلات على الماء لكسر الملل، مثل عصر القليل من الليمون عليه، أو إضافة شرائح الليمون أو النعناع إليه.

قلل من الكافيين

قد يؤدي شرب كثير من الكافيين إلى الإصابة بالجفاف. فالكافيين مدر للبول، مما يعني أنه يتسبب في إخراج الكلى مزيداً من الصوديوم والماء من الجسم عن طريق البول. وإذا لم يشرب الشخص كثيراً من الماء والسوائل لتعويض ذلك، فقد يصاب بالجفاف.