انحسار نفوذ «الجيش الحر» في القلمون لصالح «داعش» و«النصرة»

قطع الجيش اللبناني طرق إمدادها من عرسال قد يدفع بعضها إلى الفصائل المتطرفة

طفل نازح سوري في شرق عرسال اللبنانية يدفئ نفسه من برد الشتاء القارس (أ ب)
طفل نازح سوري في شرق عرسال اللبنانية يدفئ نفسه من برد الشتاء القارس (أ ب)
TT

انحسار نفوذ «الجيش الحر» في القلمون لصالح «داعش» و«النصرة»

طفل نازح سوري في شرق عرسال اللبنانية يدفئ نفسه من برد الشتاء القارس (أ ب)
طفل نازح سوري في شرق عرسال اللبنانية يدفئ نفسه من برد الشتاء القارس (أ ب)

كشف الناشط في منطقة القلمون أبو حمزة الشامي لـ«الشرق الأوسط»، عن انحسار نفوذ الجيش السوري الحر في القلمون لصالح تنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش» المتشددين، بعد قطع الجيش اللبناني خطوط الإمداد من عرسال، وفي مقابل حفاظ التنظيمات المتشددة على خطوط إمدادها من مناطق أخرى، وفي وقت يعاني الجيش الحر في جرود القلمون من ظروف إنسانية صعبة في فصل الشتاء.
وقال الشامي إنه منذ سقوط القلمون تحت سيطرة جبهة النصرة و«داعش»: «انتشرت فصائل الجيش الحر خارج المدن والقرى من جرود عسال الورد إلى جرود قارة والبريج، ولم تدخل أي من الفصائل إلى الأراضي اللبنانية أو تحتك مع الجيش اللبناني»، مشيرا إلى أن بعض عناصر الفصائل «كانوا يدخلون إلى الأراضي اللبنانية بغرض زيارة أفراد أسرهم التي تعيش في مخيمات اللجوء المنتشرة في القرى اللبنانية الحدودية، وليس لممارسة أي نشاط متصل بما يجري في الداخل السوري».
وأكد الشامي أنه على الرغم من عدم تدخل أي من فصائل الجيش الحر بمعركة عرسال التي اندلعت بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين متشددين في بلدة عرسال في 2 أغسطس (آب) الماضي، «تقلص دور ووجود هذه الفصائل بعد المعركة، لصالح الفصائل المتشددة بسبب تضييق الجيش اللبناني على هذه الفصائل وقطع طرق إمدادها، واعتقال قائد الجيش الحر في القلمون من قبل الجيش اللبناني لمدة قرابة الشهرين في أشد الأوقات حرجا، ونمو وتمدد الفصائل الأخرى نتيجة رفدها بعناصر جديدة وعتاد ومحافظتها على طرق إمداد من القلمون الشرقي».
وعلى الرغم من هذه الظروف الضاغطة، يؤكد الشامي أن 700 مقاتل من «(الحر) يحافظون الآن على أكثر من نصف مساحة الجرود، متمسكين بمواقعهم وبعزيمة على مقاومة النظام وتحرير القرى وبلدات القلمون بالتعاون والتنسيق مع فصائل الجيش الحر الموجودة في القلمون الشرقي». وأضاف أنه مع اقتراب فصل الربيع، ستصبح الظروف مهيأة لعملية التحرير «ومن هنا فإن أشد ما تحتاج إليه فصائل الجيش الحر في الجرود هو تأمين فتح خطوط إمداد لها، ورفدها بالعناصر، لأن استمرار الوضع على ما هو عليه في الجرود يجعل هؤلاء المقاتلين أمام خيار وحيد، وهو انضمامهم إلى الفصائل التي لديها خطوط إمداد». يضيف: «لا أعتقد أن للحكومة اللبنانية مصلحة في حدوث هذا الأمر».
ويعد القلمون بيئة طبيعية واجتماعية متجانسة، وهو عبارة عن منطقة جبلية قاسية التضاريس والمناخ، تشكل امتدادا لبادية الشام وتمتد من البريج شمالا إلى الدريج جنوباً، على مساحة 100 كيلومتر تقريبا. ويشكل القلمون نحو 40 في المائة من مساحة ريف دمشق، ويمتد على ما يزيد على 60 كيلومترا من الحدود اللبنانية السورية بتضاريس جبلية وعرة.
من جهته، قال الناشط محمد الخطيب، إن تضييق الجيش اللبناني على لقمة عيش أكثر من 1200 عائلة مدنية موجودة خارج حواجزه باتجاه الجرود، ومنع المنظمات والهيئات الإغاثية من الوصول إليهم، «سيدفعهم من دون أدنى شك للبحث عن وسيلة لاستمرارهم على قيد الحياة، بالالتجاء إلى الفصائل الأخرى (المتطرفة) تحت ضغط الحاجة لتأمين لقمة العيش، وهو ما لا ترغب فيه الحكومة اللبنانية بالطبع، خصوصا في أعقاب المواجهات التي تدور بين الجيش اللبناني وعناصر داعش التي تحاول وبشكل مستمر إحداث خرق من جهة جرود بلدات رأس بعلبك والقاع، لاعتقادها أن تلك المناطق خاصرة رخوة، تربط القلمون بالساحل اللبناني».



مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
TT

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

تجدد الحديث عن وقائع العنف بين طلاب المدارس في مصر، مع حادثة مقتل طالب في محافظة بورسعيد طعناً على يد زميله، ما أثار مخاوف من انتشاره، في ظل وقوع حوادث مماثلة بوقت سابق في محافظات مختلفة.

وشغلت المصريين خلال الساعات الماضية واقعة شهدتها مدرسة بورسعيد الثانوية الميكانيكية بمحافظة بورسعيد في مصر، الأحد، بعدما تداول مدونون «اتهامات عن تعدي طالب على آخر بسلاح أبيض ما أصابه بطعنة نافذة في القلب، أدت إلى وفاته».

وكشف وزارة الداخلية المصرية، الاثنين، ملابسات الحادث، مشيرة، في بيان، إلى أن عملية الطعن جاءت على خلفية مشاجرة نشبت بين الطالبين في فناء المدرسة، و«أنه بالانتقال وسؤال شهود الواقعة أفادوا بقيام طالب بالتعدي على المجني عليه بسلاح أبيض (مطواة) كانت بحوزته، فأحدث إصابته، ولاذ بالهرب بالقفز من أعلى سور المدرسة».

وعقب تقنين الإجراءات، وفق البيان، تم «ضبط مرتكب الواقعة بمكان اختبائه بالقاهرة، كما تم ضبط السلاح المستخدم في ارتكاب الواقعة».

وجاء التعقيب سريعاً من وزارة التعليم، حيث أكد الوزير محمد عبد اللطيف، أن «الوزارة لن تتهاون في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حماية أبنائها الطلاب، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، وسلامة سير العملية التعليمية في جميع محافظات الجمهورية».

وشدد في بيان، الاثنين، على أنه «لن يتم القبول بتكرار مثل هذا الحادث، أو أي تجاوزات من قبل الطلاب أو المعلمين أو أي مسؤول، وأي تجاوز ستتعامل معه الوزارة بإجراءات صارمة وحازمة».

وكانت الوزارة، في أول رد فعل عقب الحادث، اتخذت إجراءات عاجلة ومشددة تضمنت إلغاء تكليف مديرة المدرسة، وتحويل جميع المسؤولين في المدرسة إلى الشؤون القانونية.

ويدرس نحو 25 مليون طالب وطالبة في مرحلة التعليم الأساسي في مصر، تضمهم 60 ألف مدرسة، بحسب بيانات وزارة التربية والتعليم.

الواقعة أثارت تفاعلاً، وأعادت الحديث عن جرائم مشابهة، منها ما شهدته محافظة سوهاج (صعيد مصر)، قبل أيام، من إصابة طالب بالصف الأول الثانوي بجرح قطعي بالرقبة إثر تعدي زميله عليه بسلاح أبيض «كتر» إثر مشادة كلامية لوجود خلافات سابقة بينهما، بحسب وسائل إعلام محلية.

وزارة التعليم المصرية تسعى لحماية الطلاب وتطبيق أسس وقواعد التربية السليمة (الشرق الأوسط)

وخلال يوليو (تموز) الماضي، أقدم طالب بالثانوية العامة في محافظة بورسعيد أيضاً، على طعن زميله داخل إحدى لجان امتحانات الثانوية العامة، بدعوى عدم السماح له بالغش منه. وتكررت الواقعة للسبب نفسه خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، عندما طعن طالب ثانوي بالإسكندرية زميله بآلة حادة عقب الخروج من لجنة الامتحان لعدم تمكينه من الغش، حيث استشاط غضباً لعدم مساعدته.

ومن قبلها في شهر مارس (آذار)، قُتل طالب على يد زميله بسلاح أبيض «كتر» أمام مدرسة ثانوية بمحافظة القليوبية، بسبب معاكسة فتاة.

الخبير التربوي المصري، الدكتور حسن شحاتة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، يرجع مثل هذه الوقائع إلى «السلوك العدواني، الذي يكتسبه الطلاب من البيئة والمجتمع خارج المدرسة، من خلال مشاهدة التلفزيون وأفلام العنف، والألعاب العنيفة، وبالتالي ينقلونه إلى داخل المدرسة».

ولفت إلى أن «وقف هذا العنف مسؤولية مشتركة، فالأسرة عليها مهمة تجنيب الأبناء صور وأشكال السلوك العدواني، إلى جانب إفهام الطالب الخطأ من الصواب داخل المدرسة، والقوانين المنظمة للدراسة، والتشديد على الالتزام الأخلاقي داخل المؤسسة الدراسية، وكيف أنها مكان مقدس مثل دور العبادة».

ولا تمثل هذه الوقائع ظاهرة، وفق شحاتة، فهي «حوادث معدودة في ظل وجود 25 مليون طالب في مصر»، مبيناً أنه «مع ارتفاع كثافة الفصول، وعدم وجود أنشطة مدرسية مناسبة للتلاميذ، مما يؤدي إلى عدم تفريغ الشحنات الانفعالية لهم، وهنا يأتي دور المدرسة في إيجاد أنشطة في المدرسة رياضية وموسيقية وفنية، يمارسها الطلاب لتهذيبهم، مع وجود دور للمُعلم في تعليمهم السلوك السوي مع بعضهم البعض».

ويوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة المصرية اليابانية، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الحوادث تعد «أعراضاً لتراجع النظام التعليمي»، وغياب «القيم التربوية».

ويلفت «صادق» إلى أن هذه الحوادث تعد امتداداً لإرث معروف بين الأسر تنصح به أطفالها، مثل عبارات: «لو حد ضربك في المدرسة اضربه» أو «خد حقك»، الذي معه «يقرر الطالب الاعتماد على نفسه في الحصول على حقه»، بينما الطبيعي، وفق صادق، عند تعرض الطالب لعنف أو تنمر «يشتكي للمعلم، ويرفع الأمر للإدارة لأخذ موقف ومعاقبة الطالب المعتدي؛ لكن مع غياب المعلم المؤهل وضعف إدارات المدارس، يغيب ذلك العقاب، وبالتالي نجد هذا العنف».