إعلان حكومة حوثية مصغرة.. و«الثورية العليا» تنتقد مجلس الأمن وتبعث برسالة طمأنة لدول الخليج

بنعمر يزور هادي في منزله المحاصر.. ووزيرة الإعلام تؤكد أن الرئيس المستقيل بحاجة للعلاج في الخارج فورًا

جانب من جلسة مجلس الأمن حول اليمن في نيويورك مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
جانب من جلسة مجلس الأمن حول اليمن في نيويورك مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

إعلان حكومة حوثية مصغرة.. و«الثورية العليا» تنتقد مجلس الأمن وتبعث برسالة طمأنة لدول الخليج

جانب من جلسة مجلس الأمن حول اليمن في نيويورك مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
جانب من جلسة مجلس الأمن حول اليمن في نيويورك مساء أول من أمس (أ.ف.ب)

أعربت ما تسمى «اللجنة الثورية العليا» في اليمن، أمس، عن رفضها لقرار مجلس الأمن الدولي الصادر في وقت متأخر مساء أول من أمس، ودعت، في بيان لها، مجلس الأمن الدولي إلى احترام إرادة الشعب اليمني وعدم إذكاء الصراعات، كما انتقدت اللجنة برئاسة محمد علي الحوثي الحاكم الفعلي لليمن، مقررات الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، لكنها في الوقت نفسه بعثت برسالة طمأنة لدول الخليج تؤكد فيها أن ما يحدث لا يستهدفهم حاليا أو مستقبلا.
وكشف الحوثيون، أمس، عن هوية أعضاء هذه اللجنة التي تدير اليمن، حاليا من القصر الجمهوري بصنعاء، حيث ضمت القائمة عددا من الأسماء، هم: سفر الصوفي، يوسف الفيشي، محمد علي عبد الكريم الحوثي، د. طه أحمد المتوكل، خالد المداني، محمد محمد المقالح، محمد أحمد مفتاح، طلال عبد الكريم عقلان، صادق عبد الله أبو شوارب، عبده بشر، نايف القانص، ابتسام محمد محمد الحمدي، علياء فيصل عبد اللطيف الشعبي، صالح عبد الله صائل، أحمد أحمد الرازحي (مكتب اللجنة)، وتوكل إلى هذه اللجنة إدارة شؤون البلاد تحت إشراف رئيس اللجنة محمد علي الحوثي، الذي يعد الرئيس الفعلي لليمن حاليا. وحسب مصادر رسمية فقد ناقشت اللجنة في اجتماع أمس، موضوع تسيير شؤون الدولة خلال الفترة المقبلة، عبر أعضائها الذين باتوا بمثابة حكومة مصغرة لإدارة شؤون اليمن.
ودعت اللجنة الثورية العليا، في اجتماع عقدته أمس بالقصر الجمهوري، مجلس الأمن «إلى احترام إرادة الشعب اليمني وسيادته، وتحري الدقة والموضوعية، وعدم الاستناد إلى المصادر المضللة، والانجرار وراء قوى إقليمية تسعى جاهدة إلى إلغاء إرادة الشعب اليمني، في انتهاك سافر للمواثيق الدولية التي تجرم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ومحاولة التأثير على إرادة الشعوب في التعبير عن خياراتها السياسية»، في إشارة واضحة إلى دول مجلس التعاون الخليجي.
وقالت اللجنة إنها إذ «تبدي استغرابها من مثل هذه المواقف السلبية، فإنها في ذات الوقت تدعو الإخوة الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي إلى مراجعة مواقفهم تجاه الشعب اليمني وثورته العادلة التي استهدفت تقويم انحراف السلطة، وسد الفراغ الحاصل فيها نتيجة الاستقالة المتزامنة لرئيس الجمهورية والحكومة»، مشيرة إلى أن ما صدر عن الثورة من إجراءات «لا تستهدف الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي لا في الحال ولا في المستقبل.. وأن ذلك كان واضحا جليا في الإعلان الدستوري». وأضافت اللجنة «الأمر المستغرب أشد الاستغراب أن تواجه دول مجلس التعاون الخليجي الموقف الإيجابي للثورة اليمنية بمواقف سلبية تستهدف الشعب اليمني دون مبرر»، حسب تعبير البيان.
ومضت اللجنة، التي يمارس رئيسها، محمد علي الحوثي، مهام الرئيس من داخل القصر الجمهوري بصنعاء، في التأكيد على أن هناك مؤامرة خارجية تستهدف ما تسمى الثورة، وخاطبت اليمنيين بالقول إن «ثورتكم المباركة تشق طريقها بثبات وقوة متجاوزة كل الصعوبات والمعوقات ومقتحمة تركة عقود من الفساد والارتهان والصراعات العبثية والانصياع المطلق للرغبات الخارجية».
وعلقت اللجنة على اتخاذ عدد من الدول العربية والأجنبية قرارات بإغلاق سفاراتها في صنعاء أو تعليق أعمالها جراء تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية، واعتبرت أن الإغلاق أو التعليق أو إحراق الوثائق يمثل إساءة من هذه الدول إلى العلاقات الدبلوماسية، وما يحكمها من أعراف دولية: «ولم يكن ذلك نتيجة اختلالات أمنية في العاصمة صنعاء، وإنما يعبر عن استعجال في تبني مواقف غير ناضجة»، ووصفت اللجنة بعض المواقف بـ«السلبية».
في غضون ذلك، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بنعمر أنه قام، أمس، بزيارة إلى الرئيس المستقيل، عبد ربه منصور هادي في منزله المحاصر بداخله وقال بنعمر، في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «قمت اليوم الاثنين بزيارة الرئيس عبد ربه منصور هادي في مقر إقامته المحاصرة بمجموعات مسلحة تابعة لـ(أنصار الله)، وجددت في بداية اللقاء التعبير عن رفضي المطلق للإقامة الجبرية المفروضة عليه، كما أطلعته على القرار التي تبناه مجلس الأمن فجر اليوم والذي يدعو من بين ما يدعو إليه إلى الرفع الفوري واللامشروط للإقامة الجبرية المفروضة عليه وعلى رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة».
وأضاف مستشار الأمين العام للأمم المتحدة «تباحثنا بعد ذلك في مضمون قرار مجلس الأمن 2201. حيث أكدت للرئيس هادي أنه يجسد استمرار التوافق الدولي حول اليمن ويحمل رسالة واضحة لكل الأطراف السياسية تدعوهم إلى وقف أي إجراءات أحادية والعودة إلى نهج التوافق الذي اختاره اليمنيون سبيلا لحل مشاكلهم منذ التوقيع على المبادرة الخليجية، وقد وضعت الرئيس هادي في أجواء المفاوضات التي أشرف عليها وأطلعته على مختلف الخيارات التي تناقشها المكونات والأحزاب السياسية، وفي آخر اللقاء وعدت الرئيس بالبقاء على تواصل دائم معه وإطلاعه بآخر مستجدات المفاوضات، كما أكدت له أننا سنستمر في جهودنا لرفع الإقامة الجبرية عنه وعن رئيس الوزراء ولوضع حد لبقية التجاوزات التي أشار لها قرار مجلس الأمن ودعا إلى وقفها فورا ودون شروط».
وأشار بنعمر إلى أنه أجرى اتصالا هاتفيا بأمين عام الجامعة العربية، الدكتور نبيل العربي وأنه ناقش معه «آخر المستجدات على الساحة اليمنية وتفاعل دول المنطقة والمجتمع الدولي معها»، ونقل المبعوث الأممي عن العربي تأكيده أن «الجامعة العربية ستعقد اجتماعا طارئا يوم الأربعاء المقبل (غدا) لمناقشة الأزمة اليمنية الراهنة، كما أعرب لي عن دعمه ودعم الجامعة العربية للمفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة لإيجاد حل تفاوضي وسلمي للأزمة الراهنة ولإعادة العملية السياسية إلى مسارها الطبيعي من أجل استكمال مهام واستحقاقات الانتقال السياسي طبقا لمقتضيات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة».
من ناحية ثانية، كشفت نادية السقاف، وزيرة الإعلام في الحكومة اليمنية المستقيلة أن الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي في حالة صحية حرجة تستدعي سفره إلى الخارج للعلاج فورا، وأشارت على حسابها في «تويتر» إلى أنها زارت الرئيس هادي برفقة وزيرين آخرين، أمس، وأن هادي يعاني من أزمات صحية في القلب، وكان الحوثيون الذين يفرضون إقامة جبرية على هادي منذ الشهر الماضي، ربطوا موافقتهم على سفره إلى العلاج في الخارج بالتوصل إلى تسوية سياسية، وكان مجلس الأمن الدولي أكد على ضرورة رفع الإقامة الجبرية عن هادي، كما ندد الاتحاد الأوروبي بتقييد حركة الرئيس.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».