الليرة التركية تقود خسائر الأسواق الناشئة وسط ضغوط خانقة

الميزان التجاري يواصل التدهور والبطالة مستمرة في التوحش

تصدرت الليرة التركية الخسائر في أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا مع تنامي مخاوف المستثمرين بشأن تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد (رويترز)
تصدرت الليرة التركية الخسائر في أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا مع تنامي مخاوف المستثمرين بشأن تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد (رويترز)
TT

الليرة التركية تقود خسائر الأسواق الناشئة وسط ضغوط خانقة

تصدرت الليرة التركية الخسائر في أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا مع تنامي مخاوف المستثمرين بشأن تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد (رويترز)
تصدرت الليرة التركية الخسائر في أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا مع تنامي مخاوف المستثمرين بشأن تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد (رويترز)

تراجعت الليرة التركية، الاثنين، مع تنامي مخاوف المستثمرين بشأن تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، بينما عانت الأسهم في الأسواق الناشئة أسوأ انخفاض لها في نحو 3 أسابيع مع اقتراب موسم أرباح الشركات.
وتراجعت الليرة بنحو 0.7 في المائة مقابل الدولار، متصدرة الخسائر في أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، بعد أن أظهرت بيانات عجزاً في الحساب الجاري التركي أعلى من المتوقع في فبراير (شباط) الماضي، بينما ارتفع معدل البطالة أيضاً.
وقفزت توقعات التضخم في تركيا خلال الأسابيع الأخيرة وسط شكوك حول ما إذا كان البنك المركزي سيبقي سياسته مشددة، وسط ضغوط مستمرة من الحكومة والرئيس رجب طيب إردوغان لخفض أسعار الفائدة.
ومن المتوقع أن يتخذ البنك المركزي قراراً بشأن أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا الأسبوع، مع استمرار انخفاض تداول الليرة بعد أن ألقت إطاحة أربعة رؤساء للبنك المركزي في عامين بظلال من الشك على مصداقيتها. وقال محللون في «كومرتس بنك»: «لا يهم حقاً ما إذا كان سعر الفائدة الأساسي قد جرى تخفيضه فوراً، أم بعد بضعة أشهر، أم لا على الإطلاق... وما دام لا يوجد احتمال موثوق به لقيام البنك المركزي التركي برفع أسعار الفائدة بشكل كامل وبحرية من أجل إعادة التضخم بسرعة نحو الهدف، فإن النظرة المستقبلية لليرة تظل كما هي».
وتراجعت عملات الأسواق الناشئة الأخرى حيث تحول التركيز إلى بيانات التضخم الأميركية المقرر إعلانها الثلاثاء. وبينما سجلت عملات الأسواق الناشئة مكاسب صغيرة الأسبوع الماضي بسبب ضعف عوائد الدولار وسندات الخزانة، خشي المستثمرون من أن ارتفاع التضخم أكثر من المتوقع قد يؤدي إلى ارتفاع آخر في العملة الأميركية.
وفي أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، تراجع الراند في جنوب أفريقيا بنسبة 0.4 في المائة، بينما انخفض الروبل الروسي بنسبة 0.5 في المائة. كما تراجعت عملات وسط أوروبا مقابل الدولار واليورو بعد تسجيل مكاسب قوية الأسبوع الماضي.
وأظهرت بيانات البنك المركزي التركي، الاثنين، استمرار عجز ميزان الحساب الجاري لتركيا خلال فبراير الماضي للشهر السادس عشر على التوالي، في ظل استمرار تدهور الميزان التجاري.
وذكر البنك أن عجز ميزان الحساب الجاري بلغ خلال فبراير الماضي 2.61 مليار دولار، مقابل 1.4 مليار دولار خلال الشهر نفسه من العام الماضي. وكان متوسط تقديرات 17 محللاً استطلعت وكالة «بلومبرغ» آراءهم يشير إلى ارتفاع العجز إلى 2.5 مليار دولار فقط.
من ناحية أخرى، ارتفع الاحتياطي الرسمي لتركيا من النقد الأجنبي خلال فبراير الماضي بمقدار 925 مليون دولار، في إطار تعهد محافظ البنك المركزي السابق ناجي أقبال الذي أُقيل خلال الشهر الماضي بتعزيز الاحتياطي النقدي لتركيا. واتسم احتياطي النقد الأجنبي التركي بالتقلب خلال أغلب شهور العام ونصف العام الماضية، بسبب بيع البنوك الحكومية الدولارات لدعم الليرة التركية التي تتراجع أمام العملة الأميركية.
في الوقت نفسه، زاد العجز التجاري لتركيا خلال فبراير الماضي بنسبة 8.7 في المائة إلى 3.3 مليار دولار مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. ووصل إجمالي عجز الحساب الجاري لتركيا خلال 12 شهراً حتى نهاية فبراير الماضي إلى 37.8 مليار دولار.
كما أعلن «مكتب الإحصاءات التركي»، الاثنين، ارتفاع معدل البطالة في تركيا خلال شهر فبراير الماضي إلى 14.1 في المائة، بعدما بلغ 12.4 في المائة خلال يناير (كانون الثاني) الماضي. وارتفع معدل البطالة بعد حساب المتغيرات الموسمية إلى 13.4 في المائة خلال فبراير الماضي، مقارنة بـ12.7 في المائة خلال الشهر نفسه من عام 2020.
وارتفع عدد العاطلين إلى 4.236 مليون في فبراير، مقارنة بـ4.022 مليون خلال الشهر نفسه من عام 2020.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.