16 قتيلاً بصفوف الحوثيين في قتال عنيف في البيضاء

محللون سياسيون يحذرون من حرب أهلية في ظل قمع المظاهرات المناوئة لـ«أنصار الله»

16 قتيلاً بصفوف الحوثيين في قتال عنيف في البيضاء
TT

16 قتيلاً بصفوف الحوثيين في قتال عنيف في البيضاء

16 قتيلاً بصفوف الحوثيين في قتال عنيف في البيضاء

قالت مصادر محلية مطلعة في محافظة البيضاء بوسط اليمن، أمس، لـ«الشرق الأوسط» إن ما لا يقل عن 15 مسلحا حوثيا لقوا مصرعهم في مواجهات مع رجال القبائل وعناصر مسلحة محسوبة على تنظيم «أنصار الشريعة» التابع لتنظيم القاعدة، وذلك في سياق محاولات الحوثيين بمساعدة من بعض الوحدات العسكرية، فرض سيطرتها العسكرية والأمنية على المحافظة، بصورة كاملة، بعد السيطرة على بعض المناطق والمديريات، خلال الأيام القليلة الماضية، وخسر الحوثيون، الأيام الماضية، العشرات من مقاتليهم في معارك وعمليات عسكرية بمحافظة البيضاء.
وذكرت المصادر أن المواجهات مستمرة ومتصاعدة وأن «الحوثيين يهدفون إلى السيطرة الكاملة على محافظة البيضاء وإخضاعها عسكريا، لأنها تمثل مدخلا نحو المحافظات الجنوبية ومحافظة مأرب، وجميعها مناطق غنية بالنفط وقليلة السكان»، وأشارت المصادر إلى أن الحوثيين «يستخدمون قوات الجيش في ضرب المواطنين بحجة قتال العناصر التكفيرية، وهي مجموعات محدودة، الأمر الذي استدعى أن تتحالف بعض القبائل، مع تلك الجماعات من أجل منع التوسع الحوثي الهادف إلى الهيمنة والسيطرة وليس بسط الأمن والاستقرار»، وأكدت تلك المصادر القبلية والمحلية أن «الحوثيين يقومون بهذه الحروب المذهبية تحت مبررات واهية وسوف يقودون البلاد إلى حروب مذهبية وطائفية، كما حدث في قبل مئات الأعوام بين القبائل والمذاهب اليمنية».
على صعيد آخر، تشهد محافظة إب بوسط اليمن ولليوم الثالث على التوالي مظاهرات مناهضة لجماعة الحوثي ولانقلابها على السلطة، في الوقت الذي كثفت فيه ميليشيا الحوثيين من عمليات قمعها واستخدامها للعنف ضد المتظاهرين، وقالت مصادر محلية بإب إن عددا آخر من المتظاهرين سقطوا جرحى برصاص الحوثيين، وأظهرت بعض الصور استخدام العنف المفرط بحق المحتجين في المحافظة.
ويعلق على التطورات الجارية هناك، الكاتب الصحافي نجيب الغرباني بالقول لـ«الشرق الأوسط» إن «التوسع الحوثي في المحافظات السنية، ومنها محافظة إب، كرس التوتر الطائفي الذي يعمق من الصراعات وخلق مشكلة طائفية، كما خلق هذا التوسع بيئة مناسبة لظهور (أنصار الشريعة) وحدوث كارثة المركز الثقافي وسقوط الكثير من الضحايا». وأضاف الغرباني أن «اليمن سيواجه الجماعات المسلحة، خاصة بعد خروج المظاهرات المكثفة ووصف (أنصار الله) للمناهضين لهم بـ(الدواعش) و(التكفيريين) ولديهم إصرار على قمع المظاهرات السلمية بالرصاص الحي، وهذا ما يزيد من تفاقم اضطراب أحوال الدولة وفقدان السلطة، وأعتقد أن قمع المظاهرات وقتل واختطاف المتظاهرين، يعد مؤشرا خطيرا، إضافة إلى انهيار البنية السياسية والشراكة وقد تتطور الأمور إلى حرب أهليه وسقوط اليمن وانتقال الصراع إلى دائرة أكبر مما يعزز التدخل الخارجي وإعلان اللجان الثورية لجماعه (أنصار الله) معناه مزيد من تمزيق أوصال المجتمع المدني ولهذا ستتفاقم المظاهرات والاعتصامات في الأيام المقبلة في الكثير من المحافظات التي يوجد فيها الحوثيون والرافضة لوجودهم، مما سيؤدي إلى احتدام صراع شامل وحرب أهليه، إذا لم يتم الوصول إلى مخرج حقيقي للأزمة».
هذا وتعد البيضاء وإب من المحافظات اليمنية الوسطى التي شهدت، في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، صراعا مسلحا إبان ما عرفت بحرب المنطقة الوسطى التي كانت طرفا فيها الجبهة الوطنية الديمقراطية المدعومة من نظام الجنوب في عدن، وقوات الجيش الشمالية التابعة للنظام في صنعاء.



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.