مسؤولو استخبارات: انقطاع الكهرباء في «نطنز» حادثة تخريب إسرائيلية

الانفجار سبب أضراراً قد يستغرق إصلاحها 9 أشهر على الأقل

مشهد لمنشأة «نطنز» النووية وسط إيران (إ.ب.أ)
مشهد لمنشأة «نطنز» النووية وسط إيران (إ.ب.أ)
TT

مسؤولو استخبارات: انقطاع الكهرباء في «نطنز» حادثة تخريب إسرائيلية

مشهد لمنشأة «نطنز» النووية وسط إيران (إ.ب.أ)
مشهد لمنشأة «نطنز» النووية وسط إيران (إ.ب.أ)

تعرضت منشأة «نطنز» الإيرانية لتخصيب اليورانيوم، أمس (الأحد)، لانقطاع تام في التيار الكهربائي الذي يبدو أنه نجم عن تفجير متعمد، تلك الحادثة التي وصفها المسؤولون الإيرانيون بأنها عمل تخريبي واضح، وأن أصابع الاتهام تشير إلى إسرائيل.
وأسفرت حادثة انقطاع الكهرباء عن نشوء حالة جديدة من عدم اليقين في الجهود الدبلوماسية التي كانت قد بدأت الأسبوع الماضي بهدف إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 والذي انسحبت منه الإدارة الأميركية في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب.
لم تفصح الحكومة الإيرانية، على وجه التحديد، عن السبب الحقيقي وراء انقطاع التيار الكهربائي عن المنشأة النووية شديدة الحراسة، والتي تعرضت لعمليات تخريبية سابقة. كما رفضت الحكومة الإسرائيلية علناً تأكيد أو نفي أي مسؤولية تتعلق بالحادثة. غير أن مسؤولين من أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية أفادوا بدور لإسرائيل في تلك الحادثة الأخيرة.
وأفاد اثنان من مسؤولي الاستخبارات، ممن اطلعوا على الأضرار الواقعة، بأن الحادثة نجمت عن انفجار كبير تسبب في تدمير نظام الطاقة الداخلي المستقل - فائق الحماية - داخل المنشأة، والذي يقوم بتزويد الطاقة لأجهزة الطرد المركزي المعنية بتخصيب اليورانيوم تحت سطح الأرض.
كما أفاد المسؤولون، الذين وافقوا على الحديث شريطة حجب هوياتهم بسبب مناقشة عملية إسرائيلية سرية، بأن ذلك الانفجار قد وجه ضربة بالغة القوة والقسوة ضد القدرات الإيرانية على تخصيب اليورانيوم، وبأن إصلاح الأضرار ربما يستغرق 9 أشهر على الأقل حتى استعادة منشأة «نطنز» النووية قدرتها الكاملة على العمل.
وإن كان الأمر كذلك، فإن مستوى النفوذ الإيراني خلال المحادثات الجديدة التي تسعى إليها الإدارة الأميركية لاستعادة العمل بالاتفاق النووي الإيراني الأسبق ربما يتعرض للاهتزاز الشديد. وكانت الحكومة الإيرانية قد أعلنت عن اتخاذ إجراءات قوية، ومحظورة بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، وذلك حتى يتم إلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قبل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
ولم يتضح حتى الآن مستوى التقارير المسبقة - إن وجدت - التي حصلت عليها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن عملية منشأة «نطنز»؛ تلك التي وقعت في صباح أمس (الأحد) نفسه الذي شهد زيارة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إلى إسرائيل. غير أن المسؤولين في إسرائيل قد أعربوا عن استيائهم الواضح إزاء رغبة الرئيس جوزيف بايدن في إحياء الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحبت منه الإدارة الأميركية السابقة في عام 2018.
كان علي أكبر صالحي، رئيس هيئة الطاقة النووية الإيرانية، قد وصف حادثة انقطاع التيار الكهربائي عن منشأة «نطنز» بأنها عمل من أعمال الإرهاب النووي.
وكانت إسرائيل، التي تعدّ إيران خصماً لدوداً، قد حاولت تخريب الأعمال النووية الإيرانية في غير مناسبة من قبل عبر تكتيكات تتراوح بين الهجمات السيبرانية البعيدة، وتنفيذ عمليات الاغتيال المباشرة.

* خدمة «نيويورك تايمز»



«طاردات» إيران... الطريق الطويل نحو القنبلة النووية

TT

«طاردات» إيران... الطريق الطويل نحو القنبلة النووية

صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لشباب يقفون أمام نماذج لأجهزة الطرد المركزي في يونيو 2023
صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لشباب يقفون أمام نماذج لأجهزة الطرد المركزي في يونيو 2023

في خطوة لجأت إليها إيران في مناسبات مختلفة منذ سنوات، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران «تنوي بالفعل نصب أجهزة طرد مركزي جديدة».

وقالت «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، إنها اطلعت على تقرير «طي السرية» للوكالة الدولية يؤكد أن إيران تنوي نصب 6 آلاف جهاز طرد مركزي، لتخصيب اليورانيوم بمستويات مختلفة.

وجاء في التقرير أن «إيران أبلغت الوكالة» بنيتها وضع هذه الآلات في الخدمة في موقعَي «فوردو» و«نطنز» بمعدل تخصيب يصل إلى 5 في المائة؛ أي ما يزيد قليلاً على النسبة المسموح بها بموجب الاتفاق الدولي لعام 2015 والتي تبلغ 3.67 في المائة.

واتُّخذ هذا الإجراء رداً على اعتماد الوكالة في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) قراراً منتقداً لطهران بمبادرة من الغرب.

ويوم الخميس، هددت إيران بالمضي نحو امتلاك أسلحة نووية في حال استمرار الضغوط الغربية عليها.

وأفاد وزير الخارجية عباس عراقجي، في تصريح صحافي، بأن «استمرار التهديد الغربي بإعادة فرض العقوبات قد يدفع النقاش داخل إيران نحو امتلاك أسلحة نووية».

ما «الطرد المركزي»؟

هي أجهزة دقيقة تضم أسطوانات تدور بسرعة تفوق كثيراً سرعة الصوت، لجمع ذرات اليورانيوم المخصب بعد عمليات مكررة لمرات عدة.

ولشرح أسلوب عمل «الطرد المركزي»، فإن أسطوانات الدوران تشبه إلى حد كبير أجهزة المختبرات الطبية التي تُستخدم لفحص الدم؛ إذ ينتج عن دوران الأسطوانة فصل مكونات الدم عن بعضها.

وبالنسبة لليورانيوم، ينتج عن دوران أسطوانات جهاز الطرد المركزي فصل الذرات الخفيفة لليورانيوم عن الثقيلة، ليسهل استخدامها في إنتاج الطاقة المهمة لصناعة القنبلة النووية.

ويحتاج إنتاج 20 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء 90 في المائة لصنع رأس نووي واحد بقوة تفجيرية محدودة، إلى نحو 1500 جهاز طرد مركزي من الأجيال المتقدمة؛ الخامس والسادس، على أن تستمر العمليات الفنية فيها عدة أشهر دون توقف.

وتمتلك إيران 1044 جهاز طرد مركزي في مفاعل «فوردو» وحده، طبقاً لتصريحات الرئيس مسعود بزشكيان الذي طلب في وقت سابق هذا الشهر من منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن تبدأ ضخ الغاز في هذه الأجهزة.

وتؤكد الخارجية الأميركية أن أنشطة تخصيب اليورانيوم في إيران «خطوة كبيرة في الاتجاه الخطأ»، وأنها «يمكن في نهاية المطاف أن تساعدها على امتلاك سلاح نووي في حال قررت ذلك».

وبحسب تقارير لـ«رويترز» و«وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن عمليات التخصيب تسبق مرحلة دوران اليورانيوم في جهاز الطرد المركزي.

ويحول التخصيب الخام الطبيعي إلى عناصر قابلة للاستخدام في إنتاج الطاقة، سواء للأغراض السلمية أو لصناعة رأس نووي لسلاح فتاك.

مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة في منشأة «نطنز» في 8 أغسطس (أ.ب)

الخلاف

تلزم معاهدة حظر الانتشار النووي، الموقعة عام 2015 بين طهران ودول غربية، بتشغيل أجهزة الطرد المركزي المتطورة لتجميع اليورانيوم حتى يناير (كانون الثاني) 2027.

والفرق بين الجيل الأول لأجهزة الطرد المركزي والأجيال الأخرى، وصولاً إلى السادس، هو سرعة الأخيرة الفائقة، والتي تساعد حتماً على إنتاج الطاقة اللازمة، فرضياً، لصناعة قنبلة نووية.

وقبل إبرام الاتفاق، وفي ذروة برنامجها النووي، كانت إيران تشغل 10204 أجهزة طرد مركزي من الجيل الأول (بسرعة محدودة) في «نطنز» و«فوردو»، وقد سمحت لها المعاهدة بتشغيل نحو نصف هذا العدد.

محطات بارزة في طريق «النووي»

لكن تشغيل الأجهزة مر بمحطات متباينة ما بين التصعيد والتهدئة، وفقاً لطبيعة المفاوضات أو الخلافات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ورغم أن ما نصبته إيران من «الطاردات المركزية» قبل اتفاق حظر الانتشار النووي عام 2015 كان من الجيل الأول، فإن ما تلاها بلغ مراحل مقلقة للغرب بسبب استخدام طاردات من أجيال حديثة. وهذه أبرز محطات هذه الأجهزة في إيران:

* مايو (أيار) 2008: ركبت إيران عدة أجهزة طرد مركزي متضمنة نماذج أكثر حداثة.

* مارس (آذار) 2012: وسائل إعلام إيرانية تعلن عن 3 آلاف جهاز طرد مركزي في منشأة «نطنز» النووية لتخصيب اليورانيوم.

* أغسطس (آب) 2012: الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت أن إيران ثبتت أجزاء كبيرة من أجهزة الطرد المركزي في منشأة «فوردو»، تحت الأرض.

* نوفمبر 2012: تقرير للوكالة الدولية أكد أن جميع أجهزة الطرد المركزي المتقدمة قد تم تركيبها في موقع «فوردو»، على الرغم من وجود 4 أجهزة طرد مركزي عاملة فقط، و4 أخرى مجهزة تجهيزاً كاملاً، وقد أُجري عليها اختبار الفراغ، وهي جاهزة لبدء التشغيل.

* فبراير (شباط) 2013: الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقول إن إيران شغّلت 12.699 جهاز طرد مركزي من نوع «آي آر-1» في موقع «نطنز».

* يونيو (حزيران) 2018: أمر المرشد الإيراني علي خامنئي منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بالوصول إلى 190 ألف «وحدة فصل» التي تطلق على حركة أجهزة الطرد المركزي. وكان الرقم الذي دعا إليه خامنئي يعادل 30 ضعفاً من القدرات التي ينص عليها الاتفاق النووي.

* سبتمبر (أيلول) 2019: ركبت إيران 22 جهازاً من نوع «آي آر-4»، وجهازاً واحداً من نوع «آي آر-5»، و30 جهازاً «آي آر-6»، وثلاثة أجهزة «آي آر-6» للاختبار، خارج نطاق حدود المعاهدة.

* سبتمبر 2019: أعلنت إيران أنها بدأت في تشغيل أجهزة طرد مركزي متقدمة وسريعة لتخصيب اليورانيوم.

* نوفمبر 2024: وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يعلن أن بلاده ستقوم بتشغيل عدة آلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.

* نوفمبر 2024: نقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن محمد إسلامي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، إعلانه بدء ضخ الغاز لـ«الآلاف» من أجهزة الطرد المركزي.