رحيل هالاند عن دورتموند... قصة هزلية تحوّلت إلى سيرك يرقص فيه الجميع على الحبال

صفقة اللاعب الباهظة تحدث في وقت يعاني فيه الجميع من أزمات مالية طاحنة وتتعرض أندية للانهيار

هالاند... إلى أين وبكم تتجه به الأقدار؟ (إ.ب.أ)
هالاند... إلى أين وبكم تتجه به الأقدار؟ (إ.ب.أ)
TT

رحيل هالاند عن دورتموند... قصة هزلية تحوّلت إلى سيرك يرقص فيه الجميع على الحبال

هالاند... إلى أين وبكم تتجه به الأقدار؟ (إ.ب.أ)
هالاند... إلى أين وبكم تتجه به الأقدار؟ (إ.ب.أ)

كان من المثير للاهتمام أن نسمع أنه رغم أنه مرتبط مع فريقه الحالي بوروسيا دورتموند بعقد حتى 2024، اختار ممثلا الهداف النرويجي إرلينغ هالاند مساراً غير مألوف على الساحة الأوروبية من خلال القيام بجولة إغرائية - استكشافية في كل من إسبانيا وإنجلترا، بحثاً عن فريق مستقبلي لابن العشرين عاماً. فقد حط وكيل الأعمال الأشهر في عالم كرة القدم مينو رايولا ووالد الهداف النرويجي اللاعب السابق آلف - إينغه في برشلونة للتفاوض على انتقاله إلى العملاق الكاتالوني قبل التوجه بعدها باتجاه الغريم اللدود ريال مدريد.
لكنّ بقاءهما في إسبانيا لم يطل، إذ توجها بعد ذلك إلى إنجلترا لعرض اللاعب على أندية كبرى في الـبريميرليغ وعلى رأسها مانشستر سيتي وليفربول، في وقت اعتبر المدرب الألماني لتشيلسي توماس توخيل أن رايولا يحاول «أن يخلق سباقاً» بين الأندية. ومع عنوان «قنبلة: مينو رايولا ووالد هالاند في برشلونة»، نشرت صحيفة «سبورت» الكاتالونية مقطع فيديو يظهر رايولا وآلف - إينغه يخرجان من المطار ويصعدان في سيارة.
وكتبت أن «وكيل ووالد مهاجم بوروسيا دورتموند موجودان في برشلونة. هالاند هو المهاجم الذي يريده (الرئيس الجديد - القديم) جوان لابورتا لبرشلونة وسيحاول التوقيع معه هذا الصيف». وأشارت إلى أن مساعد لابورتا كان في استقبالهما واصطحبهما معه في السيارة. وأضافت أن هالاند «هو المهاجم الذي اختاره مجلس إدارة جوان لابورتا لتقوية الفريق في سوق الانتقالات (الصيفية). مهاجم بوروسيا دورتموند هو الأكثر طلباً في السوق بأكملها، كما أن فرقاً مثل ريال مدريد وباريس سان جيرمان ومانشستر سيتي تتحقق أيضاً من وضعه».
ما يبدو مؤكداً الآن هو أن هالاند سيرحل عن بوروسيا دورتموند هذا الصيف، وهناك نقطتان يجب الإشارة إليهما في هذا الأمر. أولاً، الركود الذي أصاب سوق الانتقالات الأوروبية بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا. في عام 2019، أنفقت الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا مبلغاً قياسياً قدره 5.5 مليار يورو على صفقات انتقال اللاعبين. لكن هذا الرقم انخفض بنسبة 40 في المائة في السنة الأولى من تفشي الفيروس. وبالتالي فإن السؤال هو: كيف تتعايش الأندية مع هذه الظروف الصعبة؟ في الحقيقة، إذا كان هناك نادٍ يمتلك اللاعب الأعلى قيمة في هذه السوق، فإن هذه هي اللحظة المناسبة تماماً للاستفادة منه من الناحية المالية.
ثانياً، يجب الإشارة إلى أن هالاند يتطور بشكل مذهل، لدرجة أنه يجعلك تشعر أن مساحة الملعب تبدو صغيرة جداً، وأن هذه اللعبة سهلة للغاية، بفضل القدرات والإمكانات الهائلة التي يمتلكها. إنه لاعب استثنائي ويقوم بكل شيء بشكل بسيط للغاية، فهو يركض بسرعة مذهلة ويسدد بقوة كبيرة ويتحرك داخل المستطيل الأخضر بذكاء منقطع النظير، ويصل إلى المرمى من أقصر الطرق ويستغل أنصاف الفرص لهز شباك الخصوم.
لكن هذا النوع من المواهب يحمل أيضاً بعض الأعباء، فهذه القدرات الهائلة تجعل من الصعب على صاحبها الاستمرار في مكان واحد، كما أن المطالب المالية الضخمة لن تجعله يشعر بالراحة. وكان رايولا محقاً تماماً عندما قال هذا الأسبوع: «بخصوص هالاند، كان الجميع مخطئين. لقد فعل الأشياء بشكل أسرع بكثير مما كان يتخيله الجميع. هالاند أظهر تطوره الخاص، وقدم ما يفوق كل التوقعات».
في الحقيقة، هناك شيء غريب في الأرقام الواردة هنا، وهو ما يعد دليلاً على انحراف كرة القدم فيما يتعلق بالقيمة والحجم والمكان الذي يجب أن تتوجه إليه ثروتها. في هذه المرحلة، سيكون من السهل للغاية مقاومة تأثير ونفوذ وكلاء اللاعبين ومحاولتهم لإحداث شكل من أشكال الاضطراب في سوق الانتقالات. ويحاول رايولا، على وجه الخصوص، تصوير نفسه على أنه لا يقدم أي خدمة لنفسه وأنه يعمل من أجل اللاعب، رغم أنه يبدو في معظم الصور وكأنه جزار محلي ودود وناجح لكنه يريد أن يقتلك سراً! لكنه شخصية رائعة حقاً، وواحد من الأشخاص القلائل القريبين من حافة هذا البركان، الذي يبدو على الأقل أنه ينظر إليه بعيون مفتوحة.
وحتى الصفقات التي أشرف على إبرامها في بداية عمله في فترة ما بعد تطبيق قانون بوسمان تبرز الآن، مثل انتقال دينيس بيركامب وويم يونك إلى إنتر ميلان، ويجب أن نعرف أن رايولا هو الذي باع روبينيو، وباع هنريك مخيتاريان، وباع زلاتان إبراهيموفتش أكثر من مرة، وباع بول بوغبا إلى مانشستر يونايتد. إن رايولا يجعلك تشعر بأنه قادر على القيام بكل شيء قد تعتقد في البداية أنه مستحيل.
والآن، يبدو أنه سينجح في نقل هالاند إلى نادٍ آخر مقابل 150 مليون جنيه إسترليني في وقت يعاني فيه الجميع من انهيار اقتصادي! من الجيد أن تشعر بالفزع والذعر بسبب المبالغ المالية التي يتم تداولها في هذه الصفقة. ويجب أن نعرف أن معظم الصفقات التي أبرمت بمبالغ مالية باهظة كانت عبارة عن هراء في حقيقة الأمر، وأنه إذا نظرنا إلى أغلى ثماني صفقات في تاريخ كرة القدم فربما تكون صفقة انتقال النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى ريال مدريد هي الصفقة الوحيدة التي حققت عائداً أفضل من المدفوع فيها، ويعود السبب في ذلك إلى الموهبة الخارقة لرونالدو وإلى عمله الشاق، وليس إلى أي شكل من أشكال المنطق التي تحكم هذه الصفقات الضخمة.
وتكمن المشكلة في قيمة صفقة هالاند في أن هذه الصفقة تحدث في هذا التوقيت الصعب الذي يشهد انكماشاً في كل مكان آخر، وتتعرض فيه النوادي المجتمعية للتهديد بالانهيار، وفي الوقت الذي يعاني فيه الجمهور الذي يعد الممول الأساسي لهذه اللعبة، فهذه الأموال تأتي في شكل اشتراكات تلفزيونية وعائدات من بيع تذاكر المباريات وبيع بعض المنتجات في مقرات الأندية، وعائدات الإعلانات. ويجب أن نعرف أن جهات البث التلفزيوني عندما تشتري حقوق بث المباريات بمبالغ مالية ضخمة فإنها تستعيد هذه الأموال من الجمهور والمشاهدين مرة أخرى، بل وتحقق مكاسب مالية أخرى. وبالتالي، فإن السؤال الآن هو: هل ستكون هناك مقاومة حقيقية لإنفاق هذه المبالغ المالية الطائلة بشكل غير منطقي؟
يبدو أن أولئك المسؤولين عن هذه اللعبة لكنهم بعيدون عن سوق الانتقالات لن يفعلوا أي شيء حيال ذلك. هناك أحاديث عن «قواعد تضامن» جديدة من شأنها أن تمنع الأندية التي تلعب في دوري أبطال أوروبا من بيع اللاعبين فيما بينها - وهي فكرة غريبة إلى أن تحقق الهدف المرجو منها، وهو وضع حد لصفقات الأموال الضخمة التي يغذيها المالكون الأثرياء والتي تسببت في حالة من الارتباك الشديد لبعض الأندية التي كانت تتمتع بالاستقرار في السابق.
وربما يكون مانشستر سيتي مهتماً بالحصول على خدمات هالاند إذا كانت لديه الموارد المالية اللازمة لإبرام هذه الصفقة الضخمة، ومن المؤكد أن انضمام النجم النرويجي لمانشستر سيتي سيجعله فريقاً لا يقاوم. أما عملاقا إسبانيا، ريال مدريد وبرشلونة، فلديهما التاريخ الثقافي والطرق الخاصة التي تمكنهما من تدبير المبالغ المالية المطلوبة. وفي الوقت نفسه، فإن رايولا لديه الرغبة والوسائل التي تمكنه من تحقيق ما يريده. لكن يجب أن نعرف أننا نحن من ندفع المبالغ الهائلة التي تنفق على هذه الصفقات في نهاية المطاف!


مقالات ذات صلة

دوري الأمم الأوروبية: ألمانيا تصطدم بإيطاليا... وإسبانيا تلتقي هولندا

رياضة عالمية ألمانيا ستلتقي إيطاليا في ربع نهائي «دوري الأمم» (د.ب.أ)

دوري الأمم الأوروبية: ألمانيا تصطدم بإيطاليا... وإسبانيا تلتقي هولندا

أسفرت قرعة الدور ربع النهائي من دوري الأمم الأوروبية لكرة القدم التي أُجريت في نيون السويسرية الجمعة، عن مواجهات نارية أبرزها مواجهة بين ألمانيا وإيطاليا،…

«الشرق الأوسط» (نيون)
رياضة عالمية توماس كلوس (الشرق الأوسط)

اعتقال النجم البولندي السابق توماس كلوس بتهمة التهرب الضريبي

ألقت شرطة مكافحة الفساد البولندية القبض على المدافع البولندي السابق توماس كلوس؛ للاشتباه في تورطه بالتهرب الضريبي وتزوير الفواتير، وفق ما ذكرت السلطات.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
رياضة عالمية لويس إنريكي (أ.ف.ب)

إنريكي يعلن اقتراب المهاجم راموس من العودة مع سان جيرمان

قال لويس إنريكي، مدرب باريس سان جيرمان، الخميس، إن المهاجم جونزالو راموس اقترب من العودة من الإصابة، لكن المدرب عليه التعامل مع بعض المشكلات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية نوري شاهين (أ.ف.ب)

كوبل وأنتون جاهزان للمشاركة مع دورتموند أمام فرايبورغ

قال نوري شاهين، المدير الفني لفريق بوروسيا دورتموند الألماني لكرة القدم، إن وضع الإصابات بالفريق يتحسن حيث يستعيد الفريق خدمات غريغور كوبيل، حارس المرمى.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية يأمل بايرن ميونيخ في مواصلة صحوته عندما يستضيف جاره أوغسبورغ (أ.ف.ب)

«ديربي بافاري» لبايرن قبل 3 اختبارات نارية متتالية

يأمل بايرن ميونيخ في مواصلة صحوته عندما يستضيف جاره أوغسبورغ، الثالث عشر، الجمعة في افتتاح المرحلة الحادية عشرة من بطولة ألمانيا لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (برلين)

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.