بعد 19 عاماً على وفاة أستل... التحقيقات حول العلاقة بين تسديد الكرة بالرأس والخرف «محلك سر»

هل الخوف من «التقاضي» وراء البطء في بحث قضية تهم الآلاف من محترفي «الساحرة المستديرة»

وفاة أستل عام 2002 جددت الحديث عن مواجهة إصابة اللاعبين بارتجاج في المخ (الشرق الأوسط)
وفاة أستل عام 2002 جددت الحديث عن مواجهة إصابة اللاعبين بارتجاج في المخ (الشرق الأوسط)
TT

بعد 19 عاماً على وفاة أستل... التحقيقات حول العلاقة بين تسديد الكرة بالرأس والخرف «محلك سر»

وفاة أستل عام 2002 جددت الحديث عن مواجهة إصابة اللاعبين بارتجاج في المخ (الشرق الأوسط)
وفاة أستل عام 2002 جددت الحديث عن مواجهة إصابة اللاعبين بارتجاج في المخ (الشرق الأوسط)

في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2002، قال الطبيب الشرعي في مقاطعة ساوث ستافوردشاير البريطانية، أندرو هاي، إن المهاجم السابق للمنتخب الإنجليزي جيف أستل، الذي توفي عن عمر يناهز 59 عاماً بعد معاناته من الخرف لسنوات، قد «مات بسبب مرض صناعي». في تلك المرحلة، كان هناك بالفعل 30 عاماً من الأدلة القصصية على أن تسديد الكرة بالرأس في عالم كرة القدم يسبب ارتجاجاً في المخ. وكان الحكم الصادر في قضية أستل يعني أن هناك الآن اعترافاً رسمياً بوجود علاقة بين تسديد الكرة بالرأس وبين الإصابة بالارتجاج في المخ.
ووصفت صحيفة «الغارديان» هذا الحكم بأنه «حكم تاريخي». وطمأن مسؤول في رابطة اللاعبين المحترفين اللاعبين والجمهور بأن الرابطة والاتحاد الإنجليزي لكرة القدم قد «بدآ بحثاً مشتركاً» حول كيفية تأثير تسديد الكرة بالرأس على الدماغ. وقال المتحدث باسم رابطة اللاعبين المحترفين «لا يمكننا فعل أي شيء حيال ما حدث في الماضي، لكن ربما يمكننا فعل شيء بشأن المستقبل». وبعد ثمانية عشر عاماً من ذلك المستقبل، وبالتحديد في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020، توصل الطبيب الشرعي في شمال ويلز، جون غيتينز، إلى الحكم نفسه في قضية لاعب خط وسط منتخب ويلز السابق آلان جارفيس. وكان هذا هو أول حكم من نوعه منذ قضية أستل. وقالت عائلة جارفيس في ذلك الوقت، إنها تشعر بأن السلطات كانت تحاول «إخفاء القضية».
ووصفت صحيفة «ديلي ميل» الحكم في هذه القضية بأنه «حكم تاريخي». وفي الأسابيع التي تلت ذلك، عندما تحدث أقارب المزيد والمزيد من لاعبي كرة القدم المعتزلين عن معاناة أسرهم، خرج مسؤول في رابطة اللاعبين المحترفين ليتحدث عن هذه القضية مرة أخرى. لقد أصبح هناك إقرار واضح بأن كرة القدم تواجه مشكلة كبيرة، لكن الأمر لا يزال يتوقف عند مجرد وعود بأن رابطة اللاعبين المحترفين والاتحاد الإنجليزي لكرة القدم «ملتزمان بتمويل المزيد من الأبحاث».
وكتب عالم الأوبئة، السير أوستن برادفورد هيل، الذي كان له دور فعال في تحديد العلاقة بين التدخين وسرطان الرئة، يقول «كل العمل العلمي في هذا الصدد غير مكتمل، سواء كانت دراسات مبنية على الملاحظة والمتابعة أو دراسات تجريبية. جميع الأعمال العلمية عرضة للتغيير أو التعديل من خلال تطور المعرفة. هذا لا يمنحنا حرية تجاهل المعرفة التي لدينا بالفعل، أو تأجيل الإجراء الذي يبدو أنه بات ضروريا في وقت معين».
لقد تغير الكثير خلال العقدين الماضيين، وكان هناك تقدم كبير في عالم كرة القدم، وفي جميع الرياضات الأخرى التي تحدث فيها احتكاكات وصدامات، لكن يبقى السؤال حول ما إذا كان يمكن القيام بالمزيد في وقت أقرب، وما إذا كان ينبغي للرياضة أن تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، بشكل أسرع. لقد بدا الأمر وكأنه معلق على الاستجواب الذي تقدمت به اللجنة الرقمية والثقافية والإعلامية والرياضية في البرلمان مؤخرا حول قضية الإصابة بارتجاج في المخ في الرياضة.
ويمكنك سماع جزء من هذا الاستجواب في أسئلة النواب حول من كان يمول البحث الحالي، والمبلغ الذي دفعوه، وما إذا كانت هناك مواد لم يتم نشرها من قبل حول طريقة عمل اللجنة المتخصصة في دراسة قضية الارتجاج في عالم الرياضة، وما إذا كنا في حاجة إلى مزيد من الشفافية في البحث. جاء ذلك مباشرة بعد أن وصف اختصاصي أمراض الأعصاب، ويلي ستيوارت، البروتوكولات البديلة للارتجاج في المخ في كرة القدم بأنها «كارثية». قال رئيس اللجنة، جوليان نايت، إن قضية أستل قد مر عليها 19 عاماً، «ومع ذلك، فإننا نصف بروتوكولات كرة القدم بأنها كارثية. لماذا نخذل الناس بهذه الطريقة؟ ما هي المشكلة فيما يتعلق بأجسادنا الرياضية؟»، وقال ستيوارت إنه يشارك نايت «إحباطه»، لكنه يفضّل التطلع إلى الأمام، وقال «التحدي هو عدم ارتكاب الخطأ نفسه مرة أخرى، بحيث لا نجتمع مرة أخرى بعد 20 عاماً لنتساءل: ماذا حدث؟ لا شيء»!
هذه حجة تبرز كثيراً في المحادثات مع وبين الأعداد المتزايدة من الأكاديميين والناشطين والباحثين والعاملين في هذا المجال. وهناك نظرية مفادها أن سبب بطء وتيرة التغيير هو أن التهديد بالتقاضي قد وضع السلطات الحاكمة في موقف دفاعي، وأن القلق بشأن ما إذا كان سيتم إلقاء اللوم عليهم بسبب الأخطاء التي ارتكبوها يجعلهم يترددون في التعامل مع اقتراحات حول ما قد يفعلونه بشكل صحيح. ويقول المدافعون بأن كل شخص معني يتعين عليه اتباع نهج أكثر تعاوناً. إنها فكرة تدعم بعض الحملات الجديدة التي تم إنشاؤها في الأشهر الأخيرة، مثل جمعية «هيد فور تشانج» الخيرية المعنية بصحة الدماغ في الرياضة ودعم اللاعبين السابقين المتأثرين بالتنكّس العصبي.
ويجب أن ندرك أن التفكير في الماضي ليس أفضل طريقة للمضي قدماً؛ لأن ذلك لا يؤدي إلا إلى طرح المزيد من الأسئلة المحرجة دون إجابات واضحة. وستكون هناك أسئلة مثل: ما مصير العمل المنشور في عام 1998، قبل أربع سنوات من صدور الحكم في قضية أستل، من قبل فريق من الباحثين العاملين في هولندا تحت إشراف الدكتور إريك ماتسر؟ لقد ذكرت صحيفة «الغارديان» في ذلك الوقت أن فريق ماتسر وجد دليلاً واضحاً على أن «تسديد الكرة بالرأس يمكن أن يتسبب في تلف طويل المدى في الدماغ».
وأوضح أحد المؤلفين المشاركين الأمر قائلاً «التدهور العقلي للاعبين يكون خفياً، ولن يلاحظه الكثيرون، لكن هذا النوع من إصابات الدماغ قد يستمر إلى الأبد». ومع ذلك، لم يؤد عمل ماتسر إلى أي شيء على المدى الطويل. ويجب الإشارة إلى أن ماتسر لديه أفكاره الخاصة حول ما حدث ولماذا، وهي الأمور التي تحدث عنها في مقابلة حديثة مع صحيفة «إن آر سي» الهولندية.
وهناك شعور بأن التحقيق في هذه القضية صغير للغاية وليس لديه الموارد الكافية، بحيث يتعذر إجراء البحث المطلوب في قضايا بهذا الشكل من التفاصيل. وبعد تسعين دقيقة من الجلسة الافتتاحية للجنة التي كانت تناقش هذا الأمر في البرلمان البريطاني، كان الرئيس يطلب بالفعل من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم «أن تكون إجاباتهم موجزة»؛ لأن «الوقت ضيق نسبياً»! في الحقيقة، هناك الكثير من الأسئلة المعقدة المتعلقة بالعلوم وعلم الاجتماع والسياسة والتي يجب تغطيتها عبر العديد من الألعاب الرياضية على مستوى الشباب والهواة والمحترفين.
لقد أدى ذلك إلى بعض اللحظات المحرجة، حيث طلب أطباء الأعصاب تقديم شهادة خبراء حول قضايا سياسة الصحة العامة وعلم نفس السكان، وهو ما يعني وجود بعض الفجوات الواضحة في مجموعة الموضوعات التي يتم تناولها.
إنه عمل قيم على أي حال، لكن بعد مرور 19 عاماً على صدور الحكم في قضية أستل، لا يزال الأمر يبدو وكأننا قد تأخرنا كثيراً في النظر في هذه القضية من جديد. ويتعين علينا أن ننتظر ونرى ما إذا كان هذا سيؤدي – هذه المرة - إلى خطوة حقيقية إلى الأمام في كيفية معالجة الرياضة لهذه القضايا!


مقالات ذات صلة

أرتيتا: الفاعلية سلاح آرسنال للفوز على سبورتنغ لشبونة

رياضة عالمية ميكل أرتيتا (إ.ب.أ)

أرتيتا: الفاعلية سلاح آرسنال للفوز على سبورتنغ لشبونة

قال ميكل أرتيتا مدرب آرسنال إن فريقه بحاجة لمزيد من القوة والفاعلية ليحقق الفوز على مضيفه سبورتنغ لشبونة، ويضع حداً لمسيرته السلبية خارج أرضه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية هانز فليك مدرب برشلونة (أ.ف.ب)

فليك: أداء برشلونة تأثر بغياب يامال

اعترف هانز فليك، مدرب برشلونة، الاثنين، بأنه قلق للغاية من تراجع أداء ونتائج فريقه.

«الشرق الأوسط» (برشلونة)
رياضة عالمية رود فان نيستلروي (أ.ب)

نيستلروي مرشح لتدريب هامبورغ وليستر سيتي

ذكرت تقارير إعلامية، اليوم الاثنين، أن فريقيْ هامبورغ الألماني وليستر سيتي الإنجليزي يتنافسان على التعاقد مع المهاجم الهولندي السابق رود فان نيستلروي.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ)
رياضة عالمية مارتن تيرير (إ.ب.أ)

تيرير يتعرض لكسر في الساعد وينضم لقائمة مصابي ليفركوزن

انضم المهاجم مارتن تيرير إلى القائمة المطوَّلة للاعبين المصابين في صفوف فريق باير ليفركوزن حامل لقب الدوري الألماني، قبل ملاقاة ريد بول سالزبورغ النمساوي.

«الشرق الأوسط» (دوسلدورف)
رياضة عالمية ألمانيا ستلتقي إيطاليا في ربع نهائي «دوري الأمم» (د.ب.أ)

دوري الأمم الأوروبية: ألمانيا تصطدم بإيطاليا... وإسبانيا تلتقي هولندا

أسفرت قرعة الدور ربع النهائي من دوري الأمم الأوروبية لكرة القدم التي أُجريت في نيون السويسرية الجمعة، عن مواجهات نارية أبرزها مواجهة بين ألمانيا وإيطاليا،…

«الشرق الأوسط» (نيون)

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.