الكاظمي يعلن البدء بـ«ميناء الفاو الكبير»

الكاظمي يضع حجر الأساس لمشروع «ميناء الفاو الكبير» في محافظة البصرة أمس (أ.ف.ب)
الكاظمي يضع حجر الأساس لمشروع «ميناء الفاو الكبير» في محافظة البصرة أمس (أ.ف.ب)
TT

الكاظمي يعلن البدء بـ«ميناء الفاو الكبير»

الكاظمي يضع حجر الأساس لمشروع «ميناء الفاو الكبير» في محافظة البصرة أمس (أ.ف.ب)
الكاظمي يضع حجر الأساس لمشروع «ميناء الفاو الكبير» في محافظة البصرة أمس (أ.ف.ب)

أعلن رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أمس، البدء بمشروع ميناء الفاو الكبير في محافظة البصرة الجنوبية الغنية بالنفط والتي تسهم بتمويل موازنة العراق المالية بمعظم مواردها.
وقال الكاظمي أثناء حفل وضع الأساس للمشروع: «نعلن اليوم البدء بمشروع استراتيجي مهم انتظره أبناء البلد سنوات طويلة». وأضاف أن «الميناء سيوفر فرصا كبيرة للعراق ويعزز مكانته الجيوسياسية في المنطقة والعالم، وسيخلق فرص عمل كثيرة لأهل البصرة وباقي المحافظات، وسيسهم في تطوير المحافظة». وأشار إلى أن جهات كثيرة لم يسمها «راهنت على إفشال المشروع ونشروا إشاعات عدة لإحباط الشعب، والبلاد واجهت تحديات عديدة في هذا الاتجاه، لكن المشروع ينطلق اليوم رسميا بعد أن انتهينا من مراحل التخطيط والمفاوضات، وموّلنا المشروع من موازنة هذا العام».
وبدأت الأعمال الأولية في المشروع عام 2012، غير أن سوء الإدارة والخلافات السياسية وما يقال عن مصالح محلية وإقليمية حالت دون الشروع في عملية التنفيذ.
وكانت شكوك عديدة دارت حول انتحار مدير شركة «دايو» الكورية المنفذة للمشروع، بارك شل هو، في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2020 ما دفع الكاظمي وقتذاك، إلى اتهام جماعات لم يسمها، بدفع المدير إلى الانتحار نتيجة الضغوط التي مارستها ضده «لإرغام الحكومة على إطلاق سراح عدد من حيتان الفساد» كانت قد قامت باعتقالهم.
واعتبر الكاظمي أن «مشروع الفاو الكبير ليس فقط للبصرة، بل هو مشروع استراتيجي يسهم في تطوير وإعمار جميع محافظات العراق، ويجعل من البلد جسرا اقتصاديا يربط مختلف بلدان المنطقة، نحن أمام مرحلة جديدة من تاريخ العراق الحديث، حيث نتجاوز الأزمات، ونتجه نحو البناء والإعمار والازدهار».
ووصف الكاظمي، مشروع ميناء الفاو بـ«مشروع الأجيال والمستقبل» ودعا أهالي البصرة والعراقيين في أنحاء البلاد العراق أن «يتحلوا بالأمل وأن نضع أيدينا معا، ونبني بلدنا من الفاو (شرقا) إلى زاخو (شمالا)».
وبحسب بيان المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، فإن حجر الأساس الذي وضعه الكاظمي يتضمن تنفيذ العقود الخمسة المبرمة وتتضمن «الأرصفة الخمسة للحاويات، وردم ساحة خزن ومناولة الحاويات وحفر القناة الملاحية الداخلية، وحفر وتأثيث القناة الملاحية الخارجية، ونفق قناة خور الزبير، والطريق السريع الرابط بين ميناء الفاو وأم قصر».
كانت وزارة النقل العراقية أبرمت، نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عقدا مع شركة «دايو» الكورية لتنفيذ المرحلة الأولى من ميناء الفاو، بتكلفة إجمالية مقدارها 2.62 مليار دولار. وواجه العقد حينذاك، اعتراضات شديدة من قبل الجماعات والفصائل القريبة من طهران التي كانت ترغب في التعاقد مع الشركات الصينية لتنفيذ بناء مشروع الميناء. ويمكّن إنجاز المرحلة الأولى من «معالجة 3 ملايين حاوية سنويا»، بحسب وزارة النقل المشرفة على تنفيذ المشروع.
ولم تقتصر زيارة الكاظمي للبصرة على وضع حجر الأساس للبدء بمشروع الفاو، بل قام بلقاء مجموعة من الشباب المتظاهرين الذين تجمعوا قرب بوابة مشروع ميناء الفاو الكبير. وقال مكتبه الإعلامي إنه «استمع إلى طروحاتهم، وأكد أن حق التظاهر حق مشروع وتحميه الدولة بأجهزتها كافة، على ألا يؤدي هذا الحق إلى إحداث أضرار أو يهدد الممتلكات العامة والخاصة».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.