«الاتحادية العليا» في العراق تباشر أعمالها

بعد أداء أعضائها اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية

TT

«الاتحادية العليا» في العراق تباشر أعمالها

باشرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق أعمالها أمس الأحد بعد أن أدى رئيسها القاضي جاسم العميري وأعضاؤها اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية برهم صالح بحضور رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان.
وفي كلمة له بعد أداء اليمين، قال صالح إن «المحكمة الاتحادية هي الحارس الأمين للنظام الديمقراطي وحماية الحقوق والحريات العامة وضمان نفاذ القانون وصيانة الدستور، والرقابة على دستورية القوانين والأنظمة». وأضاف صالح طبقاً لبيان رئاسي أن «إكمال تشكيل المحكمة الاتحادية يمثل خطوة مهمة وأساسية نحو استكمال المتطلبات القانونية والدستورية لإجراء الانتخابات المبكرة التي تمثل استحقاقاً وطنياً وشعبياً يتطلع إليه العراقيون للتعبير عن إرادتهم بعيداً عن كل التأثيرات؛ للشروع في مرحلة جديدة على طريق بناء عملية سياسية تنهض بمجلس نيابي يعبِّر عن إرادة الناخبين».
وكان البرلمان العراقي قد صوّت يوم 18 - 3 - 2021 على تعديل قانون المحكمة الاتحادية بأغلبية عدد أعضائه بعدما فشل في حشد الدعم اللازم لتمرير قانون المحكمة الاتحادية المؤجل منذ عام 2005. وجرى التصويت على تعديل المادة الثالثة ومادة جديدة من قانون التعديل الأول (الأمر رقم 30 لسنة 2005م) من قانون المحكمة الاتحادية العليا. وكانت الكتل السياسية قد فشلت في التوافق بشأن مشروع قانون المحكمة الاتحادية الجديد؛ إذ يتطلب تشريعه حضور ثلثي عدد أعضاء البرلمان. وتركزت الخلافات حول منح بعض المقاعد لفقهاء من المذهبين الشيعي والسني في المحكمة الاتحادية، وإعطائهم صلاحية التصويت على القرارات. ومن جهته وصف القاضي فائق زيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى ولادة تعديل قانون المحكمة الاتحادية بالولادة العسيرة. وقال زيدان في مقال له أمس إنه «بعد تحقق الولادة العسيرة للمحكمة الاتحادية العليا في ظروف معقدة رافقت تشريع قانون التعديل لاحظنا - للأسف - أن البعض صفق في بداية تشريع هذا القانون مرحّباً به واعتبره (نصراً) للقضاء والدولة المدنية وفضّله على تشريع القانون الأصلي الذي يضم في تكوين المحكمة خبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون، إلا أنه بمجرد أن اطلع هؤلاء على شروط التعيين في هذه المحكمة والتي يبدو أنها بددت تمنّيه بالعمل فيها انقلب على نفسه، وروّج محذراً من الأداء القادم لهذه المحكمة الجديدة وهي لم تبدأ عملها بعد، بل حتى قبل معرفة أسماء القضاة فيها».
ودعا زيدان «الباحثين والمختصين إلى مراجعة نصوص القانون، والتحري بدقة عن وقائع ومجريات وظروف تشريعه من المصادر الموثوق بها، وصولاً إلى ممارسة حق النقد والتحليل العلمي الدقيق البناء مع احترامنا للطموح المشروع في العمل بهذه المحكمة أو غيرها لجميع من يعتقد بنفسه أنه أهل لذلك، لكن يجب أن يكون هذا الطموح بعيداً عن تشويه وتزييف الحقائق».



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.