هدنة أوكرانيا على شفا الانهيار.. والانفصاليون يقصفون قوات الحكومة

الاتحاد الأوروبي يصعد بعقوبات جديدة

هدنة أوكرانيا على شفا الانهيار.. والانفصاليون يقصفون قوات الحكومة
TT

هدنة أوكرانيا على شفا الانهيار.. والانفصاليون يقصفون قوات الحكومة

هدنة أوكرانيا على شفا الانهيار.. والانفصاليون يقصفون قوات الحكومة

ما إن دخل العمل بموجب اتفاق «مينسك - 2» حيز التنفيذ أول من أمس حتى راحت أطراف الأزمة الأوكرانية تتبادل الاتهامات بانتهاك بنود الاتفاق ولا سيما ما يتعلق منها بوقف إطلاق النار.
وعقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جلسة عاجلة لمجلس الأمن القومي استعرض فيها مختلف جوانب الموقف على صعيد تنفيذ اتفاقات «مينسك - 2»، وأعلن عدد من كبار الشخصيات الرسمية الأوكرانية عن انتقادهم لهذه الاتفاقات.
قصف انفصاليون موالون لروسيا قوات حكومية أوكرانية محاصرة أمس وقالت كييف إنها لن «تسحب الأسلحة الثقيلة لأن الهدنة تنتهك» مما جعل اتفاق سلام تم التوصل إليه بوساطة أوروبية على شفا الانهيار بعد يوم من بدء تنفيذه.
ورفضت أوكرانيا اقتراحا من الانفصاليين الموالين لروسيا بفتح ممر آمن لخروج القوات الحكومية من بلدة ديبالتسيف المحاصرة بشرق أوكرانيا والتي تشهد قتالا عنيفا رغم اتفاق وقف إطلاق النار. وقال المتحدث العسكري فلاديسلاف سيليزنيوف إن البلدة تقع في أرض خاضعة لسيطرة أوكرانيا وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في مينسك الأسبوع الماضي.
وأضاف في اتصال هاتفي مع وكالة «رويترز»: «هناك اتفاقات مينسك التي تجعل ديبالتسيف ضمن أراضينا، لن نغادر».
كما رفضت كييف الاعتراف بمحاصرة قوات الانفصاليين لما يقرب من ثمانية آلاف من أفراد قواتها الحكومية في بلدة ديبالتسيفو، وهو ما ردت عليه قيادة هذه القوات بإنذار نهائي تطالب فيه باستسلامهم والسماح لهم بالخروج من دائرة الحصار شريطة تسليم ما يملكونه من أسلحة وذخائر.
وأعلنت قيادات جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك غير المعترف بهما عن رفضها البدء بسحب أسلحتها الثقيلة بموجب الاتفاق الأخير ما لم يبدأ الطرف الآخر ذلك ويتوقف عن قصف المدنيين.
وقال إدوارد باسورين نائب قائد قوات الدفاع في دونيتسك إن «قواته لن تشرع في سحب أسلحتها الثقيلة إلى الخطوط التي حددها الاتفاق إلا بعد أن تفعل ذلك القوات الحكومية الأوكرانية». وأضاف أن «الاتفاق ينص على الوقف التام لإطلاق النار، وهو ما لم تفعله القوات الأوكرانية وتواصل قصفها لكثير من النقاط المأهولة ومنها (جورلوفكا) ومنطقة مطار دونيتسك».
وأعرب أندريه ليسينكو المتحدث باسم قوات العمليات الخاصة أن «الانفصاليين انتهكوا بند وقف إطلاق النار 112 مرة خلال الفترة القليلة الماضية».
وهناك من يعزو انتهاك وقف إطلاق النار من جانب القوات الحكومية إلى عناصر لا تأتمر بأمر قيادة هذه القوات من فصائل القوميين المتشددين وهو ما اعترف به دينيس بوشيلين نائب رئيس برلمان دونيتسك. وكانت الصحف الروسية نقلت عن دميتري ياروش زعيم القطاع الأيمن القومي المتشدد اعترافه بأنه لن يعترف بما نصت عليه اتفاقات «مينسك - 2».
وفيما أكدت ممثلية منظمة الأمن والتعاون الأوروبي وقوع عدد من الانتهاكات في مناطق ديبالتسيفو ورايغورود ولوغانسك دون تحديد مصدرها، نقلت وكالة أنباء «تاس» عن مسؤولة العلاقات الخارجية مايا كوسيانتشيتش تأكيدها أن «الجانبين وبوجه عام يلتزمان بقرار وقف إطلاق النار».
ومن المقرر أن يبدأ سحب الجانبين لأسلحتهما الثقيلة اعتبارا من يوم الثاني من بدء وقف إطلاق النار أي اعتبارا من اليوم ولمدة أسبوعين، يعقبهما بدء تبادل الأسرى من الجانبين في غضون 5 أيام.
وأعرب الانفصاليون عن استعدادهم للبدء في سحب أسلحتهم الثقيلة على مرأى ومسمع من الصحافيين المرافقين لهم شريطة أن يلتزم الجانب الآخر بنفس الشيء. وقال إدوارد باسورين نائب قائد قوات دونيتسك بأنهم رصدوا تقدم أرتال المدفعية الثقيلة للقوات الأوكرانية صوب عدد من النقاط السكانية المأهولة ومنها ارتيوموفسك وميرونوفسك ولوغانسك، فيما أشار إلى نقل عدد من ممثلي الصحافة الأجنبية والمحلية ومنها المرئية إلى هذه المواقع.
وفيما يتواصل الجدل بين الجانبين حول هذه المسألة انتقدت وزارة الخارجية الروسية القائمة الجديدة التي صدرت عن مجلس الشؤون الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي بأسماء 19 شخصية جديدة. وأعلن الاتحاد الأوروبي قائمة جديدة تضم أسماء أوكرانيين وروس تستهدفهم العقوبات وقالت موسكو إنها سترد على الأمر «بشكل ملائم».
ومنهم 3 من كبار المسؤولين في وزارة الدفاع الروسية واثنين من نواب مجلس الدوما وسوف ترد موسكو على ذلك في الوقت المناسب.
وقالت الخارجية الروسية في بيانها الصادر بهذا الشأن «إن الاتحاد الأوروبي تنصل من التحقيق الموضوعي في أسباب التصعيد في جنوب شرقي أوكرانيا، وقرر أن يساير مناصري الحرب القابعين في كييف».
ونقلت وكالة أنباء الروسية «سبوتنيك» عن الخارجية بيان أفاد بأن «الغرب كشف عن عدم رضائه بالجهود التي تبذلها روسيا لحل الأزمة في أوكرانيا ووقف الحملة العسكرية التي يجريها النظام الحاكم الأوكراني ضد أهالي منطقة دونباس في جنوب شرقي البلاد، وأن مجلس الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية أدرج أسماء جديدة في «القائمة السوداء» للأشخاص المقرر محاسبتهم ومعاقبتهم على استمرار مقاومة أهالي جنوب شرقي أوكرانيا لحملة العداء.
ويتواصل الجدل حول مدى المكاسب التي تحققها كل من الأطراف ذات العلاقة باتفاقات «مينسك - 2»، هناك من يقول إن روسيا تبدو الرابح الأكبر بوصفها الطرف الذي أكد أهمية الرجوع إليه في كل ما يتعلق باستقرار وسلام هذه المنطقة.



ألمانيا تستعد لانتخابات مبكرة في فبراير بعد انهيار الائتلاف الثلاثي

المستشار أولاف شولتس وافق على تنظيم الانتخابات التشريعية في فبراير المقبل (رويترز)
المستشار أولاف شولتس وافق على تنظيم الانتخابات التشريعية في فبراير المقبل (رويترز)
TT

ألمانيا تستعد لانتخابات مبكرة في فبراير بعد انهيار الائتلاف الثلاثي

المستشار أولاف شولتس وافق على تنظيم الانتخابات التشريعية في فبراير المقبل (رويترز)
المستشار أولاف شولتس وافق على تنظيم الانتخابات التشريعية في فبراير المقبل (رويترز)

بعد أيام من الضوضاء التي عاشتها ألمانيا إثر الانهيار المفاجئ لحكومتها الائتلافية، وإصرار المستشار أولاف شولتس على الاستمرار بقيادة حكومة أقلية حتى نهاية مارس (آذار)، خضع أخيراً لضغوط المعارضة، ووافق على انتخابات مبكرة في 23 فبراير (شباط) المقبل.

ويستعد شولتس لطرح الثقة في حكومته في 16 ديسمبر (كانون الأول)، وهي خطوة ضرورية قانونياً تمهد للدعوة لانتخابات مبكرة. ومن المتوقع أن يخسر التصويت، بعد أن خسرت الحكومة أكثريتها إثر طرد المستشار لوزير ماليته كريستيان ليندنر، وانسحاب وزراء آخرين منتمين جميعاً للحزب «الليبرالي»، الذي يُشكّل مع الحزب «الاشتراكي» بزعامة شولتس، وحزب «الخضر» الائتلاف الحاكم.

المستشار الألماني أولاف شولتس متحدثاً في فعالية ببرلين غداة إقالته وزير المالية وإعلانه طرح الثقة بحكومته (د.ب.أ)

وكشف فريدريش ميرتس زعيم الحزب «الديمقراطي المسيحي»، الذي يستعد لخلافة شولتس ليصبح مستشار ألمانيا المقبل، عن استعداد حزبه لخوض الانتخابات المبكرة التي كانت مجدولة أصلاً لنهاية سبتمبر (أيلول). وقال: «نحن مستعدون، وفي أفضل حال». وتحدث خلال ظهور له في منتدى في برلين، عن خطط يعد لها حزبه، من بينها تخفيض الإعانات المالية عن العاطلين عن العمل، وهي إعانات رفعتها حكومة شولتس، وعرضتها لكثير من الانتقادات.

وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر (أ.ب)

ورغم أن السنوات الثلاث الماضية من عمر الحكومة الائتلافية شابتها خلافات كثيرة بين الأحزاب المشاركة في الحكومة، فإن هذه المرة كان الخلاف كبيراً، وتسبب في انهيار الائتلاف الهش. واختلف المستشار مع وزير ماليته حول ميزانية العام المقبل التي لم تتمكن الأحزاب الثلاثة من الاتفاق عليها. وفيها يتفق حزب شولتس «الاشتراكي»، مع حزب «الخضر» حول السياسات الضريبية والاجتماعية لقيادة البلاد، وكان الحزب «الليبرالي» وهو حزب يميني وسطي، غالباً ما يصطدم مع الحزبين الآخرين حول السياسات المالية.

ورفض ليندنر مساعي شولتس، وحزب «الخضر» لزيادة النفقات الاجتماعية مقابل رفع الضرائب على الشركات، وسعى لتخفيض تلك الضرائب، وحتى تخفيض المعاشات التقاعدية تجنباً لزيادة الديْن العام.

الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير يتسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتس (رويترز)

ويحظر الدستور الألماني الاستدانة إلا في الحالات الطارئة. وقد ارتفع سقف الديْن العام في ألمانيا منذ تسلم حكومة شولتس مهامها نهاية عام 2021، أولاً بسبب الأزمة الاقتصادية التي تسبب فيها وباء «كورونا»، وثانياً بسبب تبعات الحرب في أوكرانيا، والتضخم والغلاء اللذين ضربا ألمانيا. وأراد ليندنر تخفيض المعاشات التقاعدية لتمويل الحرب في أوكرانيا، ولكن شولتس عدّ ذلك خطاً أحمر وطرد وزير ماليته. وعدّ البعض الخلاف الذي حدث بين ليندنر وشولتس متعمداً، بسبب تدني شعبية حزبه بشكل كبير منذ دخوله الحكومة.

البرلمان الألماني - البوندستاغ (أ.ف.ب)

وتشير استطلاعات رأي إلى أن الحزب «الليبرالي» لن يدخل حتى البرلمان في الانتخابات المقبلة، بسبب انخفاض نسبة التأييد له إلى ما دون 5 في المائة، وهي عتبة الدخول للبرلمان. ولكن هذا الانسحاب الذي وصفه البعض بـ«التكتيكي» من الحكومة، قد يرفع حظوظ الحزب «الليبرالي» مرة جديدة، خصوصاً أن مستوى الرضا عن حكومة شولتس منخفض إلى درجات قياسية.

وليندنر نفسه عبّر عن استعداده للعودة للحكومة بعد الانتخابات المقبلة ضمن حكومة يديرها الحزب «المسيحي الديمقراطي» وزعيمه ميرتس الذي يحل في الطليعة بحسب الاستطلاعات، ويحصل على نسبة تزيد على الـ32 في المائة. وحتى ميرتس عبّر عن انفتاحه للتحالف مع الليبراليين، وإعادة ليندنر نفسه وزيراً للمالية. وتعد السياسة المالية للحزبين «الليبرالي»، و«المسيحي الديمقراطي» قريبة من بعضها، وهي سياسة محافظة تعتمدها الأحزاب اليمينية الوسطية.

زعيم حزب المعارضة «المسيحي الديمقراطي» فريدريش ميرتس الذي يتصدر حزبه استطلاعات الرأي للفوز بالانتخابات المقبلة (إ.ب.أ)

وقال ليندنر بُعيد إعلان الاتفاق على تاريخ جديد للانتخابات، إن هدف حزبه تحقيق 10 في المائة من نسبة الأصوات في الانتخابات المقبلة، مضيفاً خلال مشاركته في منتدى ببرلين، أن «السباق لمنصب المستشار انتهى، ومن شبه المؤكد أن فريدريش ميرتس هو المستشار المقبل».

وبالفعل، حتى الآن تشير الاستطلاعات إلى أن الحزب «المسيحي الديمقراطي» الذي تنتمي إليه المستشارة السابق أنجيلا ميركل، وكان قد خرج من السلطة معها قبل ثلاث سنوات، هو الحزب الأول وبفارق كبير. وفي المرتبة الثانية يحل حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف بنسبة تأييد تصل إلى 18 في المائة، وبعده الحزب «الاشتراكي» بنسبة تأييد تصل إلى 16 في المائة. وفي الماضي، قادت ميركل ثلاث حكومات ائتلافية من أصل أربع كان الحزب «الاشتراكي» شريكها فيها. ولكن هذه المرة يبدو أن ميرتس يخطط للتحالف مع الليبراليين، ولكن سيتعين أولاً الحصول على أصوات كافية لدخول البرلمان.

المستشار الألماني أولاف شولتس في مكتبه يتحدث عبر الجوال قبيل إقالته وزير ماليته (أ.ف.ب)

ويرفض ميرتس وكل الأحزاب السياسية الأخرى، التحالف مع «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف رغم حلوله ثانياً في استطلاعات الرأي، ما يعني أنه قد يصبح حزب المعارضة الأكبر داخل البرلمان في الانتخابات المقبلة.

وانهارت حكومة شولتس في اليوم الذي صدرت فيه نتائج الانتخابات الأميركية، وأُعلن فوز دونالد ترمب بالرئاسة. ورغم أن التسريبات من داخل حزب شولتس كانت تشير إلى أن فوز ترمب قد يوحد الحكومة ويدفعها لتخطي خلافات بهدف الاستعداد لولاية ترمب، فإن العكس حدث. وشجع الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير المنتمي للحزب «الاشتراكي» على السرعة لتخطي الأزمة السياسية، وإعادة الاستقرار لألمانيا، وهو يجري مشاورات لا تتوقف مع الأحزاب منذ انهيار الحكومة. ويتعين عليه الآن تأييد تاريخ 23 فبراير موعداً للانتخابات المقبلة، ولكن ذلك يعد خطوة شكلية.

وزير المالية المقال كريستيان ليندنر (إ.ب.أ)

ويرى محللون أن تقليص فترة عدم اليقين في ألمانيا ضرورية لكي تتيح للحكومة المقبلة أن تستعد للتعامل مع إدارة ترمب، خصوصاً في الملفات الشائكة، وتحديداً ملف أوكرانيا. ويؤيد حزب ميرتس دعماً أكبر لأوكرانيا من شولتس، وهو يؤيد كذلك انضمامها لحلف الناتو، على عكس شولتس الذي يرى أن الأفضل أن تبقى حيادية.