خطوة جديدة من تركيا لتحسين العلاقة مع مصر

جاويش أوغلو يتصل بشكري لـ«التهنئة» بحلول رمضان

وزير الخارجية المصري تلقى اتصالاً من نظيره التركي (رويترز)
وزير الخارجية المصري تلقى اتصالاً من نظيره التركي (رويترز)
TT

خطوة جديدة من تركيا لتحسين العلاقة مع مصر

وزير الخارجية المصري تلقى اتصالاً من نظيره التركي (رويترز)
وزير الخارجية المصري تلقى اتصالاً من نظيره التركي (رويترز)

بدا أمس أن تركيا قطعت خطوة جديدة تهدف إلى الإسراع في جهود تحسين العلاقات مع مصر، بعد إقدامها خلال الشهر الماضي على إلزام القنوات الناطقة باسم «الإخوان المسلمين» والداعمة لهم التي تبث من إسطنبول على وقف الهجوم على القيادة المصرية، وتخفيف محتوى البرامج السياسية، والابتعاد عن لغة السباب والتدخل في الشؤون المصرية.
جاءت هذه الخطوة بعد سلسلة من التصريحات الودية تجاه مصر أطلقها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ومسؤولون في حكومته وحزبه «العدالة والتنمية» (الحاكم)، على مدى الشهرين الماضيين، حول استعداد أنقرة لتحسين علاقاتها مع القاهرة التي تأثرت بسقوط حكم «الإخوان» في مصر عام 2013. وفي خطوة أخرى، أجرى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمس (السبت)، اتصالاً هاتفياً مع نظيره المصري سامح شكري؛ قالت مصادر دبلوماسية إنه جاء للتهنئة بمناسبة حلول شهر رمضان.
وقبل ذلك بيوم واحد، أبرزت وسائل الإعلام التركية، في مقدمها وكالة أنباء «الأناضول» الرسمية، ما جاء في كلمة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أمام القمة الافتراضية لمجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية، التي استضافتها إندونيسيا، الخميس، حيث وجه الشكر للرئيس التركي على الجهود التي بذلها خلال رئاسة تركيا الدورية لمجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية، التي سلمتها لإندونيسيا خلال القمة العاشرة للمجموعة.
ورغم الطابع البرتوكولي للكلمة، إلا أن الإعلام التركي قدمها على أنها بادرة على تحسن العلاقات، وحرص على الإشارة إلى أن رئيس الوزراء المصري ألقى الكلمة نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي. وقال مدبولي، في مستهل كلمة مصر أمام القمة، «أود أن أشكر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، على الجهود التي بذلتها بلاده خلال رئاستها لمنظمتنا، وأيضاً أود أن أهنئ رئيسة وزراء جمهورية بنغلاديش شيخة حسينة واجد، على تولي بلادها رئاسة الدورة الجديدة للمنظمة، وأتمنى لبنغلاديش التوفيق والسداد خلال رئاستها للمنظمة».
وتضم مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية، وهي منظمة دولية تأسست عام 1997 بمبادرة من رئيس الوزراء التركي الراحل نجم الدين أربكان، كلاً من مصر ونيجيريا وباكستان وإيران وإندونيسيا وماليزيا وتركيا.
وأبدت تركيا على مدى الشهرين الماضيين رغبتها، على نحو مكثف، في تحسين العلاقات مع مصر، وأكد وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو، في فبراير (شباط) الماضي، وجود اتصالات دبلوماسية بين البلدين، منوهاً بما سماه «احترام مصر الجرف القاري لتركيا في شرق البحر المتوسط خلال طرحها مناقصات للتنقيب عن الغاز في المنطقة»، وأعقب ذلك تصريحات لإردوغان أكد فيها أن هناك اتصالات على مستوى المخابرات ووزارتي الخارجية في البلدين، وأنه يمكن المضي فيها قدماً ورفع مستواها، حسب ما ستسفر عنه. وردت القاهرة على لسان وزير خارجيتها سامح شكري بأنه «إذا ما وجدنا هناك تغييراً في السياسة التركية تجاه مصر، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وانتهاج سياسات إقليمية تتوافق مع السياسة المصرية، قد تكون هذه أرضية ومنطلقاً للعلاقات الطبيعية»، مشيراً إلى أن أنقرة يجب أن تترجم الأقوال إلى أفعال.
وفي 19 مارس (آذار) الماضي، ألزمت السلطات التركية، القنوات التابعة لـ«الإخوان»، التي تبث من إسطنبول، بالالتزام بميثاق الشرف الصحافي والإعلامي، وتجنب الشأن السياسي والهجوم والتطاول على القيادة المصرية، والتخلي عن أسلوب التحريض والإساءة للدولة المصرية ولدول الخليج العربي.
وعمدت القنوات الثلاث الناطقة بلسان «الإخوان» (الشرق، مكملين، ووطن) إلى تغيير خريطة برامجها، وإلغاء بث بعض البرامج السياسية التي تتسم بحدة الخطاب تجاه الحكومة المصرية، اعتباراً من 19 مارس، عقب اجتماع عقده مسؤولون بوزارة الخارجية التركية في أنقرة مع رؤساء القنوات الثلاث طالبوا خلالها بتغيير السياسة التحريرية للقنوات لتناسب المرحلة الجديدة التي تعمل فيها أنقرة على التقارب مع القاهرة.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».