رقابة

> قرار الحكومة الإيطالية بإيقاف العمل بمقتضى الرقابة على الأفلام، ذلك القرار الذي أعلنه وزير الثقافة داريو فرانشسكيني يوم الاثنين الماضي يعني انتهاء نظام أدّى للتدخل في حرية التعبير لدى فناني السينما، كما جاء في القرار.
> عدد الأفلام التي تم منع عرضها في إيطاليا منذ سنة 1944 يبلغ 725 فيلماً من بينها 274 فيلماً إيطالياً و130 فيلماً أميركياً و321 فيلماً من أنحاء العالم. هذا لجانب أكثر من 10 آلاف فيلم تعرض لقطع أو حذف مشاهد منها.
> لكن موضوع الرقابة شائك جداً وليس مجرد عملية إغلاق مكتب تمر أمام أعين موظفيه الأفلام فيحكمون لها أو عليها وإذا ما كان يكفي حذف بضع لقطات أو منع الفيلم بكامله. الرقابة في دولنا العربية لن تتوقّف عن تفعيل هذا الجهاز، وذلك لسبب مهم يغفل عنه المطالبون بذلك.
> هذا السبب لا يرتبط، كما يُشاع بسهولة، بتخلّف العرب عن مواكبة التقدّم حول العالم أو لا، بل بحقيقة أن لكل شعب حول العالم ثقافته الخاصّة التي تفرض انتماءات معيّنة لا يمكن القبول بها من دون تعريض النظم الاجتماعية لمخاطر من التسيّب والفوضى.
> وبينما توفر التكنولوجيا اليوم إمكانية عرض ما قد يُمنع عرضه على الشاشات السينمائية والتلفزيونية في كل بلد. إلا أن وجود الرقابة هو أمر مختلف شديد الصلة بالتقاليد الاجتماعية والثقافية والدينية لدينا.
> كخطوة منتصف الطريق، سمحت الدول لبعض المهرجانات السينمائية تقديم أفلامها الأجنبية من دون حذف أو منع ما ساعد الجمهور على التعرّف على أعمال تداولتها المهرجانات العالمية بلا حرج.
> بما أن معظم أفلام المهرجانات لا سوق لها في البلاد العربية، فإن السماح بعرضها كان متنفساً طبيعياً لا بد منه. في الوقت ذاته هناك حالات محقّة كثيرة يتمنّى المثقّف والفنان لو يستطيع إلقاء ضوء ساطع على موضوع معيّن من دون اللجوء إلى المواربة أو التنازل كليّاً عن دوره كفنان والاكتفاء بدوره كحكواتي.