صعوبات تعترض مفاوضات الليبيين حول «القاعدة الدستورية» للانتخابات

جانب من فعاليات الحوار السياسي الليبي الذي احتضنته العاصمة التونسية في نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)
جانب من فعاليات الحوار السياسي الليبي الذي احتضنته العاصمة التونسية في نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

صعوبات تعترض مفاوضات الليبيين حول «القاعدة الدستورية» للانتخابات

جانب من فعاليات الحوار السياسي الليبي الذي احتضنته العاصمة التونسية في نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)
جانب من فعاليات الحوار السياسي الليبي الذي احتضنته العاصمة التونسية في نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)

واصلت أمس «اللجنة القانونية»؛ المنبثقة عن «ملتقى الحوار السياسي الليبي»، اجتماعها في العاصمة التونسية، لليوم الثاني على التوالي، في جولة جديدة وصفت بأنها «شديدة التعقيد والأهمية»، وذلك لتأثيرها المباشر على موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المزمع إجراؤها في ليبيا يوم 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
ومن المنتظر أن تعلن هذه اللجنة، المكونة من 18 عضواً، عن نتائج المشاورات التي تدور خلف أبواب مغلقة، وهي التي ستحدد مصير الانتخابات الليبية المقبلة، في ظل حديث عن احتمالية تأجيلها.
وذكرت مصادر ليبية مشاركة في هذه الاجتماعات أن الهدف منها «إرساء قاعدة دستورية نهائية، تجرى على أساسها الانتخابات. علاوة على إعداد القانون الانتخابي، وتحديد عدد الدوائر الانتخابية»، مضيفة أن هذه القاعدة القانونية «يجب أن تكون جاهزة لاعتمادها في حال فشل مجلسي النواب والدولة في الاتفاق حول تلك القوانين».
وكانت اللجنة الدستورية، المكونة من مجلسي النواب والدولة، قد عقدت اجتماعين مع أعضاء اللجنة الدستورية خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، دون أن تتوصل إلى نتائج ملموسة، وهو ما كشف عن صعوبات تعترض الاتفاق حول هذا القانون الانتخابي، وقد رجح بعض المصادر أن تكون هذه الصعوبات قد نقلت بحذافيرها من مدينة الغردقة المصرية إلى العاصمة التونسية.
وفي هذا السياق، ضغط الطرف الأميركي على المجتمعين الليبيين في تونس من خلال تصريح ريتشارد نورلاند، السفير الأميركي لدى ليبيا، الذي قال إنه في حال لم يتمكن البرلمان الليبي من الاتفاق حول قاعدة دستورية قابلة للتطبيق، وتوصل إلى توافق في الآراء، فعلى «ملتقى الحوار السياسي الليبي» الاضطلاع بدوره؛ وفقاً لخريطة الطريق حتى يبقى تاريخ إجراء الانتخابات في موعده.
في السياق ذاته، كشف يان كوبيتش، المبعوث الأممي إلى ليبيا، خلال اجتماع اللجنة القانونية، عن تأييد المجتمع الدولي بشكل كامل مقترح إجراء الانتخابات الليبية في موعدها المحدد، مؤكداً أن المقترحات، التي ستصوغها اللجنة القانونية المنبثقة عن «ملتقى الحوار السياسي»، «ستكون حاسمة لتنفيذ أهداف خريطة الطريق الليبية».
كما أوضح كوبيتش أن الإطار الدستوري للانتخابات الليبية «يجب أن يكون جاهزاً بحلول أوائل يونيو (حزيران) المقبل، بغية إجراء الانتخابات الليبية في الأجل المتفق حوله خلال (ملتقى الحوار السياسي الليبي)، الذي احتضنته تونس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي». ودعا أعضاء اللجنة القانونية إلى الخروج بنتائج إيجابية «حتى يبعثوا برسائل قوية إلى أولئك الذين لا يترددون في خلق المشكلات لعرقلة العملية الانتخابية».
ويرى مراقبون أن المسار الدستوري في ليبيا يعدّ من أكثر الملفات تعقيداً، مقارنة بالمسارات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وذلك بسبب التباين الكبير في وجهات النظر بين الأطراف الليبية، وتعدد المقترحات، التي تتراوح بين كتابة دستور ليبي جديد، وتعديل مشروع الدستور المجمد منذ سنة 2017، وإجراء استفتاء حول الدستور، وهو ما لا تسمح به الفترة التي تفصل الليبيين عن موعد الانتخابات. إضافة إلى الخلافات حول المواد التي تتعلق بنظام الحكم وكيفية إدارة الثروة وتوزيعها.
وقبل الاجتماع الليبي في تونس، أثارت «القاعدة الدستورية» جدلاً واسعاً في ليبيا، وباتت محوراً جديداً للسجال السياسي، الذي يسيطر حالياً على المشهد الليبي بعناوينه المتعددة، بعد أن أصبح يعرف تداخلاً على مستوى الأولويات. علاوة على تبادل الاتهامات، الذي قد يجعل موعد الاستحقاق الانتخابي المرتقب يتأرجح، وفق متابعين للشأن الليبي، بين الإبقاء عليه وإنجاز نقلة سياسية في البلاد، وتأجيله وما سيخلفه ذلك من رسائل سياسية سلبية.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».