الرئيس الأميركي يؤكد أن حل الدولتين هو «الوحيد» للسلام

المساعدات ستقدم للفلسطينيين من خلال شركاء مستقلين

مخيم البلاطة قرب نابلس أمس (أ.ف.ب)
مخيم البلاطة قرب نابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الأميركي يؤكد أن حل الدولتين هو «الوحيد» للسلام

مخيم البلاطة قرب نابلس أمس (أ.ف.ب)
مخيم البلاطة قرب نابلس أمس (أ.ف.ب)

غداة إعادة العلاقات مع الفلسطينيين من باب استئناف المساعدات الأميركية لهم وللمنظمات الدولية التي تعني بشؤونهم، أكدت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن حل الدولتين هو «الوحيد» لتسوية النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ورداً على سؤال عما إذا كان الرئيس بايدن سيعيّن مبعوثاً خاصاً للملف الإسرائيلي - الفلسطيني، أشارت الناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي، إلى أنه لا يوجد حالياً أي إعلان في هذا الشأن. بيد أنها أكدت أن الرئيس الأميركي «يعتقد أن الحل الوحيد هو حل الدولتين»، رافضة الخوض في أي تفاصيل إضافية في شأن الطريقة التي ستعتمدها الإدارة الجديدة خلال الأشهر المقبلة لتفعيل هذا المسار.
وركز الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، على أن الولايات المتحدة «تعمل باستمرار على دعم التفاهم الإسرائيلي - الفلسطيني، وكذلك الأمن والاستقرار في منطقة مضطربة، بما يتماشى مع قيم ومصالح الولايات المتحدة، بالإضافة إلى مصالح حلفائها وشركائها، وتلتزم الولايات المتحدة بتعزيز الرخاء والأمن والحرية لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين بطرق ملموسة في المدى القريب»، معتبراً أن ذلك «وسيلة للتقدم نحو إقامة دولتين متفاوَض عليهما».
وقال برايس إن استئناف المساعدات لوكالة الأونروا «يمنح الولايات المتحدة مقعداً على الطاولة، ويجعلها تتحاور معها في الوقت الذي فقدت فيه أميركا ذلك عندما رفضت الإدارة الأميركية السابقة دعمها»، في إشارة إلى قرار الرئيس السابق دونالد ترمب وقف المساعدات بصورة شبه كلية للفلسطينيين. وأشار إلى أن الولايات المتحدة «حافظت تاريخياً على دعم (الأونروا) ومتابعة أعمالها، ومع عودة الإدارة الحالية إلى الدعم، بما يمكنها المساعدة في دفعها بالطرق التي تعتقد أنها في مصلحتها، ومتسقة مع قيم أميركا». وأوضح أن «هناك مجالات نود أن نرى فيها الإصلاح. سوف نستمر في أن نكون في وضع، وموقع أكبر لقيادة (الأونروا)، وتوجيهها في اتجاه نعتقد أنه منتج ومفيد بهذه الخطوة اليوم، وذلك لتحسين الشفافية والمساءلة وعمليات الحوكمة والرقابة الداخلية. وثانياً، بشكل متعدد الأطراف لتحسين استدامته بمرور الوقت». وأكد أن الإدارة الأميركية الحالية «تعمل عن كثب» مع الكونغرس، لإعادة تشغيل المساعدات الاقتصادية الأميركية والتنموية والأمنية والإنسانية للشعب الفلسطيني، ويشمل ذلك 75 مليون دولار من المساعدات الاقتصادية والإنمائية في الضفة الغربية وقطاع غزة، و10 ملايين لبرامج بناء السلام من خلال الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، و150 مليوناً من المساعدات الإنسانية لوكالة «الأونروا». وقال إن «كل هذه المساعدات ستتم بما يتوافق مع قانون الولايات المتحدة، إذ تشمل المساعدة، من بين أمور أخرى، دعم تعافي الشركات الصغيرة والمتوسطة من آثار جائحة (كورونا) بـ15 مليون دولار، ودعم الأسر المحتاجة للحصول على الحاجات الإنسانية الأساسية، بما في ذلك الغذاء والمياه النظيفة، ودعم المجتمع المدني الفلسطيني، وجزء من هذا التمويل سيدعم شبكة مستشفيات القدس الشرقية، حيث تواصل تقديم العلاجات الضرورية والمنقذة للحياة للفلسطينيين، نحن ملتزمون بتعزيز سلامة وأمن الشعب الفلسطيني، ودعم حل الدولتين».
وأكد أن المساعدات تُقدّم في الضفة الغربية وقطاع غزة من خلال شركاء مستقلين، ذوي خبرة وموثوق بهم على الأرض، وهؤلاء الشركاء هم الذين يوزعون مباشرة على الأشخاص المحتاجين، وليس من خلال الحكومة أو سلطات الأمر الواقع، مشيراً إلى أن هؤلاء «الشركاء» يمتلكون أنظمة صارمة للحد من المخاطر، وتهدف إلى ضمان وصول المساعدة الممولة من دافعي الضرائب الأميركيين إلى أولئك الذين تستهدفهم، النساء والرجال والأطفال المحتاجين.
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالخطوة الأميركية لمعاودة المساعدات للاجئين الفلسطينيين، البالغ عددهم نحو 5.7 ملايين شخص والوكالات الدولية التي تخدمهم. وذكر رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة فولكان بوزكير، بأن «(الأونروا) تقدم اليوم تعليماً جيداً لأكثر من 530 ألف طالب وطالبة، وتقدم الرعاية الصحية التي تتضمن أكثر من 8.4 مليون زيارة للعيادات بشكل سنوي، وتقدم المساعدة للحصول على فرص كسب العيش».
وأفاد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط» وآسيا والمحيط الهادئ في دائرة الشؤون السياسية وبناء السلام، خالد خياري، بأن «(الأونروا) بالكاد تجنبت انهياراً مالياً في نهاية 2020، في وقت اشتدت فيه الحاجات»، موضحاً أن «العجز المالي الذي تواجهه (الأونروا) هذا العام يصل إلى أكثر من 200 مليون دولار لدعم ميزانية برامجها الأساسية».
ووصف المندوب الدائم لدولة فلسطين المراقبة لدى الأمم المتحدة رياض منصور، قرار التمويل الأميركي الذي يصل إلى 235 مليون دولار بأن «هذا مبلغ مهم تشتد الحاجة إليه لمعالجة التحديات التي تواجهها (الأونروا)».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».