بدء الاجتماعات المباشرة لمناقشة «القاعدة الدستورية» للانتخابات الليبية

حفتر يطالب حكومة الوحدة الوطنية بإخراج «المرتزقة»

جانب من الاجتماعات المباشرة لمناقشة «القاعدة الدستورية» للانتخابات الليبية في العاصمة التونسية أمس (البعثة الأممية)
جانب من الاجتماعات المباشرة لمناقشة «القاعدة الدستورية» للانتخابات الليبية في العاصمة التونسية أمس (البعثة الأممية)
TT

بدء الاجتماعات المباشرة لمناقشة «القاعدة الدستورية» للانتخابات الليبية

جانب من الاجتماعات المباشرة لمناقشة «القاعدة الدستورية» للانتخابات الليبية في العاصمة التونسية أمس (البعثة الأممية)
جانب من الاجتماعات المباشرة لمناقشة «القاعدة الدستورية» للانتخابات الليبية في العاصمة التونسية أمس (البعثة الأممية)

انطلقت أمس في العاصمة التونسية الاجتماعات المباشرة لأعضاء اللجنة القانونية، المنبثقة عن «ملتقى الحوار السياسي الليبي، والتي ستستمر حتى غد الجمعة». وتهدف هذه الاجتماعات لاستكمال المناقشات حول القاعدة الدستورية، التي ستمهد الطريق لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية الليبية في 24
من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وفقاً لخريطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي. وفي بيان أصدرته أمس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، التي تيسر هذا الاجتماع، رحب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس البعثة، يان كوبيش، بأعضاء اللجنة القانونية، مؤكداً أهمية الجهود التي تُبذل لتحقيق أهداف خريطة الطريق، التي تم اعتمادها في تونس منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
كما أكدت البعثة التزامها الكامل بدعم إجراء الانتخابات في الوقت المحدد، وفقاً لخريطة الطريق، التي أقرها الملتقى، وتلبية لمطالب الأغلبية الساحقة من الشعب الليبي. وقالت ضمن بيانها: «لقد آن الأوان للمؤسسات الدستورية المعنية بأن تضع الإطار الدستوري، والانتخابي في أقرب وقت ممكن، بغية إمكانية إجراء الانتخابات، وتعدّ مداولات اللجنة القانونية عنصراً بالغ الأهمية للمضي قدماً في التحضير لهذه الانتخابات». وتضم اللجنة القانونية 17 عضواً من أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي (الـ75)، تطوعوا للانضمام إلى اللجنة. وتم تأسيسها وفقاً للمادة 4 من خريطة الطريق، التي أقرها الملتقى، والتي تنص على تفويض أعضاء اللجنة القانونية لمتابعة التقدم في المسار الدستوري. وفي سياق ذلك، حث السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، مجلس النواب على التوصل إلى توافق بشأن القاعدة الدستورية، التي ستجرى عليها الانتخابات الرئاسية. لكنه قال إذا كان البرلمان غير قادر على ذلك «فإنه يتعين على منتدى الحوار السياسي الليبي الاضطلاع بدوره وفقاً لخريطة الطريق».
يأتي ذلك، فيما حدد المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» استراتيجيته في غياب محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، باعتباره قائده الأعلى. وقال حفتر في كلمة خاطب بها ضباط الجيش في الجلسة الختامية لمؤتمرهم الأول، مساء أول من أمس، بمقره خارج مدينة بنغازي، إن «معركة الشرف والكرامة لن تنتهي حتى نصل إلى إرجاع هيبة الدولة، وتأمين حدودها وقواعدها العسكرية ومياهها الإقليمية».
وطالب حفتر قوات الجيش بالاستعداد واليقظة التامة لأداء مهامه، كما دعا حكومة «الوحدة الوطنية» للعمل بكل قوة على إخراج «المرتزقة»، ودعم قوات «الجيش الوطني».
وكان لافتا تغيب محمد المنفي عن المشاركة في هذا المؤتمر، باعتباره القائد الأعلى لجيش البلاد، كما تغيب الدبيبة، الذي يشغل أيضا منصب وزير الدفاع، بالإضافة إلى رئاسته لحكومة «الوحدة».
وكشف السفير نورلاند عن تفاصيل اجتماعه مع عماد السائح، رئيس المفوضية العليا للانتخابات، أول من أمس في تونس، وقال إنه اطلع على آخر المستجدات حول التخطيط الجاري للانتخابات الوطنية، المنتظرة في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وأضاف نورلاند في بيان أنه هنأ السائح على الاستعدادات التي تم استكمالها حتى الآن، وعلى طريقة الاشتغال التي اتسمت بالكفاءة العالية والاستقلالية والحياد، والتي نفذت بها المفوضية مهامها الفنية، استعداداً لهذا الحدث التاريخي في الحياة السياسية الليبية.
كما شدّد نورلاند على الأهمية التي توليها الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق حول قاعدة دستورية، تجرى على أساسها الانتخابات في نهاية العام الحالي، وقال بهذا الخصوص: «من وجهة نظر الولايات المتحدة، إذا كان مجلس النواب غير قادر على التوصل إلى توافق في الآراء بشأن هذه القضايا، فإنه يتعين على منتدى الحوار السياسي الاضطلاع بدوره، وفقاً لخريطة الطريق، حتى يُمكن إجراء الانتخابات، وفقاً للموعد المحدد والمتفق عليه في المنتدى». مبرزا أنه ناقش مع السائح أهمية تأمين الانتخابات، وإتاحة مساحة للمجتمع المدني للمشاركة في أنشطة توعية الناخبين، وتمكين المرشحين من القيام بحملاتهم الانتخابية بحريّة.
كما أكد نورلاند أن الولايات المتحدة تدعم المشاركة الكاملة لجميع الناخبين المؤهلين، رجالا ونساء، ومن ذوي الاحتياجات الخاصة، وأعضاء المكونات الثقافية على حد سواء. وقال إن بلاده تثمّن شراكتها مع مفوضية الانتخابات، «باعتبارها مؤسسة مستقلة وقادرة، وهي تستعد لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة لشعب ليبيا»، مشيداً بعمل السائح وكفاءته طوال السنوات، التي شغل فيها منصبه رئيسا للمفوضية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.