وفاة مسؤول التعذيب الحوثي بـ«كورونا»

TT

وفاة مسؤول التعذيب الحوثي بـ«كورونا»

اعترفت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران على نحو مفاجئ بوفاة القيادي البارز المعاقب من قبل مجلس الأمن الدولي سلطان زابن في صنعاء. وبينما ثارت الشكوك حول طريقة موته الغامضة، قال ناشطون موالون للجماعة إنه توفي متأثراً بإصابته بفيروس «كورونا».
وفي ظل هذا الغموض، زعم بيان صادر عن وزارة داخلية حكم الانقلاب في صنعاء أن زابن وهو المعين مديراً للمباحث الجنائية وينتحل رتبة عميد، توفي «إثر مرض عضال ألم به» من دون أن يكشف البيان عن طبيعة المرض.
إلى ذلك، أفادت المصادر الحوثية بوفاة المسؤولة عن حبس النساء في السجن المركزي في صنعاء الخاضع للجماعة أفراح الحرازي وهي الذراع اليمنى لزابن جراء إصابتها بفيروس «كورونا»، وهي الرواية التي قابلها ناشطون يمنيون بالتشكيك، إذ توقعوا أن تكون الجماعة قامت بتصفية زابن والحرازي ضمن مساعيها لتبييض صفحتها أمام المجتمع الدولي.
ويتحدر زابن من محافظة صعدة وهو من المقربين من زعيم الجماعة الحوثية وتلقى تدريبات من «الحرس الثوري» الإيراني وأوكل إليه زعيم الجماعة المسؤولية عن تعقب وملاحقة المناهضين للجماعة في صنعاء بمن فيهم النساء حيث استحدث سجوناً سرية لهذا الغرض، بحسب ما أكدته تحقيقات أممية ومنظمات حقوقية محلية وناجيات من هذه السجون.
وأصدر مجلس الأمن الدولي في فبراير (شباط) الماضي قراراً قضى بمعاقبة سلطان زابن مع آخرين في الجماعة بحظر السفر وتجميد الأموال بعد أن وجهت إليهم تهماً بتهديد السلم والأمن والاستقرار في اليمن، ولجهة أن زابن لعب دوراً بارزاً في سياسة الترهيب واستخدام الاعتقال والتعذيب والعنف الجنسي والاغتصاب ضد النساء الناشطات سياسيا.
وكان تقرير لفريق الخبراء الأمميين التابعين لمجلس الأمن أوصى المجلس بأن يضمن قراراته عبارات تدين الإخفاء القسري الذي تقوم به الجماعة الحوثية وكذلك العنف الجنسي والقمع ضد النساء اللاتي يعبرن عن آراء سياسية أو يشاركن في المظاهرات وكذا الإعراب عن اعتزامه فرض جزاءات على من يقومون بهذه الأعمال.
ورصد التقرير الأممي حينها أعمال الانتهاكات الحوثية ضد النساء اليمنيات في مناطق سيطرة الجماعة، وذكر أسماء المتورطين من قادة الميليشيات في هذه الانتهاكات التي طالت العشرات من النساء في السجون السرية.
وأكد الفريق الأممي في تقريره أنه أجرى مقابلة مع إحدى النساء حرمها قيادي في الميليشيات الحوثية من حريتها وتحرش بها جنسياً، لاحتجاجها على الجماعة، حيث تبين أنه من عناصر جهاز «الأمن الوقائي» الذي يتبع زعيم الميليشيات الحوثية مباشرة.
وأكد المحققون أنهم وثقوا نمطاً متزايداً من قمع المرأة عبر 11 حالة من النساء اللائي تعرضن للاعتقال والاحتجاز والضرب والتعذيب أو الاعتداء الجنسي بسبب انتماءاتهن، إذ أشارت الاتهامات للقيادي الحوثي سلطان زابن والقيادي الآخر عبد الحكيم الخيواني المعين قائداً لمخابرات الجماعة.
وتلقى اليمنيون، وبخاصة النساء والناجيات من سجون الميليشيات الحوثية، نبأ وفاة زابن بارتياح واسع، وأكدوا أن وفاته لن تطوي سجل الميليشيات الإجرامي بحق النساء اليمنيات خلال السنوات الماضية.
وتقول مصادر طبية في صنعاء تحدثت إلى «الشرق الأوسط» إن جائحة «كورونا» في موجتها الجديدة باتت تتفشى بشكل مخيف في أوساط اليمنيين، لا سيما في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية إذ تتجاهل الجماعة الجائحة وترفض اتخاذ أي تدابير من شأنها أن تحد من انتشار الفيروس فضلاً عن عدم اعتراف قادتها بوجوده، وزعمهم أن لديهم «مناعة إيمانية» بفضل توجيهات زعيمهم.
وكان القيادي في الجماعة المعين وزيراً للنقل في حكومة الانقلاب زكريا الشامي فارق الحياة هو الآخر مصاباً بالفيروس إلى جانب أمه بينما نجا رئيس حكومة الانقلاب عبد العزيز بن حبتور حيث شوهد في اجتماع مع قادة الميليشيا بعد أن خرج من المستشفى.
وبحسب مصادر مطلعة، لا يزال عدد من كبار قادة الميليشيات يتلقون الرعاية بسبب إصابتهم بالفيروس من بينهم وزراء في حكومة الانقلاب غير المعترف بها.
وفي مناطق سيطرة الشرعية، تحاول الحكومة جاهدة احتواء تفشي الفيروس، إذ أوعزت إلى السلطات المحلية باتخاذ تدابير من شأنها أن تحد من اتساع انتشاره، كما فعلت ذلك السلطات في مأرب وتعز وعدن.


مقالات ذات صلة

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
TT

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)

في الوقت الذي جدد فيه المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة المدعومة من إيران مستهدفة محافظتي الحديدة والبيضاء.

جاءت هذه التطورات في وقت أفادت فيه هيئة بريطانية مختصة بالأمن البحري بأن سفينة أبلغت عن تعرُّضها لهجمات لم تصبها أثناء وجودها في جنوب البحر الأحمر، حيث يشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن منذ نحو عام تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

في هذا السياق، أفاد مكتب غروندبرغ في بيان، الثلاثاء، بأنه التقى في مسقط بكبار المسؤولين العُمانيين والمتحدث باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها محمد عبد السلام.

وبحسب البيان، ناقش المبعوث الأممي التدابير اللازمة لمعالجة الأزمة الاقتصادية في اليمن، وتحسين الظروف المعيشية، والاستجابة للتطورات الإقليمية. كما استكشفت المناقشات سبل تعزيز الالتزامات نحو عملية سياسية يمنية شاملة.

وفي اجتماع غروندبرغ مع المتحدث باسم الحوثيين، ذكر البيان أنه طالب أيضاً بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة وغيرهم من المعتقلين تعسفياً.

ويأمل المبعوث الأممي أن تقود جهوده إلى تحقيق اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي ازدادت تعقيداً مع هجمات الحوثيين البحرية ضد السفن وتصعيدهم إقليمياً، وهو ما أدى إلى تجمد التوصل إلى اتفاق للسلام.

غارات غربية

ضمن العمليات التي تقودها واشنطن في اليمن منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقيها، الثلاثاء، غارات لليوم الرابع على التوالي، وصفتها بـ«الأميركية البريطانية».

ونقل إعلام الحوثيين أن 3 غارات استهدفت منطقة الفازة التابعة لمديرية التحيتا الواقعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً لشن الهجمات البحرية، واستقبال الأسلحة الإيرانية المهربة.

واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

وإذ لم تشر الجماعة إلى الأضرار الناجمة عن هذه الغارات، قالت إن غارة استهدفت سيارة في مديرية الصومعة في محافظة البيضاء، كما استهدفت غارتان نفذتهما طائرة أميركية من دون طيار أهدافاً في مديرية ذي ناعم والصومعة في المحافظة نفسها الواقعة إلى الجنوب الشرقي من صنعاء.

وكانت الجماعة اعترفت أنها تلقت، الاثنين، 7 غارات، وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، استهدفت منطقة حرف سفيان شمال محافظة عمران، إلى جانب غارتين استهدفتا منطقة الرحبة في مديرية الصفراء التابعة لمحافظة صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

كما أقرت بتلقي 4 غارات استهدفت منطقة جربان في الضواحي الجنوبية لصنعاء، إلى جانب غارة استهدفت معسكر «الحفا» في صنعاء نفسها، وغارتين ضربتا منطقة حرف سفيان في محافظة عمران، يوم الأحد.

وبدأت الموجة الجديدة من الضربات الغربية المتتابعة، مساء السبت الماضي؛ إذ استهدفت 3 غارات معسكرات الجماعة ومستودعات أسلحتها في منطقتي النهدين والحفا في صنعاء.

صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)

وفي حين بلغت الغارات الغربية التي استقبلها الحوثيون نحو 800 غارة، بدءاً من 12 يناير الماضي؛ لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة، في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في استهداف المواقع المحصّنة للجماعة في صنعاء وصعدة، في رسالة استعراضية فُهمت على أنها موجَّهة إلى إيران بالدرجة الأولى.

وتقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

هجوم دون أضرار

في سياق التصعيد الحوثي ضد السفن، قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة على مسافة 70 ميلاً بحرياً جنوب غربي الحديدة باليمن أبلغت، الثلاثاء، عن انفجارات عدة في محيطها.

وبينما أضافت الهيئة أنه لم يتم الإبلاغ عن أي أضرار بالسفينة، وأن الطاقم بخير، لم تتبنَّ الجماعة الحوثية من جهتها المسؤولية عن هذه الهجمات على الفور.

يشار إلى أنه منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

ويتهم مراقبون يمنيون الجماعة الحوثية بأنها وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية؛ إذ كان الطرفان قد وافقا، أواخر العام الماضي، على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعُمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن، وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

وخلال الأشهر الماضية تبنّت الجماعة إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

من آثار الضربات الإسرائيلية على مدينة الحديدة اليمنية الخاضعة للحوثيين (أ.ف.ب)

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة؛ وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.