«داعش» يخطف مدنيين ورجال شرطة بهجوم مباغت في البادية السورية

TT

«داعش» يخطف مدنيين ورجال شرطة بهجوم مباغت في البادية السورية

أفيد بقيام «داعش» بخطف مدنيين في البادية السورية أمس، في وقت أعلنت فيه تركيا أن جيشها سيستمر في سوريا «من أجل حماية مصالحها»، في وقت كشفت فيه تقارير «تغاضي» أنقرة عن نشاط أحد عناصر تنظيم «القاعدة» يعمل على تشكيل جيش من المسلحين الأتراك المتشددين.
وخطف عناصر «داعش» الثلاثاء، 19 شخصاً غالبيتهم من المدنيين إثر هجوم مباغت شنوه في منطقة البادية في وسط سوريا، حسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وأوضح أنه خلال اشتباكات مع قوات النظام في ريف حماة الشرقي، عمد التنظيم إلى خطف ثمانية عناصر من الشرطة و11 مدنياً، كانوا يجمعون الكمأة «في منطقة قريبة، ولا يزال هناك 40 شخصاً مفقوداً».
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أيضاً بـ«اختطاف عدد من أهالي قرية السعن من قبل تنظيم داعش الإرهابي (...) خلال جمع الكمأة»، مشيرة إلى إصابة آخرين بجروح نقلوا إثرها إلى مستشفى مدينة السلمية.
ومنذ إعلان القضاء على مناطق التنظيم قبل عامين وخسارته جميع مناطق سيطرته، انكفأ «داعش» إلى البادية الممتدة بين محافظتي حمص (وسط) ودير الزور (شرق) عند الحدود مع العراق، حيث يتحصن مقاتلوه في مناطق جبلية. وخلال الأشهر الماضية، صعّد عناصر التنظيم المتطرف من وتيرة هجماتهم على قوات النظام في البادية التي تحولت إلى مسرح اشتباكات.
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن إن عناصر التنظيم عمدوا في هجمات عدة إلى «خطف مدنيين ورعاة وجنود من قوات النظام»، مشيراً إلى أنه «في معظم الأحيان كان يتم إعدام المخطوفين، خصوصاً من عناصر قوات النظام». وأوضح أن العملية الأخيرة الثلاثاء «تُعد أكبر حادثة خطف يقوم بها التنظيم منذ إعلان القضاء على مناطق التنظيم». وخلال سيطرته على مناطق واسعة في سوريا والعراق، شنّ التنظيم المتطرف عمليات خطف عدة طالت عشرات المدنيين.
وأفاد «المرصد»، أمس (الثلاثاء)، بوقوع اشتباكات بين الفصائل السورية المسلحة الموالية لتركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) على محور كفر خاشر ومرعناز جنوب مدينة إعزاز، تزامناً مع قصف تركي من قاعدة البحوث على قرية مرعناز شمال حلب تسببت في قطع طريق الشط الواصلة ما بين مدينتي إعزاز وعفرين الواقعتين ضمن سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها، فيما يعرف بمنطقتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون».
وأبرم النظام اتفاقاً جديداً مع «قسد» بعد أيام من فشله بعقد اتفاق مماثل في إدلب. وأكدت مصادر إعلامية أن الاتفاق قضى بـ«فتح المعابر بين مناطق سيطرة النظام وشمال شرقي سوريا بتزويد مناطق سيطرته بالبترول بمعدل 200 صهريج نفطي، ذلك بعد أيام من فشل افتتاح معابر مع مناطق إدلب وحلب». وقضى الاتفاق بإلزام السيارات التجارية بدفع ضرائب بنسبة 30 في المائة من قيمة حمولتها، وخمسة آلاف ليرة عن كل فرد يدخل مناطق سيطرة «قسد».
وسبق أن أعلنت روسيا افتتاح ثلاثة معابر بين مناطق النظام وإدلب وحلب، الخاضعتين لسيطرة فصائل، وهو ما لم يُنفذ، بسبب رفض تركيا والفصائل المحلية.
على صعيد آخر، كشف موقع «نورديك مونيتور» السويدي أن تركيا «تغض الطرف عن إرهابي يعمل لحساب تنظيم (القاعدة) يسعى لتشكيل جيش من المقاتلين الأتراك المتشددين». وذكر الموقع أن خليل كورتولوش، الملقب بـ«أبو محمد علي» (45 عاماً)، تدرب على يد جماعة «التبليغ» الباكستانية، وانضم إلى تنظيم «القاعدة» الإرهابي في سوريا، لمحاولة تكوين ما يسمى «جيش» من أتراك متشددين.
ونسب الموقع إلى وثائق مخابراتية، قال إنه حصل عليها، أن كورتولوش تنقل مراراً بين تركيا وسوريا منذ عام 2012 من أجل القتال إلى جانب الجماعات الإرهابية بما فيها «القاعدة» وفروعها، وأنه أخبر أصدقاءه بشأن محادثاته مع قادة «القاعدة» في أفغانستان وباكستان، وأنه يتطلع لتكوين «جيش» في سوريا.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن الجيش التركي سيواصل حماية مصالح بلاده في سوريا، مضيفاً خلال لقاء مع مسؤولين في جمعية الضباط المتقاعدين في مقر وزارة الدفاع التركية جاء على خلفية إصدار 103 من الأدميرالات المتقاعدين من القوات البحرية يعارضون فيه إنشاء «قناة إسطنبول» والمساس باتفاقية «مونترو» الموقعة عام 1936 والتي تنظم الحركة في المضائق التركية والبحر الأسود، ليل الاثنين/ الثلاثاء، أن القوات المسلحة التركية ماضية في حماية حقوق ومصالح تركيا داخل وخارج البلاد، في كل من سوريا والعراق وقبرص وأذربيجان وليبيا وشرق البحر المتوسط، وأنها «تقدم تضحيات كبيرة في سبيل تحقيق السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.