دراسة أميركية: وسائل الإعلام الإلكترونية غير دقيقة وتسهم في نشر شائعات

مخاوف من تكرار الأخبار الخاطئة على صعيد واسع حتى إنها تكتسب «مصداقية»

دراسة أميركية: وسائل الإعلام الإلكترونية غير دقيقة وتسهم في نشر شائعات
TT

دراسة أميركية: وسائل الإعلام الإلكترونية غير دقيقة وتسهم في نشر شائعات

دراسة أميركية: وسائل الإعلام الإلكترونية غير دقيقة وتسهم في نشر شائعات

كشفت دراسة أميركية أن عددا كبيرا من وسائل الإعلام الإلكترونية تفتقد إلى الدقة وتسهم في نشر شائعات، مؤكدة أنه ليس كل ما ينشر على الشبكة يتمتع بالمصداقية. بل أفادت الدراسة التي نشرها مركز «تاو للصحافة الرقمية» في جامعة كولومبيا العريقة بنيويورك أن وسائل الإعلام الاجتماعي تلعب دورا أساسيا في نشر الأخبار المثيرة بغض النظر عن دقتها.
وقالت الدراسة التي تحمل عنوان «أكاذيب وأكاذيب كريهة ومحتوى ينتشر بسرعة» إنه «بدلا من لعب دور مصدر معلومات دقيقة، يسهم عدد كبير من وسائل الإعلام الإلكترونية في التضليل لتحصد مزيدا من الزيارات لموقعها ومن الاهتمام». وعبر 164 صفحة، يشرح كريغ سيلفرمان من معهد «تاو للصحافة الرقمية» أن وسائل الإعلام اضطرت لمعالجة أخبار لم يتم التحقق من صحتها لكن بعضها تسرعت في نشر أخبار كاذبة، بسبب ضغط سرعة تناقل الأخبار.
وتابعت الدراسة نفسها أن «عددا كبيرا من المواقع لا يتحقق من صحة المعلومات التي يقوم بنشرها. وبدلا من ذلك يقوم بربطه بوسيلة إعلام أخرى تشير هي نفسها إلى وسائل إعلام أخرى».
وقال سيلفرمان لوكالة الصحافة الفرنسية إن «المعلومات الكاذبة تثير في أغلب الأحيان اهتماما أكبر من الأخبار الصحيحة، لذلك تنتشر بشكل أوسع». وكانت شائعة تحدثت مثلا عن مقاتلة كردية تلقب «بملاك كوباني» قيل إنها قتلت مئات من مسلحي تنظيم داعش في سوريا. والخبر الذي لا أساس له من الصحة انتشر خلال أسابيع خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ووصل الباحثون إلى تغريدة للصحافي والناشط الهندي باوان دراني الذي وضع صورة لمقاتلة شابة وتحدث عن إنجازاتها ودعا إلى تناقل التغريدة بشأنها.
وقال التقرير إن قصة الشابة ثم نبأ وفاتها انتشرا بشكل واسع «لكن يبدو أنهما كاذبان بالكامل». وأضافت الدراسة أن «القصة جميلة جدا. أضف إليها صورة جذابة ويصبح الأمر مثاليا لتنتشر بسرعة على شبكات التواصل الاجتماعي». وتابعت «في الواقع معظمنا لن يعرف أبدا القصة الحقيقية لهذه المرأة وتتحمل الصحافة جزءا من المسؤولية في ذلك».
وأكد سيلفرمان أن معظم الأخبار الكاذبة تنشرها «وسائل الإعلام الجديدة» أو الصحافة الصفراء، لكن وسائل الإعلام التقليدية تتحمل مسؤولية بالسماح بانتشار الشائعات. وأضاف «عندما ينتشر نبأ كاذب على مواقع الإنترنت، يجب أن تهتم به الصحافة وتشير إليه لقرائها إلى ما نعرفه وما لا نعرفه».
وهناك مخاوف من تبعات ذلك خاصة وأنه نادرا ما ينشر النفي. وقال سيلفرمان إن «خبرا أفاد بأن مقاتلين من تنظيم داعش اعتقلوا على الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة تم نفيه خلال 24 ساعة ومع ذلك 20 في المائة فقط من وسائل الإعلام التي بثت الخبر، نشرت نفيه».
وصرح بيل ادير أستاذ الصحافة في جامعة ديوك التي أطلقت في 2007 موقع «بوليتيكفاكت» للتحقق من الوقائع أن الدراسة تكشف «توجها مقلقا جدا». وأضاف «من المقلق أن نرى صحافيين ينقلون معلومات لا يعرفون إن كانت صحيحة أو كاذبة». وأضاف أن «تويتر» ومواقع التواصل الاجتماعي تعمل بسرعة «وكثير من الناس بمن فيهم صحافيون يرون إنه إذا وضعت تغريدة فستنشر لذلك فإنها حرب رابحة. لكن وسائل الإعلام من واجبها التحقق مما تنشره».
وهناك مخاوف من أنه في بعض الأحيان تتكرر الشائعة عبر وسائل إعلام متعددة إلى درجة أنها تكتسب مصداقية. وأوردت مثالا نبأ أشار إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أكد في إصلاحه للقطاع الصحي أن هناك «هيئة تحكيم للموت» يقررون ما إذا كان شخص ما سيتلقى علاجا طبيا أم لا؟ وقال التقرير إن «كل شخص يكرر ذلك حتى لنفيه يرسخ الفكرة أكثر فأكثر في رؤوس الناس».
وأكدت نيكي آشر أستاذة وسائل الإعلام الجديدة في جامعة جورج واشنطن أن هذا الأمر كان واردا دائما لكن الفرق اليوم هو أن الشائعات تنتشر بشكل أسرع.
وقال سيلفرمان الذي يدير حساب على «تويتر» المتخصص بملاحقة الشائعات على الإنترنت: إن «الشبكة تسعى إلى نشر الحقيقة في أغلب الأحيان لكن هذا لا يكفي».
وأضاف «على مر الوقت، تخرج الحقيقة لكن إعلانات النفي تنتشر بسرعة أقل ولا تصل إلى الأشخاص أنفسهم»، مؤكدا أن «الحقيقة في أغلب الأحيان أقل أهمية وجودة لتقاسمها من الكذب».



«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)
TT

«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)

مرة أخرى يتجدَّد الصراع بين عملاقَي التكنولوجيا «أبل»، و«ميتا»، مثيراً تساؤلات بشأن مدى «حماية خصوصية بيانات المستخدمين». وبينما رأى خبراء التقتهم «الشرق الأوسط» أن المعركة الأخيرة جزء من نزاع مستمر بين «أبل»، و«ميتا» يتيح لهما البقاء على عرش التكنولوجيا الرقمية، فإنهم أشاروا إلى أن تأثير الصراع بشأن الخصوصية قد يمتد إلى مواقع الأخبار.

المعركة الأخيرة بدأت منتصف الشهر الحالي، مع تحذير وجَّهته شركة «أبل» بشأن تقديم منافستها «ميتا» مالكة «فيسبوك» و«إنستغرام» نحو «15 طلباً للوصول العميق إلى البيانات، في إطار قانون الأسواق الرقمية الجديد بالاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يضعف حماية بيانات المستخدمين».

ووفق «أبل»، فإنه «إذا حصلت طلبات (ميتا) على الموافقة، فسيكون باستطاعتها من خلال تطبيقاتها: (فيسبوك)، و(إنستغرام)، و(واتساب)، رؤية كل الرسائل القصيرة ورسائل البريد الإلكتروني والصور والمواعيد، وكل بيانات مكالمات المستخدمين». ونبَّهت «أبل»، في بيانها، إلى أن «مجموعة من الشركات تستخدم قانون الأسواق الرقمية الأوروبي؛ للوصول إلى بيانات المستخدمين». ولكن في المقابل، نفت «ميتا» هذه الاتهامات، وعدَّتها «حججاً تستخدمها (أبل) في إطار ممارساتها المضادة لحرية المنافسة». وقالت، في بيان لها، إن «(أبل) لا تعتقد بالتوافق بين الأجهزة الأخرى».

تعليقاً على ما هو حاصل، قال أنس بنضريف، الصحافي المغربي المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، إن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) هو امتداد لمعارك سابقة متكررة ومتجددة بين عملاقَي التكنولوجيا». وأردف: «هناك قانونان يحكمان السوق الرقمية في أوروبا: الأول هو قانون الخدمات الرقمية الذي يستهدف منع الاحتكار وحماية بيانات المستخدمين. والثاني هو قانون الأسواق الرقمية الذي يجبر الشركات على إتاحة معلوماتها للمطوّرين».

وأوضح بنضريف أن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) مرتبط بقانون التسويق الرقمي، إذ تعدّ (ميتا) من المطوّرين المتاحة تطبيقاتهم، مثل (إنستغرام) و(فيسبوك) على هواتف (أبل)». وتوقّع أن تنتهي المعركة لصالح «ميتا»، مبرراً ذلك بأن «حجة (أبل) ضعيفة وغير كافية، وخصوصية بيانات المستخدمين محمية قانوناً في أوروبا، إلا أن مخالفة (ميتا) لقوانين حماية الخصوصية تُعرِّضها لغرامات كبيرة... وفي أي حال الصراع هو جزء من معركة تستهدف الضغط على (أبل) لفتح خدماتها وإتاحتها على منتجات تابعة لشركات أخرى».

للعلم، حسب قانون الأسواق الرقمية الأوروبي، لا يسمح للشركات المشغّلة للمنصّات الحصول على امتيازات خاصة. وتطالب المفوضية الأوروبية شركة «أبل» بأن تغدو أجهزتها متوافقة مع التكنولوجيا التي تنتجها شركات أخرى.

وبموجب إجراءات المفوضية الأوروبية يتوجب على «أبل» تقديم وصف واضح للمراحل والمواعيد النهائية المختلفة والمعايير والاعتبارات التي ستطبقها أو تأخذها في الاعتبار عند تقييم طلبات التشغيل البيني من مطوري التطبيقات، مع تزويد المطورين بتحديثات منتظمة، وتقديم التعليقات وتلقيها فيما يتعلق بفاعلية حل التشغيل البيني المقترح. ومن المتوقع صدور قرار من المفوضية بشأن ما إذا كانت «أبل» تلتزم بشرط قابلية التشغيل البيني، بحلول مارس (آذار) المقبل، وفق ما نقلته «رويترز».

من جهة ثانية، صرَّح محمد الصاوي، الصحافي المصري المتخصص في الرصد والتحليل الإعلامي، لـ«الشرق الأوسط» شارحاً أن «التوترات المستمرة بين (أبل) و(ميتا)، إلى جانب قانون الأسواق الرقمية في الاتحاد الأوروبي، تسلط الضوء على الأهمية المتزايدة لتنظيم شركات التكنولوجيا الكبرى، خصوصاً فيما يتعلق بالخصوصية والمنافسة». وأضاف أن «التحذير الذي أطلقته (أبل) بشأن (ميتا) أثار ذلك جدلاً حول ما إذا كانت مثل هذه الممارسات قد تضعف حماية البيانات للمستخدمين، والتركيز المتجدد على قانون الأسواق الرقمية يعد جزءاً من جهود الاتحاد الأوروبي لمنع شركات التكنولوجيا الكبرى من استغلال هيمنتها، حيث يهدف القانون إلى ضمان المنافسة العادلة عن طريق تقييد الشركات من منح نفسها مزايا خاصة، أو الوصول إلى بيانات المستخدمين بشكل مفرط دون موافقة».

وأشار الصاوي إلى أن «تأثير قانون الأسواق الرقمية يمتد إلى ما هو أبعد من شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث قد يؤثر أيضاً على المواقع الإخبارية، لا سيما تلك التي تعتمد على منصات مثل (فيسبوك) في توزيع منتجاتها». وأوضح أن «القانون قد يجبر المنصات على معاملة أكثر عدلاً، ما يضمن ألا تتضرر المواقع الإخبارية من الخوارزميات أو ممارسات البيانات المتحيزة، كما يفرض إعادة التفكير في كيفية جمع البيانات الشخصية ومشاركتها وحمايتها عبر المنصات، مما يشير إلى تحول نحو أنظمة رقمية أكثر شفافية».

وعدّ الصاوي «قانون الأسواق الرقمية محاولةً لإعادة التوازن في ديناميكيات القوة في السوق الرقمية، ما قد يؤثر بشكل كبير على المبدعين في مجال المحتوى، بما في ذلك المواقع الإخبارية، في كيفية تفاعلهم مع المنصات... في حين يضمن استمرار الصراع بين (أبل) و(ميتا) بقاءهما متربعتين على عرش المنافسة الرقمية».

وحقاً، يأتي الصراع الأخير بين «أبل» و«ميتا» في وقت قرَّرت فيه هيئة حماية البيانات الآيرلندية فرض غرامة قيمتها 251 مليون يورو على شركة «ميتا»؛ بسبب عملية اختراق واسعة لبيانات نحو 29 مليون مستخدم على مستوى العالم في عام 2018.