المبعوث السويدي إلى اليمن: يجب وقف الاعتداء الدموي المأساوي على مأرب

قال لـ«الشرق الأوسط» إن اتفاق استوكهولم «جنب الحديدة كارثة إنسانية»

المبعوث السويدي بيتر سيمنبي (تصوير: عبدالرحمن السالم)
المبعوث السويدي بيتر سيمنبي (تصوير: عبدالرحمن السالم)
TT

المبعوث السويدي إلى اليمن: يجب وقف الاعتداء الدموي المأساوي على مأرب

المبعوث السويدي بيتر سيمنبي (تصوير: عبدالرحمن السالم)
المبعوث السويدي بيتر سيمنبي (تصوير: عبدالرحمن السالم)

كان من المقرر أن يكون اللقاء مع المبعوث السويدي إلى اليمن، بيتر سيمنبي، الأسبوع الماضي، إلا أن زيارته إلى العاصمة العمانية مسقط أجلت اللقاء إلى هذا الأسبوع، بعد عودته إلى الرياض. وقد أكد أن الصراع في اليمن «يحتاج إلى حل ينتج عن عملية سياسية واسعة شاملة، تبدأ بوقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد».
ويرى سيمنبي، في حواره مع «الشرق الأوسط»، أن اتفاق استوكهولم بين الأطراف اليمنية جنب مدينة الحديدة كارثة إنسانية آنذاك، مطالباً باتفاق مشابه لوقف الهجوم الحوثي على محافظة مأرب الذي وصفه بـ«الدموي المأساوي».
وتجنب المبعوث الإجابة عن سؤال حول نظرة بلاده لجماعة الحوثي، وما إذا كانت جماعة متطرفة أم مسلحة أم كياناً سياسياً، ورد بالقول: «لا أريد أن أصنف الحوثيين، أو أي طرف آخر في الحرب؛ ما يظهرونه وما يمثلونه أمر عائد لهم». لكنه تحدث عن ازدياد الدور الإيراني في اليمن، ومحرقة المهاجرين الأفارقة في صنعاء، والجهود الإنسانية لمساعدة الشعب اليمني... فإلى تفاصيل الحوار:
> أطلق الحوثيون مؤخراً طائرات مسيرة مفخخة عدة استهدفت منشآت سعودية مدنية، بينها جامعتا نجران وجازان، ومصفاة جازان لتكرير النفط، وجاءت هذه الهجمات بعد أيام على تقديم المملكة لمبادرة السلام الهادفة إلى إنهاء الحرب في اليمن... كيف ترون هذا السلوك؟
- إن الهجمات على المدنيين غير مقبولة دائماً. ولقد أوضحت الأمم المتحدة والسويد ودول أخرى ذلك في كثير من المناسبات. لحسن الحظ، لم تقع خسائر كبيرة في الأرواح نتيجة الهجمات ضد المملكة العربية السعودية، لكن هذه الهجمات لا تزال خطيرة للغاية ومتهورة، إذ تم شن كثير منها ضد المدن السكنية الكبرى، وضد البنية التحتية ذات الأهمية خارج المملكة العربية السعودية، وبالتالي يعرض ذلك الاستقرار الإقليمي للخطر.
> هل تتواصلون مع الحوثيين؟ وما الرسالة التي ستنقلونها إليهم إذا حصل هذا التواصل؟
- نعم، لدينا تواصل جيد مع الحوثيين منذ ما قبل محادثات استوكهولم في 2018، ونحن نواصل الحديث معهم بشكل منتظم، ونلتقي بهم عندما لا يمنعنا الوباء والعوائق الأخرى من القيام بذلك. ومن دون إعطاء أي تفاصيل عن محتويات هذه الاتصالات، يمكنني القول إننا كنا متسقين تماماً في رسائلنا إلى كل من شارك في الحرب. يجب حل مشكلات اليمن من خلال عملية سياسية واسعة شاملة، تبدأ بوقف إطلاق النار على الصعيد الوطني؛ وقف إطلاق النار هو أهم خطوة لتخفيف المعاناة الإنسانية، وهو يتطلب الحد الأدنى من الثقة بين الأطراف التي يمكن إثباتها بخطوات من كل جانب لتهدئة المواجهة. المكان الأكثر وضوحاً، حيث يمكن للحوثيين القيام بذلك، هو حول مأرب. وفي النهاية، لن يزدهر جميع مواطني اليمن، بمن فيهم الحوثيون، إلا إذا وجدوا أسلوباً لتقاسم السلطة بطريقة عادلة منصفة، وإيجاد علاقة متوازنة مفيدة للطرفين مع جيران اليمن.
> استضافت السويد محادثات السلام بين الأطراف اليمنية المتنازعة قبل عامين، ولكن الشعب اليمني لم يلمس حتى اليوم نتائج هذه المفاوضات... ما السبب برأيكم؟
- لا أوافق على القول إنه لا توجد نتائج للمشاورات واتفاقية استوكهولم؛ منعت الاتفاقية كارثة إنسانية في الحديدة. وهذا كان أول اتفاق مهم بين الطرفين منذ بدء النزاع، وبالتالي أظهر أن هناك بديلاً للتقاتل. وقد أنشأت هذه الاتفاقية وجوداً للأمم المتحدة على أرض الواقع في الحديدة، كان له تأثير في الاستقرار، على الرغم من القيود الشديدة على إمكانيات عملها. وقد تم تنفيذ جزئي لتبادل الأسرى الذي أعلن عنه أيضاً في استوكهولم. وفي الوقت نفسه، صحيح أن إعادة توزيع القوات المتفق عليها في استوكهولم لم تنفذ، ولا توجد ثقة بين الأطراف في الميدان، لكن اتفاق الحديدة اليوم لا يزال بإمكانه أن يقدم مثالاً لمأرب، حيث نواجه وضعاً مأساوياً مماثلاً. ومثلما تجنبنا كارثة إنسانية حين اتفقت الحكومة اليمنية والتحالف على وقف الهجوم على الحديدة في عام 2018، يجب أن يتوقف الهجوم الدموي المأساوي على مأرب أيضاً. النقطة الأساسية هي أولاً إنقاذ الأرواح، ثم الانتقال من منطق عسكري إلى منطق سياسي.
> يؤكد خبراء الأمم المتحدة أن إيران تزود الحوثيين بالأسلحة والخبرات العسكرية، كما أنها عينت سفيراً غير شرعي لها في صنعاء... كيف تنظرون إلى الدور الإيراني في اليمن؟
- هناك بصمة إيرانية في اليمن، وقد ازدادت مع استمرار الصراع. ومع ذلك، لا أعتقد أن الحوثيين يريدون الاعتماد كلياً على إيران، على الرغم من أنه من الواضح أنهم رحبوا بالمساعدة منها. في نهاية المطاف، سيكون من المهم لازدهار وأمن الحوثيين وجميع اليمنيين العيش بسلام مع جيرانهم المباشرين، والحصول على الدعم منهم، وأهمهم المملكة العربية السعودية. بالنسبة إلى إيران، يوفر اليمن فرصة، لكن ليس من حيث تكثيف المخاطر وتصعيد الموقف في بلد ليس له أهمية حيوية بالنسبة إليها. لا شك أن إيران لها نفوذ على الحوثيين، وإذا استخدمت هذا النفوذ بطريقة بناءة، مما يدل على التزامها بالسلام وجهود الأمم المتحدة نحو حل سياسي، فسيساهم ذلك أيضاً في الثقة بإيران بين القوى العالمية، وسيفيد المفاوضات المقبلة الأخرى ذات الأهمية الكبيرة لإيران.
> تعرض أخيراً نحو 450 مهاجراً من دول أفريقية عدة للحرق في معتقلٍ يديره الحوثيون في صنعاء... كيف تلقيتم خبر هذه الجريمة؟
- كانت أخبار حريق مركز المهاجرين من أكثر الأخبار المرعبة من اليمن في الأسابيع الأخيرة. كان المهاجرون بالفعل من بين أكثر الأشخاص ضعفاً، وهم في الواقع ضحايا كثير من النزاعات، لأنهم قرروا مغادرة منازلهم وشرعوا في رحلة محفوفة بالمخاطر عبر اليمن الذي مزقته الحرب. ومن الواضح أن السلطات في صنعاء مسؤولة عن الأوضاع في المخيمات؛ يجب التحقيق في الحادث، ويجب أن يتلقى المهاجرون المساعدة والحماية.
> هل السويد مستعدة لاستضافة محادثات مستقبلية حول اليمن؟
- إن الوباء المستمر يجعل أي اجتماعات فعلية صعبة. لا توجد خطط لاستضافة المشاورات اليمنية في الوقت الحالي، لكننا ما زلنا على استعداد للمساهمة متى كان ذلك ممكناً مفيداً، واتفقت الأطراف. في هذه الأثناء، لا نزال حريصين على التواصل الوثيق مع جميع الجهات الفاعلة الرئيسية في اليمن، وفي المنطقة وخارجها.
> يعيش اليمن اليوم أسوأ كارثة إنسانية في العالم... ما الجهود التي تبذلها السويد لمساعدة الشعب اليمني على المستوى الإنساني؟
- استضافت السويد، بالاشتراك مع الأمم المتحدة وسويسرا، مؤتمرات إعلان التبرعات الإنسانية 4 مرات، كان آخرها في مطلع مارس (آذار) من هذا العام. وكان المبلغ الإجمالي الذي تم التعهد به -نحو 1.7 مليار دولار- أكبر من العام الماضي، لكنه لا يزال أقل بكثير من نداء الأمم المتحدة، البالغ 9.3 مليار دولار. هذا المبلغ أيضاً أقل من الهدف المحدد لتجنب المجاعة في اليمن. لذلك نواصل جهودنا بين المانحين لجمع مزيد من التمويل. وكانت المملكة العربية السعودية أكبر مانح، حيث ساهمت بـ430 مليون. والسويد جهة مانحة كبيرة، ونحن أيضاً نساهم في اليمن بشكل غير مباشر، من خلال كوننا أحد أكبر المساهمين في الميزانية الأساسية لكثير من وكالات الأمم المتحدة الإنسانية الموجودة في اليمن. وتولي السويد اهتماماً خاصاً لدعم البرامج الإنسانية للنساء اللواتي غالباً ما يكن معرضات للخطر بشكل خاص في أثناء الحرب.
> هل ترون الحوثيين مجموعة إرهابية أم كياناً سياسياً أم ميليشيا مسلحة، علماً بأن أدبيات الجماعة تقول إنها تملك تفويضاً إلهياً لحكم اليمن؟
- لا أريد أن أصنف الحوثيين، أو أي طرف آخر في هذه الحرب؛ الأمر متروك لهم لإظهار ما يريدون وما يمثلونه، ولجعل خصومهم يطورون ثقة كافية بهم للدخول في مفاوضات معهم، والتوصل في نهاية المطاف إلى اتفاق، وليصبحوا شركاء. سيكون هذا صعباً، ولكنه ليس مستحيلاً.


مقالات ذات صلة

السعودية تُرحب بـ«اتفاق مسقط» لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن

الخليج جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

السعودية تُرحب بـ«اتفاق مسقط» لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن

رحبت السعودية بالاتفاق الذي وُقّع عليه في مسقط لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، وعدته خطوةً مهمةً تُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج أسرى يلوِّحون بأيديهم لدى وصولهم إلى مطار صنعاء في عملية تبادل سابقة (أرشيفية- رويترز)

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن أطراف النزاع في اليمن اختتمت، الثلاثاء، اجتماعاً استمر 11 يوماً في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم العربي الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

رغم تجديد العقوبات الدولية عليهم، يُعزز الحوثيون قدراتهم العسكرية ويحولون التهديد المحلي إلى خطر إقليمي على الملاحة والأمن الدوليين مع تحالفاتهم العابرة للحدود.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تشييع قيادي حوثي توفي بشكل غامض في إب وسط تكهنات باغتياله جراء خلافات مالية (إعلام حوثي)

الانفلات الأمني يفتك بمناطق سيطرة الحوثيين

تشهد مناطق سيطرة الجماعة الحوثية تسارعاً غير مسبوق في الإعدامات الميدانية للمدنيين، وعلى خلفيات مناطقية، وتسبب الانفلات الأمني في حوادث اغتيال عدد من القيادات

وضاح الجليل (عدن)
مسلح حوثي يراقب تجمعاً لرجال القبائل في صنعاء (إ.ب.أ)

انفلات الثأر القبلي يكشف زيف مزاعم الحوثيين باحتواء الصراعات

تصاعدت حوادث الثأر والعنف القبلي في مناطق الحوثيين على الرغم من ادعاءاتهم تبني سياسات للصلح وإنهاء النزاعات التي يستغلونها لتعزيز نفوذهم وجني مزيد من الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

إشادة سعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين

اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
TT

إشادة سعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين

اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)

أشاد السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، بالاتفاق الذي توصّل إليه طرفا الصراع في اليمن لتبادل المحتجَزين، برعاية الأمم المتحدة وبوساطة سلطنة عمان، واصفاً هذه الخطوة بأنها «تعزز جهود التهدئة وبناء الثقة في اليمن».

وفي تغريدة على منصة «إكس»، نوّه آل جابر بالجهود التي بذلها فريقا التفاوض من الطرفين، مؤكداً أن الاتفاق يعالج قضية ذات بُعد إنساني، ويتيح لكل المحتجَزين العودة إلى أُسرهم، كما أعرب عن تقديره توجيهات القيادة السعودية، ومتابعة وزير الدفاع، وتعاون الحكومة اليمنية، والمساعي الصادقة من سلطنة عمان.

كان الوفد الحكومي اليمني ووفد الجماعة الحوثية قد أعلنا، الثلاثاء، توصلهم لاتفاق يقضي بتبادل 2900 محتجَز وأسير من الطرفين، حيث يشمل الاتفاق الإفراج عن 1700 أسير حوثي، مقابل 1200 محتجَز من الجانب الحكومي؛ بينهم 7 سعوديون و23 سوادنياً من قوات «تحالف دعم الشرعية» في اليمن.

من جانبها، رحّبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالاتفاق المبدئي لإطلاق سراح المحتجَزين ونقلهم وإعادتهم إلى أوطانهم، داعية جميع الأطراف إلى ترجمة الالتزامات إلى أفعال على أرض الواقع.

وقالت رئيسة بعثة اللجنة في اليمن، كريستين شيبولا: «نُعوّل على تعاون أطراف النزاع، ومن الضروري أن تحترم الأطراف التزاماتها بموجب الاتفاق، وأن تعمل على تحديد المحتجَزين المقرر إطلاق سراحهم دون تأخير».

كما أشادت السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبده شريف، بالجهود المبذولة من اللجنة الدولية وسلطنة عمان، مؤكدة أن التعاون المستمر من جميع الأطراف أمر أساسي لإحراز تقدم نحو إطلاق سراح المعتقلين.

بدورها، رحبت وزارة الخارجية العمانية بالاتفاق، وثمّنت الروح الإيجابية التي سادت المفاوضات بين 9 و23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مؤكدة دور المملكة العربية السعودية، وجهود مكتب المبعوث الأممي الخاص باليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وكل الأطراف المشارِكة في نجاح هذا المسعى الإنساني.

خطوة إنسانية وتوقعات بالتنفيذ

في تعليق حكومي يمني، أعرب وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني عن ترحيبه بالاتفاق الذي يشمل شخصيات سياسية بارزة مثل الأستاذ محمد قحطان، واصفاً الخطوة بأنها «إنسانية مهمة طالَ انتظارها، وتُخفف من معاناة آلاف الأُسر اليمنية، وتمثل تقدماً ملموساً في أحد أكثر الملفات الإنسانية إيلاماً».

وأكد الإرياني أن الاتفاق جاء ثمرة توجيهات ومتابعة القيادة السياسية بمجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد العليمي، وتجسيداً لالتزام الحكومة بالتعامل مع ملف الأسرى والمحتجَزين كقضية إنسانية وأخلاقية، بعيداً عن أي اعتبارات سياسية أو انتقائية؛ لضمان الإفراج عن الجميع دون استثناء.

كما أشاد بالدور المحوري للسعودية وجهود قيادتها في متابعة هذا الملف الإنساني، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، مشيراً إلى حرصها على تخفيف معاناة الشعب اليمني وتعزيز فرص التهدئة وبناء الثقة.

وأشار الإرياني أيضاً إلى مساهمة سلطنة عمان في استضافة جولات التفاوض، وتهيئة الأجواء المناسبة للتوصل إلى الاتفاق، مُعرباً عن تقديره الجهود الدولية والمبادرات الأممية التي أسهمت في تقريب وجهات النظر.

ولفت إلى أن الحكومة اليمنية ستواصل تنفيذ الاتفاق بكل مسؤولية؛ لضمان الإفراج الكامل عن جميع المحتجَزين والمختطَفين والمخفيين قسراً، ووضع حد لمعاناة آلاف الأُسر اليمنية التي طال انتظارها لهذا اليوم.


العليمي يجدد التحذير من مخاطر إجراءات «الانتقالي» الأحادية

حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
TT

العليمي يجدد التحذير من مخاطر إجراءات «الانتقالي» الأحادية

حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)

جدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الثلاثاء، التحذير من خطورة الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة، على الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والخدمية على الدولة اليمنية.

وشدد العليمي على أن أي مساع لفرض واقع خارج إطار المرجعيات المتوافق عليها تهدد المركز القانوني للدولة وتضعف مؤسساتها، بما يفتح الباب أمام إعادة إنتاج الصراعات داخل الشرعية، ويزيد من هشاشة الدولة أمام الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني.

وأشار العليمي إلى أن الشراكة السياسية القائمة يجب أن تُحترم كأداة لحماية الدولة، وأن أي محاولة لتحويلها إلى وسيلة لفرض أجندة أحادية تعرّض البلاد لمخاطر كبيرة، بما في ذلك تعطيل مؤسسات الدولة، واستخدامها غطاءً لمشاريع خارجة عن التوافق الوطني.

وأضاف أن الحفاظ على وحدة القرار اليمني والتوافق الوطني العريض يمثل مصلحة عليا، ويعد شرطاً أساسياً لاستمرار الدعم سواء الإقليمي أو الدولي، وحماية مسار التعافي الاقتصادي، وضمان استقرار المجتمع اليمني، ومنع تفتيت الشرعية أو إضعافها.

وذكر الإعلام الرسمي أن العليمي عقد اجتماعاً مع رئاسة «هيئة التشاور والمصالحة» بحضور نواب رئيس الهيئة عبد الملك المخلافي، وصخر الوجيه، وجميلة علي رجاء، وأكرم العامري، لمناقشة الإجراءات الأحادية الأخيرة وتداعياتها على الشراكة السياسية.

وركز الاجتماع على دور الهيئة كأحد أعمدة التوافق الوطني التي أنشأها إعلان نقل السلطة لحماية مؤسسات الدولة من الانزلاق نحو الفوضى، وضمان استمرار التعاون بين القوى الوطنية المناهضة لمشروع الحوثيين المدعوم من إيران.

مسؤولية جماعية

أكد العليمي - حسب الإعلام الرسمي - أن الهيئة مطالبة بتحمل مسؤولية جماعية تتجاوز ردود الفعل، نحو بناء أدوات حاكمة تحمي مؤسسات الدولة وتردع أي محاولات لاستغلالها في مشاريع خارج التوافق.

وشدد على أن القضية الجنوبية، رغم عدالتها، يجب أن تعالج ضمن المرجعيات المتفق عليها، وعدم السماح بتحويلها إلى ذريعة لإجراءات أحادية قد تقوض فرص الحل السلمي، وتضعف التعاطف سواء الإقليمي أو الدولي، وتعيد القضية من مسارها السياسي الآمن إلى مسار تصادمي قد يفاقم الأزمات.

كما حذر العليمي من أن التهاون مع هذه الإجراءات الأحادية سيؤدي إلى إفراغ مجلس القيادة وهيئاته المساندة من مضمونها التوافقي، وتهديد المركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج صراع داخلي جديد داخل الشرعية، ما يضعف قدرة الدولة على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والإنسانية.

العليمي مجتمعاً في الرياض مع رئاسة هيئة التشاور والمصالحة (سبأ)

ولفت إلى أن المصالح العليا لليمن تتمثل اليوم في الحد من المعاناة الإنسانية، والحفاظ على وحدة القرار، واستمرار الدعم سواء الإقليمي أو الدولي، وحماية مسار التعافي الاقتصادي، ومنع عزل أو إضعاف الشرعية.

واطلع الاجتماع على إحاطة من رئاسة هيئة التشاور حول مقارباتها بشأن المستجدات الجارية، مؤكدة دعم الهيئة الكامل لمجلس القيادة والحكومة، وأهمية المضي قدماً في تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، وتفويض قيادة مجلس القيادة باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية التوافق الوطني العريض، وحشد الطاقات كافة لمواجهة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران.

حماية الدولة ووحدة القرار

في سياق تحركات العليمي، ذكرت المصادر الرسمية أنه التقى بقيادات وزارة الخارجية ورؤساء البعثات الدبلوماسية، بحضور وزير الخارجية شائع الزنداني، لبحث مستجدات الوضع المحلي، خصوصاً الإجراءات الأحادية التي دفعت بعض المؤسسات لإصدار بيانات سياسية خارجة عن اختصاصها.

وحذر من أن هذا المسار يهدد وحدة القرار، ويخلق سلطة موازية بالقوة، مما قد يؤدي إلى ارتباك قانوني وسياسي داخلي، ويضعف جهود المجتمع الدولي في دعم استقرار اليمن.

وشدد رئيس مجلس القيادة اليمني على أن المواقف السياسية العليا تتحدد عبر مجلس القيادة ومؤسسات الدولة المختصة، وعلى رأسها وزارة الخارجية، وليس من خلال بيانات منفردة أو اصطفافات أحادية.

العليمي مجتمعاً مع قيادة وزارة الخارجية ومع البعثات الدبلوماسية عبر الاتصال المرئي (سبأ)

كما أشار إلى أن أي ازدواج في السلطة أو القرار من شأنه إعاقة برامج الدعم وإعادة اليمن إلى مربع الدولة الفاشلة المتنازع عليها، ومنح الحوثيين فرصة لتعزيز نفوذهم وتحشيد المقاتلين خلف شعارات زائفة.

وأكد العليمي على أهمية تحصين مؤسسات الدولة من أي تسييس إداري، ومنع استخدام الوزارات والمؤسسات السيادية والخدمية في أي مشاريع خارج نطاق المرجعيات الرسمية، مع اتخاذ مسار قانوني واضح ضد أي تجاوزات تهدد وحدة القرار أو المركز القانوني للدولة. وشدّد على توجيه الجهد الوطني نحو مواجهة الميليشيات الحوثية، واستعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء المعاناة الإنسانية، وحماية مصالح اليمن العليا على الصعيدين الداخلي والدولي.


قلق إسرائيلي من «تطور التسليح المصري» يجدد حديثاً عن تعديل معاهدة السلام

مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)
مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)
TT

قلق إسرائيلي من «تطور التسليح المصري» يجدد حديثاً عن تعديل معاهدة السلام

مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)
مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)

جدّد قلق إسرائيلي من «تطور تسليح الجيش المصري» في سيناء الحديث عن تعديل معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، الصامدة منذ 1979، إلا أن مصدرين مطلعين بمصر قالا لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر ليست لديها أي نية أو دافع لإجراء تعديلات، وإن كل ما يهمها هو تأمين حدودها وفق مقتضيات الأمن القومي».

وبحسب المصدرين، فإن «مصر ترغب في زيادة تسليح القوات المصرية في سيناء، وخصوصاً القريبة من إسرائيل بأسلحة ووسائل تكنولوجية حديثة تمكنها من مراقبة الحدود وتحقيق المرونة اللازمة في حفظ الأمن القومي المصري بشكل دائم وتحت أي ظروف بالنظر للأحداث التي شهدتها المنطقة خلال العامين الماضيين، وشكلت تهديداً كبيراً لأمن مصر».

وشدّد المصدران على أن مصر تنتظر ما سيحدث في لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارة نتنياهو للولايات المتحدة نهاية الشهر الحالي، مع «وجود اعتقاد لدى العديد من المسؤولين المصريين أن ترمب سيضغط بشدة على نتنياهو للتعاطي مع المطالب المصرية والعمل بشكل أكبر لتحقيق التهدئة اللازمة لإعادة العلاقات الطبيعية بين إسرائيل وجيرانها وبقية دول المنطقة».

ووفق المصدرين، فإن «الأنباء التي تتداول عن مطالب مصر بتعديل معاهدة السلام مع إسرائيل لزيادة القوات المصرية في سيناء غير دقيقة، لأن هناك ملاحق للاتفاقية تحقق المرونة اللازمة بشأن زيادة عدد القوات وقت الحاجة».

وكانت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية حذّرت من «نشر الجيش المصري مؤخراً منظومة الدفاع الجوي الصينية (HQ-9B) في شمال سيناء، وهي واحدة من أكثر الأنظمة تطوراً عالمياً». وسلّطت الصحيفة الضوء على ما تتميز به هذه المنظومة من قدرة على اعتراض الطائرات والصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على مسافات تصل إلى 300 كيلومتراً وارتفاع 30 كيلومتراً، مع إمكانية تتبع أهداف متعددة في وقت واحد ومواجهة تهديدات متقدمة، مثل الصواريخ فرط الصوتية.

مصر وقّعت مع إسرائيل صفقة غاز كبرى مؤخراً (أ.ف.ب)

واعتبر التقرير العبري «نشر مصر لهذه المنظومة المتطورة جزءاً من جهود القاهرة لتعزيز أمنها الجوي أمام التهديدات الإقليمية، لكنه يجدد الشكوك حول الالتزام ببنود اتفاق السلام الذي يحدّ من التسليح في سيناء».

ويرى نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر لا تحتاج لتعديل اتفاقية السلام كما يتردد، لأنه تم تعديل ملحق الاتفاق في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2021 بحجم القوات والمعدات الموجودة حالياً في سيناء، ولكن مصر قد تطلب في ذلك الشأن تطوير تسليح ومعدات قوات المنطقة (ج) القريبة لغزة وإسرائيل بوسائل وأجهزة مراقبة إلكترونية حديثة لمراقبة حدودها مع إسرائيل، التي يبلغ طولها نحو 220 كيلومتراً، وذلك لضبط الحدود أمنياً ومنع التهريب والتسلل بأنواعه المختلفة».

وأوضح: «دائماً كانت ترفض إسرائيل مطلب التسليح الحديث للقوات المصرية في تلك المنطقة خلال محادثات لجنة التنسيق المشتركة لأجهزة الاتصال بين الجانبين».

كامل قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الطلب الرئيسي لمصر هو إعلان نتنياهو تنفيذ جميع بنود اتفاق شرم الشيخ الخاص بغزة، والانسحاب الكامل من قطاع غزه، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

خبير الأمن القومي المصري اللواء محمد عبد الواحد قال إن «العلاقات بين مصر وإسرائيل باردة حالياً، ولكن يتم احتواء الخلافات من خلال التنسيق المشترك والوساطة الأميركية، والخلافات تركز على غزة والأمن الحدودي».

وشرح عبد الواحد لـ«الشرق الأوسط» أن «اتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية تحدد حدوداً صارمة للقوات المصرية في سيناء، مقسمة إلى مناطق (A ،B ،C ،D). وأي زيادة في القوات أو المعدات الثقيلة تتطلب موافقة إسرائيلية مسبقة».

أما الأستاذ المتخصص في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، طارق فهمي، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن «إسرائيل تضغط عبر تسريبات لإعلامها من أجل عمل تعديلات جديدة، لأن آخر تعديل على الملحق الخاص بالاتفاقية تم في 2021، واتفقت اللجنة العسكرية المشتركة على زيادة عدد وقدرات قوات حرس الحدود المصرية بمنطقة رفح، وحالياً هناك محاولات إسرائيلية لتعديل هذا الملحق الأمني لضمان بقاء القوات الإسرائيلية في محور صلاح الدين، وهي المنطقة (د) لديهم، بينما مصر ترى ذلك انتهاكاً لمعاهدة السلام».

وفي تقدير فهمي، فإنه «ستتم مواءمات بين الطرفين بشكل أو بآخر دون حدوث مخالفات كبيرة للمعاهدة»، منوهاً إلى أنه «لا توجد أي خروقات من جانب مصر للمعاهدة، وأغلب الأمور التي تتم حالياً وسابقاً في سيناء تكون بالتنسيق، ومصر ليست في حاجة لاستئذان أحد لحفظ أمنها أو تسليح قواتها».

فهمي وهو محاضر في كلية الدفاع والأمن القومي بأكاديمية ناصر العسكرية بمصر، شدّد على أنه «لن تكون هناك قمة بين السيسي ونتنياهو في هذا التوقيت، بصرف النظر عن أي لقاءات أخرى يمكن أن تتم، ونحن في انتظار نتائج القمة بين نتنياهو وترمب أولاً، وبعد ذلك تتم التوافقات، وحينما يتم الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة، وتكون هناك جدية في تنفيذه من جانب إسرائيل، يمكن عقد قمة عربية تشارك فيها عدة دول، بجانب الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر، ثم قمة رباعية بين مصر وإسرائيل وأميركا والأردن. وكل ذلك يتم في الولايات المتحدة، ولا توجد مخططات لقمم تعقد بالشرق الأوسط».