الأمن الفرنسي يحبط محاولة اعتداء على كنيسة في مونبلييه المتوسطية

مجدداً يطل الإرهاب برأسه في فرنسا ليذكر المواطنين بأن التهديد الذي يمثله ما زال قائماً؛ الأمر الذي دفع بوزير الداخلية جيرار دارمانان ليؤكد، أول من أمس، أن مستواه ما زال «مرتفعاً للغاية». وجاء القبض على 5 نساء في مدينة بيزييه الواقعة جنوب البلاد ليلة أول من أمس، استباقاً لعملية إرهابية يعتقد أنها كانت قيد التحضير وكانت تستهدف كنيسة في مدينة مونبلييه الساحلية المتوسطية.
منذ أن انطلقت موجة العمليات الإرهابية الأخيرة في فرنسا مع بدء عام 2015 والتي أوقعت ما لا يقل عن 263 ضحية ومئات الجرحى، كانت في أكثريتها الساحقة من صنع إرهابيين ذكور، من الذين قدموا إلى فرنسا من الخارج أو من فرنسيين أو مقيمين على الأراضي الفرنسية. وأشهر المحاولات الإرهابية النسائية حدثت في شهر سبتمبر (أيلول) عام 2016 عندما حاولت امرأتان هما: إيناس مدني وأورنيلا غيليغمان تفجير سيارة عبأتا فيها قوارير من الغاز قريباً من كاتدرائية نوتردام الشهيرة في قلب باريس. إلا إن المحاولة فشلت لأن السيارة لم تشتعل. وقد حكم على المرأتين الشابتين (25 و30 عاماً) بالسجن في عام 2019 لمدد طويلة. أما في حالة مدينة بيزييه، فإن الشكوك تحوم، من بين النساء الخمس اللاتي ألقى أفراد من «الإدارة العامة للأمن الداخلي (المخابرات الداخلية)» القبض عليهن في شقة واحدة، حول شابة لا يزيد عمرها على 18 عاماً، والأخريات هن والدتها وأخواتها الثلاث بينهن قاصر، وقد قبض عليهن لأنهن كن موجودات في الشقة نفسها.
الملاحظة الأولى أن المحاولتين النسائيتين كانتا تستهدفان موقعاً دينياً. ومنذ سنوات عدة، تحظى هذه المواقع على اختلاف أنواعها بحماية أمنية؛ أكانت مسيحية أم يهودية أم إسلامية. وفي الحالة الأخيرة، تمت عملية التوقيف بناء على تحقيق أولي بتهمة «عصابة إرهابية» صادرة عن النيابة العامة لمكافحة الإرهاب بعد ورود معلومات عن التحضير لعمل عنفي. وهذه المحاولة؛ إن ثبتت تكون الخامسة من نوعها التي تستهدف كنائس كاثوليكية في فرنسا. وحتى يوم أمس، لم تتوافر معلومات نهائية ومؤكدة عن الموقع المستهدف وطبيعة الاعتداء الذي كان يخطط له وعن دور كل من الأشخاص الموقوفين. من هنا؛ الحذر الذي التزم به الوزير دارمانان مكتفياً بالقول إن «التهديدات كانت خطيرة، ولذلك تدخلت مديرية الأمن العام» في إشارة إلى عملية التوقيف الخماسية. ولكن ما تؤكده المصادر الأمنية أن النساء الخمس كن معروفات بخصوص توجهاتهن الراديكالية. وخلال عملية تفتيش الشقة التي كن يسكنَّها، عثرت المخابرات الداخلية على سيف وعلى مواد يمكن أن تدخل في تصنيع متفجرات وهي الآن في طور التحليل، بحسب ما سربته النيابة العامة لمكافحة الإرهاب.
ولا تتوقف الأمور عند هذا الحد. فالمحققون يبدون واثقين بأن من بين النساء الخمس ثمة من اطلع وشاهد وتابع شرائط فيديو صادرة عن تنظيم «داعش». ويعول المحققون الذين يهتمون بشكل خاص بالشابة البالغة من العمر 18 عاماً والتي تحوم حولها الظنون بالتحضير لعمل إرهابي، على فترة الاحتجاز التي يمكن أن تصل إلى 4 أيام في المسائل الإرهابية لجلاء حقيقة التهديد وللتعرف على ما إذا كانت لهذه المرأة اتصالات خارجية أو علاقة مع خلية نائمة. وإذا بينت التحليلات التي تقوم المختبرات الأمنية أن المواد إلى عثر عليها في الشقة يمكن استخدامها أو كانت معدة لتحضير متفجرة، فعندها ستزداد الشكوك لجهة وجود طرف «خارجي» يقود خطوات ابنة الثمانية عشر عاماً. والأمر المحير أن الأجهزة الأمنية لم تكن تتابع هذه المجموعة النسائية. كذلك لم يكشف عن العنصر الذي أدى إلى فتح تحقيق أولي وإيكال الملف إلى المخابرات الداخلية. وذكرت مصادر أمنية أن قوة من التدخل السريع شاركت في عملية القبض على النساء الخمس. وما زالت الشقة التي كن فيها تخضع لعملية تفتيش دقيقة.
وبانتظار جلاء تفاصيل هذه المحاولة، فإن الثابت أنها ستدفع بالسلطات الفرنسية للتشدد أكثر فأكثر في موضوع عودة من يُسمَّين «نساء داعش» من مخيمات الاحتجاز الكردية في شمال سوريا. وحتى اليوم، ما زالت باريس ترفض طلب السلطات الكردية استرجاع «نساء داعش» وأطفالهن رغم الضغوط التي تمارسها الجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان والعائلات المعنية والشكاوى المقدمة إلى المحاكم المحلية والخارجية.