قبل يومين من عودة أطراف الاتفاق النووي إلى طاولة المفاوضات، في فيينا، لمناقشة إمكانية امتثال متبادل لواشنطن وطهران، رفض عباس عراقجي، كبير المفاوضين الإيرانيين نائب وزير الخارجية، أن تكون العودة على مراحل، مشدداً على ضرورة رفع جميع العقوبات مرة واحدة.
وواصل وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، مشاورات هاتفية مع نظرائه في الترويكا الأوروبية، ناقش فيها عودة الولايات المتحدة إلى الصفقة التي انسحب منها دونالد ترمب بهدف دفعها تحت الضغط إلى اتفاق أشمل، يتضمن قيوداً بعيدة المدى على البرنامج النووي، ويعالج أنشطة إيران الإقليمية، ويضبط برنامجها لتطوير وانتشار الصواريخ الباليستية.
وتعهدت إدارة جو بايدن خلال الأسابيع الأخيرة بمعالجة قضايا طهران المثيرة للقلق في المجتمع الدولي، لكنها تريد في الوقت الحالي العودة إلى المسار الدبلوماسي، بدلاً من ضغوط الإدارة السابقة، تمهيداً لدبلوماسية جديدة تؤدي إلى اتفاق شامل، وهو ما ترفضه طهران.
ونقلت وكالة «إرنا» الرسمية عن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أنه طلب من نظيره البريطاني، دومنيك راب، أن تعلب الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) دوراً «بناءً» في المباحثات المقررة غداً في فيينا، في تكرار للمطالب التي نقلها إلى نظيره الفرنسي، جان إيف لودريان، عبر اتصال هاتفي، أول من أمس.
وناقش الطرفان آخر تطورات الاتفاق النووي، خاصة اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق، إذ شدد ظريف مرة أخرى على طلب إيراني لـ«رفع شامل نهائي للعقوبات». وقال عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، إن بلاده «لن تجري أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع أميركا» في المباحثات المقررة غداً في فيينا، بين إيران وأطراف الاتفاق النووي، لافتاً إلى أنها «تقنية بحتة»، وستشمل «الإجراءات التي يتعين على الأميركيين القيام بها والتحقق منها» في رفع العقوبات المفروضة على طهران، بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي في 2018.
وأفادت وكالة «إرنا» الرسمية عن عراقجي قوله إن «ما سعى إليه في فيينا في اللجنة المشتركة (للاتفاق النووي) يستند تحديداً إلى مواقف حازمة للنظام، كررها المرشد والمسؤولون في البلاد». وتابع: «سنتفاوض مع اللجنة المشتركة ودول (4+1)، ونعلن مطالبنا وشروطنا للعودة إلى الاتفاق النووي».
وأضاف: «عودتنا وطلبنا هو أن تنفذ أميركا جميع التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي، وترفع العقوبات التي فرضتها، قبل أن نتحقق منها ونعود للاتفاق»، مشيراً إلى أن بلاده «ستعمل بأي طريقة وأسلوب تراه دول (4+1) مناسباً لإقناع أميركا».
واستبعد نائب وزير الخارجية الإيراني إمكانية القبول بخطوات متزامنة للعودة التدريجية إلى الاتفاق النووي، وأبقى على سقف توقعات بلاده عالياً، بقوله: «ليس لدينا مشروع أو خطة للخطوة مقابل خطوة، ولن نقبل بهذا، لا توجد سوى خطوة واحدة من جانبها، وهي أن ترفع أميركا جميع العقوبات التي أعيد فرضها بعد انسحاب ترمب من الاتفاق النووي، أو جرى تغيير أسبابها؛ يجب أن يتضح هذا». وأضاف: «يتعين على الأميركيين رفع هذه العقوبات، لكي نتحقق ونعود لالتزاماتنا»، موضحاً أنها «الخطوة النهائية التي يتعين على كلا الطرفين القيام بها، وهذا ما ستحدده مباحثاتنا مع (4+1)».
وتناقضت مواقف وزارة الخارجية الإيرانية بوضوح مع تصريحات رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، علي أكبر صالحي، الذي أبلغ المشاركين في جلسة حوارية عبر تطبيق «كلوب هاوس»، الجمعة، بأنه «متفائل» بشأن حل وشيك لأزمة الاتفاق النووي.
وقال صالحي: «لقد خرجت المباحثات من المأزق، نحن على وشك التوصل إلى حل». وأوضح في تعليق على اجتماع جرى صباح الجمعة بين إيران وأطراف الاتفاق عبر تقنية الفيديو كونفرانس: «تمكنا من التقدم عدة خطوات إلى الأمام»، مبيناً أن «المباحثات تجاوزت القضايا السياسية، ودخلنا في القضايا الفنية، ومن المقرر أن تجري المباحثات الفنية الثلاثاء المقبل».
وحول ما إذا كانت هناك شبهات تحيط بتسارع مشاورات إحياء الاتفاق النووي، والانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة في 18 يونيو (حزيران) المقبل، قال صالحي: «نعم». ورداً على سؤال آخر، بشأن إمكانية توصل أطراف الاتفاق النووي إلى حل قبل الانتخابات، قال: «ستتضح قضية الاتفاق النووي الأسبوع المقبل»، وذلك في إشارة إلى مباحثات فيينا.
وقبل صالحي بساعات، وضع الممثل الخاص بشؤون إيران في إدارة بايدن، روبرت مالي، واشنطن وطهران في كفة ميزان واحدة، وأشار إلى مناقشة ما يتعين على الجانبين لاستئناف الامتثال، موضحاً أنها «الخطوة الأولى؛ أمامنا مناقشات صعبة، ولكن على الطريق الصحيح».
وفي الأثناء، دافع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، عن قانون أصدره البرلمان في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، يلزم الحكومة باتخاذ حزمة ثانية من انتهاكات الاتفاق النووي، بعد حزمة الانتهاكات الأولى التي بدأت في مايو (أيار) 2018. وذلك بهدف تكثيف الضغوط على الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يرغب في إحياء الصفقة التي يعدها الديمقراطيون «إنجازاً» دبلوماسياً لإدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، والتي اقتربت من حافة الانهيار بسبب إصرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب على أولوية تعديل السلوك الإيراني.
وقال قاليباف إن «قانون الخطوة الاستراتيجية لإلغاء العقوبات»، الصادر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، يفتح «أقفال الصناعة النووية، ويغير اتجاه اللعبة الأحادية، ويجعل مضي الوقت يصب في صالح إيران»، لافتاً إلى أن «مضي الوقت الآن يعادل تقدم البرنامج النووي».
وخاطب رئيس البرلمان الإيراني الإدارة الأميركية، قائلاً إنه «من أجل رفع العقوبات، تركز استراتيجية إيران على إجهاض مفعول العقوبات». وأضاف: «على الأميركيين أن يقرروا، ويقدموا على رفع عملي تام للعقوبات؛ لن تستجيب الوعود على الورق أو الرفع الناقص للعقوبات لمطالب الشعب الإيراني».
وأشار قاليباف إلى «وحدة الصوت» بين الشعب والمسؤولين الإيرانيين، في «انتظار خطوة عملية لرفع العقوبات بشكل مؤثر»، وقال: «أعلنا مراراً أننا سنعمل بالتزاماتنا المنصوص عليها في الاتفاق بعد التحقق (من رفع العقوبات)، والتأكد من عدم اقتصار رفع العقوبات على الورق».
وبدورها، نقلت وكالة أنباء «فارس»، التابعة لـ«الحرس الثوري»، عن بيان لنواب البرلمان أمس، أن «أي تفاوض لتحديد خطوات متزامنة مع مجموعة (4+1) يتعارض مع قانون البرلمان». وأضاف البيان: «يجب أن ترفع العقوبات كاملة لكي تعود الولايات المتحدة إلى الاتفاق». وانضم البرلمان الإيراني، أمس، إلى قائمة المؤيدين لتوقيع وثيقة التعاون الاستراتيجية الشاملة بين طهران وبكين، بعدما تحولت إلى قضية رأي عام الأسبوع الماضي بسبب سرية التفاصيل. وعد قاليباف أن الخطوة «تحذير مهم» لأميركا، وأن العلاقات الدولية «تتغير بسرعة على حسابها».
وقال قاليباف، في جلسة خصصها البرلمان الإيراني لتداول الوثيقة خلف الأبواب المغلقة: «إننا نرحب بهذا الإجراء»، مضيفاً أن «توقيع هذه الوثيقة سيكون خطوة استراتيجية، إذا كان يعني الاعتقاد أن العالم لا يقتصر على الغرب، وأن القرن المقبل هو قرن آسيا»، وأن الخطوة «تحذير مهم لأميركا لكي تدرك أن العلاقات الدولية تتغير بسرعة على حسابها».
ورأى قاليباف أن الولايات المتحدة «لم تعد في موقع يسمح لها بتقديم نموذج أو برنامج أو اتفاق يمكنها فرضه بشكل أحادي على الدول الأخرى».
طهران ترفض «خطوات تدريجية» لإحياء «النووي» وتشترط رفعاً شاملاً للعقوبات
عراقجي: لن ندخل مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع أميركا
طهران ترفض «خطوات تدريجية» لإحياء «النووي» وتشترط رفعاً شاملاً للعقوبات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة