كثف مسؤولون عسكريون عراقيون وأميركيون خلال الأسابيع الأخيرة من المحادثات بشأن شنّ هجوم كبير على مسلحي تنظيم داعش يفترض أن يكون على شكل عملية سريعة تستهدف معقلهم في مدينة الموصل.
في الوقت ذاته، يثير القادة، والجنود، وضباط الشرطة العراقية الذين قد يلعبون دورا محوريا في أي هجوم، شكوكا بشأن جاهزية القوات البرية العراقية للعملية. وواجه الجيش صعوبات في استعادة حتى البلدات الصغيرة التي لا تمثل تحديا كبيرا مقارنة بالموصل، ثاني أكبر مدن العراق، التي لا تزال تعج بالمدنيين ويدافع عنها المسلحون باستماتة، على حد قولهم.
من جانبه، قال مسرور بارزاني، رئيس مجلس أمن إقليم كردستان: «يوضح التقييم الذي قمنا به أنه من المستبعد شنّ هجوم وشيك على الموصل». وأضاف أن الأمر قد يتطلب الانتظار لوقت أطول من أجل تدريب قوات الأمن، كما ينبغي على الحكومة المركزية في العراق بذل المزيد من الجهود من أجل حشد تأييد الأهالي والعشائر السنية المحلية المحيطة بالموصل.
وتوضح الحاجة الملحة لشنّ هجوم حجم الضغوط المكثفة التي تتعرض لها الحكومة العراقية، وواضعو الخطط العسكرية في الجيش الأميركي، من أجل تقديم إنجاز بارز بعد مرور أكثر من 8 أشهر على اكتساح تنظيم داعش مدينة الموصل وأجزاء أخرى من غرب العراق وشماله.
ويقول مسؤولون أميركيون إنهم يحاولون تحقيق التوازن بين رغبة الحكومة العراقية في التحرك بسرعة في ظل مخاوف حقيقية من تكرار الأخطاء التي أدت إلى انهيار الجيش العراقي وبين التقدم السريع لتنظيم داعش. وأقرّ مسؤول أميركي في بغداد بوجود «شحنة عاطفية في جميع أرجاء البلاد تحفز القيام بذلك الأمر بأسرع وقت ممكن»، مشيرا إلى أن المسؤولين العراقيين «ملتزمون» بالإعداد للهجوم، لكنه أضاف: «هناك الكثير من العمل الذي ينبغي القيام به». وتحدث المسؤول شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب الحساسية التي تنطوي على مناقشة التخطيط لعملية عسكرية ستتم في المستقبل.
وتتطلب أي جهود جادة للتحرك ضد مقاتلي تنظيم داعش في الموصل وجود تنسيق وثيق بين المؤسسات الحكومية والقوات التي نادرا ما تكون موحدة، بما في ذلك وحدات من قوات الأمن العراقية، وكذلك مسلحو العشائر والأكراد، والوزارات الحكومية المختلفة.
وتتسم الاستعدادات، التي تتضمن قيام مدربين ومستشارين أميركيين بتقديم تدريب أساسي ومتقدم لـ4 آلاف جندي عراقي، بالتعقيد نظرا لانهماك الحكومة والجيش في التعامل مع الهجمات التي يشنها تنظيم داعش. وقال المسؤول الأميركي: «لقد أصبح العراقيون في وضع لا يطاق؛ فهم يواجهون تحديات متعددة على امتداد جبهات مختلفة ضد عدو يتمتع بالجلد والإصرار».
ورغم أن الجيش قد نجح في الدفاع عن أجزاء من العراق، بما في ذلك بغداد، على نحو حاسم، فإنه فشل في استعادة الكثير من المدن المهمة، بما فيها مدينتا الفلوجة وتكريت، رغم محاولاته المتكررة.
من جانبه، قال العقيد إبراهيم التميمي، من قيادة عمليات الجيش في محافظة صلاح الدين، إن عملية تكريت افتقرت إلى التخطيط الجيد. ومع اتضاح هذا الأمر، انخفضت الروح المعنوية للجنود، وتزايدت عمليات المماطلة والتأجيل، واستغل تنظيم داعش هذه الفرصة لتعزيز دفاعاته. وزرع المتطرفون آلاف القنابل والفخاخ، واجتاحوا المدينة «بمئات من المقاتلين الأجانب والعراقيين الذين لا يمكن دحرهم دون استدعاء مزيد من القوات التي تكافئهم في الخبرة والحنكة».
وفي حالة أخرى، نجحت قوات الأمن في استعادة مدينة بيجي الواقعة في شمال العراق، وتقع بجوار إحدى مصافي التكرير المهمة، لكنها فقدتها مرة أخرى أمام تنظيم داعش بعد أسابيع، في هزيمة سلطت الضوء على حالة الفوضى، ونقص الموارد، التي ساهمت في زيادة معاناة الجيش.
وبعد أن بدأ مسلحو تنظيم داعش شنّ هجومهم الثاني على مدينة بيجي في شهر ديسمبر (كانون الأول)، قال النقيب إياد فاضل، الذي يعمل في وحدة العمليات الخاصة التي تتلقى تدريبات من الجيش الأميركي، إنه جرى استدعاؤه من معركة مختلفة في محافظة الأنبار، وقال إن وحدته استطاعت التصدي للمتطرفين وإبعادهم عن وسط المدينة. لكن وحدات أخرى، بما فيها قوات نظامية بالجيش مسلحة تسليحا خفيفا ومقاتلون متطوعون منضوون تحت راية قوات «الحشد الشعبي»، ارتكبت أخطاء عزاها النقيب فاضل إلى «عدم وجود قيادة موحدة»، وكان منها التخلي بشكل مفاجئ عن طريق سريع مهم في المدينة، وهو ما سمح للمسلحين باقتحامها مرة أخرى.
ووجد النقيب فاضل وغيره من أفراد وحدته أنفسهم محاصرين داخل المسجد، ويحيط بهم مسلحو تنظيم داعش المدججون بالسلاح، ولم يتمكنوا من الفرار إلا بعدما قامت الطائرات الحربية الأميركية بقصف المسلحين من الجو، علما بأن تنظيم داعش لا يزال يحتل وسط بيجي.
وقال النقيب فاضل إن قوات النخبة مثل قواته كانت تتغلب على هجمات متعددة في الوقت نفسه، فكانت تتنقل بين مدينة بيجي وعدة جبهات أخرى. وأضاف أن المتطوعين، الذين يجري تدريبهم لتعزيز قوة الجيش، لم يقدموا أي مساعدة تذكر، مشيرا إلى أنه «يتم تدريبهم على إطلاق رصاصتين ثم يتم إرسالهم إلى ميدان المعركة».
وتعرضت قوات تنظيم داعش لغارات جوية خلال 6 أشهر، مما أسفر عن مقتل بعض قادتها، والحد من قدرة المسلحين على الاحتشاد في الأماكن المفتوحة، مثلما كانوا يفعلون خلال الأشهر الأولى من فصل الصيف، على حد قول مسؤولين عسكريين. لكن سلسلة الهجمات الأخيرة التي شنها المسلحون، والتي تضمنت الهجوم المباغت على مدينة كركوك الذي أسفر عن مقتل اثنين من كبار القادة الأكراد، أثبتت احتفاظ التنظيم بقدرته على تنفيذ عمليات اجتياح فتاكة.
ويدرك تنظيم داعش إلى حد كبير أن استعادة السيطرة على مدينة الموصل تعتبر من أولويات الجيش. ويتحدث أهالي مدينة الموصل عن الخطوات التي يتخذها المتطرفون بهدف تحسين دفاعات المدينة، بما في ذلك تحصين مداخلها بجدران خراسانية، بل وحتى حفر خندق حول المدينة. ويقول مسؤولون أمنيون أكراد إنهم تمكنوا من قطع خطوط الإمداد المؤدية إلى الموصل، بما في ذلك خطوط الإمداد من جهة الشمال، لكنهم يتساءلون عن سبب عدم تقدم القوات العراقية من الجنوب لكي تواصل عزل المتطرفين. وأوضح مسرور بارزاني قائلا: «هناك تباطؤ».
* خدمة «نيويورك تايمز»
شكوك حول جاهزية القوات العراقية لعملية برية مرتقبة ضد «داعش»
قادة ميدانيون يشكون ضعف التخطيط والتنسيق
شكوك حول جاهزية القوات العراقية لعملية برية مرتقبة ضد «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة