«ثمرات»... بارقة ضوء في نفق «فقراء السودان»

«ثمرات»... بارقة ضوء في نفق «فقراء السودان»
TT

«ثمرات»... بارقة ضوء في نفق «فقراء السودان»

«ثمرات»... بارقة ضوء في نفق «فقراء السودان»

عاشت السودانية آمنة ياسين وأطفالها الخمسة تجربة قاسية، واجهوا خلالها الفقر المدقع، فقد تخلى زوجها عنها وترك لها أطفالاً زغباً. بحثت مطولاً عن عمل دون جدوى، سالت دموعها وهي تواجه عجزها عن تلبية احتياجات الأطفال الأساسية بلا بارقة أمل قريبة.
لكن فجأة «لمع ضوء في آخر النفق» من برنامج دعم الأسر الفقيرة الممول دولياً، والمعروف اختصاراً باسم «ثمرات»، وهو برنامج مخصص لمقابلة آثار الإجراءات الاقتصادية القاسية التي اتخذتها الحكومة الانتقالية لتصحيح مسار اقتصاد البلاد.
يستهدف برنامج «ثمرات» في مرحلته الأولى 4 من ولايات البلاد «الخرطوم، ودارفور، والبحر الأحمر، وكسلا»، التي تعد الولايات الأكثر فقراً، على أن تلحق بها بقية ولايات البلاد البالغة 14 ولاية.
وقالت وزارة المالية إن البرنامج يلزم الحكومة السودانية بدفع ما يعادل 5 دولارات أميركية شهرياً لكل فرد من الأسر المستهدفة، عبر تحويلات مباشرة تتجه لنحو 80 في المائة من الأسر – أي نحو 32 مليون مواطن من جملة سكان البلاد البالغ عددهم 44 مليوناً تقريباً - لمساعدتهم على مواجهة آثار عملية الإصلاح الاقتصادي، بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي لمدة 12 شهراً، يتأهل خلالها السودان للحصول على المزيد من القروض والتمويل من المؤسسات المالية الدولية.
قالت السيدة آمنة ياسين لـ«الشرق الأوسط» إنها في حال حصولها على الدعم الشهري، ستتمكن من الإيفاء ببعض التزاماتها تجاه أطفالها، وتصحيح وضع أسرتها المادي، ومواجهة الارتفاع المستمر في أسعار السلع الأساسية، وتضيف: «سيعود ابني البكر للمدرسة بعد أن تركها بحجة مساعدتنا على الحياة»، وتابعت: «طريقة الدفع النقدي مجدية للشرائح الضعيفة وتمنع الفساد».
وتتفاءل الأسر السودانية، إزاء البرنامج، بل تتدافع لمراكز التسجيل وهي تحمل أوراقها الثبوتية، بجانب قصص إنسانية حرجة، تكشف عسر أوضاعها المالية.
وهو ما عبرت عنه السيدة مريم معتوق، البالغة من العمر 40 عاماً، بقولها: «برنامج دعم الأسر، يعد تخفيفاً عليها من وطأة غلاء الأسعار، وتراجع قدرات المواطنين الشرائية، بسبب تصاعد الأزمة الاقتصادية».
يقول الهادي عبد الفراج، موظف، أثناء تقديمه لأوراقه الثبوتية لنيل «الثمرات»، إن تسجيل الأسر المستحقة بالفعل هو الأهم، بيد أنه في الوقت ذاته يبدي تخوفه من تآكل مبلغ الدعم مع تصاعد الأسعار اليومي، ويضيف: «سيحل البرنامج جزءاً من المشاكل، لأن المبلغ قليل لا يكفي لمواجهة الغلاء، مع وصوله للمستحقين فعلاً».
ويستلزم الاشتراك في «ثمرات» الحصول على الرقم الوطني، وهي معضلة تواجه عديد الأسر، ما يفقد الكثير من الأسر الفرصة، وهو ما جعل الحزن يخيم على السيدة سماح سليمان، لعجزها عن تسجيل أطفالها وزوجها لأنهم بلا رقم وطني، وهو الأمر الذي تصفه المشرفة على وحدة «حي الأزهري» بأنه مشكلة، لأن الكثير من الأسر المستهدفة والأشد فقراً لا تملك أوراق هوية.
شبكة الإنترنت وسوء خدماتها هي الأخرى، واحدة من مشاكل «ثمرات»، ما يؤدي لتأخير إدخال البيانات، فضلاً عن عدم وجود حسابات بنكية للكثيرين، أو حتى هواتف، وهو الأمر الذي تحاول السلطات حله بتوقيع اتفاقات مع شركات اتصالات محلية لتنشيط خدمات الدفع عبر الموبايل.



انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)
منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)
TT

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)
منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)

انكمش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ أكثر من عام، كما أثرت الزيادات الضريبية في أول موازنة للحكومة الجديدة على خطط التوظيف والاستثمار، وفقاً لمسح حديث، ما يُشكل نكسةً جديدة لجهود رئيس الوزراء كير ستارمر في تعزيز النمو الاقتصادي.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات الأولي لشركة «ستاندرد آند بورز غلوبال»، الذي نُشر يوم الجمعة، إلى 49.9 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو مستوى أقل من مستوى عدم التغيير البالغ 50 نقطة للمرة الأولى في 13 شهراً، من 51.8 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

وقال كبير الاقتصاديين في «ستاندرد آند بورز غلوبال»، كريس ويليامسون: «إن أول مسح بعد الموازنة لصحة الاقتصاد يعطي قراءة متشائمة». وأضاف: «قام أصحاب العمل بتقليص أعداد العاملين للشهر الثاني على التوالي؛ حيث خفضت الشركات الصناعية عدد موظفيها بأسرع وتيرة منذ فبراير، مع تزايد التشاؤم بشأن الآفاق المستقبلية».

وأشار المسح إلى أن مؤشر الأعمال الجديدة سجّل أضعف مستوى له منذ نوفمبر الماضي، وهو ما يعكس التأثير السلبي للنظرة المستقبلية الضعيفة للاقتصاد العالمي، خاصة مع تراجع قطاع السيارات. ولكن السياسات التي بدأتها حكومة حزب العمال البريطانية كانت أيضاً أحد الأسباب الرئيسية للقلق.

وقال ويليامسون: «إن الشركات توضح رفضها للسياسات المعلنة في الموازنة، وخاصة الزيادة المخطط لها في مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل». وقامت المستشارة راشيل ريفز بزيادة مبلغ مساهمات الضمان الاجتماعي التي يجب على أصحاب العمل دفعها، وخفض الحد الأدنى للمبلغ الذي يجب على الشركات دفعه، في خطوة تهدف إلى زيادة الإيرادات لتمويل الخدمات العامة.

وقد أشار العديد من أصحاب الأعمال إلى أن التغييرات في الموازنة تتعارض مع وعد ريفز وستارمر بتحويل المملكة المتحدة إلى أسرع اقتصادات مجموعة السبع نمواً.

وكان الزخم الاقتصادي ضعيفاً بالفعل؛ حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1 في المائة فقط في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول)، وفقاً للبيانات الرسمية التي نُشرت الأسبوع الماضي. كما أظهرت الأرقام الصادرة يوم الخميس أن الاقتراض الحكومي تجاوز التوقعات في أكتوبر، مما يعكس اعتماد ريفز المحتمل على تحسن النمو الاقتصادي لتوليد الإيرادات الضريبية اللازمة لتمويل المزيد من الإنفاق على الخدمات العامة.

وأفاد المسح بأن الشركات لا تقوم بالتوظيف ليحلوا محل الموظفين الذين يغادرون، في الوقت الذي تستعد فيه لارتفاع متوقع في تكاليف الأجور في أبريل (نيسان).

وأشار ويليامسون إلى أن المسح أظهر أن الاقتصاد قد ينكمش بمعدل ربع سنوي قدره 0.1 في المائة، لكن تراجع الثقة قد ينذر بمعدل أسوأ في المستقبل، بما في ذلك مزيد من فقدان الوظائف.

وارتفعت أسعار البيع بأبطأ وتيرة منذ الجائحة، لكن الارتفاع الحاد في أسعار المدخلات وتكاليف الأجور كان يثقل كاهل قطاع الخدمات، وهو ما قد يثير قلق بعض أعضاء لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا، الذين يراقبون عن كثب الأسعار في قطاع الخدمات.

كما قفزت معدلات التضخم بشكل أكبر من المتوقع الشهر الماضي، مما يوضح السبب وراء توخي البنك المركزي الحذر في خفض أسعار الفائدة. وقد تراجع مؤشر النشاط التجاري للقطاع الخدمي، الأكثر هيمنة في الاقتصاد، إلى أدنى مستوى له في 13 شهراً عند 50 من 52.0 في أكتوبر. كما تراجع مؤشر التصنيع إلى 48.6، وهو أدنى مستوى له في 9 أشهر، من 49.9 في أكتوبر.