خطة ألمانية لإعادة إعمار المرفأ... ووفد من برلين في بيروت الأسبوع المقبل

معظم المسؤولين اللبنانيين ليسوا على علم بها

موقع الانفجار في مرفأ بيروت (رويترز)
موقع الانفجار في مرفأ بيروت (رويترز)
TT

خطة ألمانية لإعادة إعمار المرفأ... ووفد من برلين في بيروت الأسبوع المقبل

موقع الانفجار في مرفأ بيروت (رويترز)
موقع الانفجار في مرفأ بيروت (رويترز)

شكّل خبر توجّه ألمانيا لاقتراح خطة لإعادة إعمار مرفأ بيروت الأسبوع المقبل مفاجأة بالنسبة إلى اللبنانيين على مستوى معظم المسؤولين والشعب على حدٍّ سواء. وكانت المفارقة أن غالبية المعنيين الرسميين في لبنان ليسوا على عِلم بها، وهو ما أكده مصدران في الحكومة، مشيرين إلى أنهما علما بها من الإعلام، فيما أشار مصدر حكومي ثالث لـ«الشرق الأوسط»، إلى علمه بالخطة لكنه أكد أنه لم يتم التواصل حتى الآن على المستوى الرسمي مع الدولة اللبنانية، كاشفاً أن وفداً ألمانياً سيزور بيروت الأسبوع المقبل للقاء مسؤولين وزيارة المرفأ والإعلان عن الخطة.
وبعد ثمانية أشهر على الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت نقلت أمس، وكالة «رويترز» عن مصدرين قولهما إن «ألمانيا ستعرض على السلطات اللبنانية الأسبوع المقبل خطة تتكلّف مليارات الدولارات لإعادة بناء مرفأ بيروت في إطار مساعٍ لحثّ ساسة البلاد على تشكيل حكومة قادرة على تفادي انهيار اقتصادي»، وهو ما عاد وأكده السفير الألماني في بيروت أندرياس كيندل، معلناً في بيان أن عدة شركات خاصة ستقدم اقتراحاً شاملاً الأسبوع القادم لتطوير مرفأ بيروت والمناطق المحيطة التي دمرها الانفجار، ونقلت «رويترز» عن مصدر لبناني مسؤول قوله: «إن ألمانيا ستقدم مقترحاً شاملاً لإعادة إعمار المرفأ».
وقال السفير الألماني إن الشركات ستشمل: رولاند برغر، وإتش.بي.سي، وإتش.إتش.إل.إيه، وكوليرز، مشيراً إلى أن الاقتراح ليس مقدماً من الحكومة الألمانية، مشيراً إلى أن السلطات اللبنانية لا تمكنها إعادة الثقة وجذب الدعم من المستثمرين إلا من خلال تنفيذ إصلاحات فعالة.
ولفتت الوكالة إلى أنه «وفقاً لمصدرين دبلوماسيين مطّلعين على الخطة، فإن ألمانيا وفرنسا تسعيان لقيادة مساعي إعادة الإعمار. وقالا إن برلين ستطرح يوم السابع من أبريل (نيسان) اقتراحاً وافق بنك الاستثمار الأوروبي على المساعدة في تمويله وسيتم بموجبه إخلاء المنطقة وإعادة بناء المنشآت»، وأشار متحدث باسم البنك إلى أنه «على علم بالمقترح الذي قدمه ميناء هامبورغ وفريقه الاستشاري لإعادة بناء مرفأ بيروت والمناطق المحيطة به، لكنه لفت إلى أنه في الوقت الحالي لا يوجد أي عرض تمويل من بنك الاستثمار الأوروبي»، لافتاً إلى «أن أي تمويل من البنك سيخضع لمتطلبات الفحص الفني وسيتبع إجراءات البنك المعتادة لمثل هذه العمليات، وأن التمويل يجب أيضاً أن يمتثل لإرشادات التوريد الخاصة بالبنك والمعايير البيئية والاجتماعية». وقال: «البنك يقف على أهبة الاستعداد لدعم الشعب اللبناني وجهود إعادة الإعمار كجزء من فريق أوروبا وإلى جانب شركائه والمجتمع الدولي وجميع الأطراف المعنية».
وذكر المصدران أن النخبة السياسية في لبنان تحتاج أولاً إلى الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة لإصلاح الميزانية واستئصال الفساد، وهو شرط يصرّ المانحون، بما في ذلك صندوق النقد الدولي، على تنفيذه قبل الإفراج عن مساعدات بمليارات الدولارات، فيما قال أحد المصدرين: «هذه الخطة لن تأتي من دون شروط... ألمانيا وفرنسا تريدان أولاً رؤية حكومة قائمة ملتزمة بتنفيذ الإصلاحات. لا توجد طريقة أخرى غير ذلك وهذا أمر جيد للبنان».
وعن القيمة المتوقعة للمشروع، قدّر أحد المصدرين أن تمويل بنك الاستثمار الأوروبي سيتراوح بين مليارين وثلاثة مليارات يورو، بينما ذكرت الوكالة، نقلاً عن المصدرين أن المشروع لن يكون مقتصراً على المرفأ بل سيشمل المنطقة المحيطة به.
وأوضحت أنه «إضافةً إلى المرفأ ذاته، سيتطرق الاقتراح الألماني لفكرة إعادة تطوير منطقة محيطة به تبلغ مساحتها نحو مليون متر مربع في مشروع يشبه إعادة إعمار وسط بيروت بعد الحرب».
ومثل خطة ما بعد الحرب، يشمل الاقتراح تأسيس شركة مدرجة في البورصة مماثلة للشركة اللبنانية لتطوير وإعادة إعمار وسط بيروت (سوليدير) التي كان قد أسسها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري في التسعينات ولا تزال مدرجة في البورصة اللبنانية، بحيث قدّر المصدران تكلفة المشروع بما يتراوح بين 5 و15 مليار دولار وقالا إنه قد يخلق ما يصل إلى 50 ألف وظيفة.
ونقلت «رويترز» عن مسؤول لبناني قوله «إن فرنسا ومجموعة (سي.إم.إيه سي.جي.إم) للموانئ وشحن الحاويات مهتمتان أيضاً بمشروع إعادة الإعمار»، فيما أشار أحد المصدرين الدبلوماسيين إلى أن فرنسا أرسلت عدة بعثات، من بينها واحدة في مارس (آذار) الماضي شملت مجموعة (سي.إم.إيه سي.جي.إم)، أبدت خلالها اهتمامها بالقيام بدور في عمليات إعادة الإعمار. لكنه أضاف أن تلك البعثة ركزت على عمليات تطهير معينة أكثر من عمليات إعادة تطوير أوسع نطاقاً، لكن في المقابل، أحجمت وزارة الخارجية الفرنسية عن التعليق على الفور على غرار «سي.إم.إيه سي.جي.إم»، حسب الوكالة.
وأشار المسؤول اللبناني إلى أن «اتخاذ قرار بدء تنفيذ المشروع سيعتمد على اتفاق الأوروبيين على من سيقود الأمر»، مضيفاً: «هذا قرار أوروبي في نهاية المطاف، لأن عليهم أن يقرروا ذلك فيما بينهم. وعندما يتم ذلك يمكن للحكومة اللبنانية أن تمضي قدماً».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.