«أبو الإنترنت» يطلب طباعة الوثائق المهمة للحفاظ عليها

عصور «الظلام الرقمي» على الأبواب.. قد تتسبب في فقدان تاريخنا بعد مئات السنين

فنت كيرف
فنت كيرف
TT

«أبو الإنترنت» يطلب طباعة الوثائق المهمة للحفاظ عليها

فنت كيرف
فنت كيرف

على الرغم من تنامي نزعة التحول الرقمي في غالبية الأعمال اليومية وتخزين البيانات سحابيا، دعا «فنت كيرف»، نائب الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، إلى طباعة صور المستخدمين الرقمية المهمة لهم والتي يرغبون في المحافظة عليها، أو المخاطرة بفقدانها إلى الأبد، محذرا من عودة القرن الحادي والعشرين إلى العصور المظلمة بسبب احتمال فقدان البيانات المخزنة رقميا. وانتشرت هذه النزعة بين المستخدمين بسبب سهولة البحث عن البيانات ونقلها وتبادلها، لكن طلب «كيرف» ألا تكون وسطا بديلا عن الوثائق الورقية، خصوصا الوثائق التاريخية أو ذات القيمة العالية لصاحبها.
ويحفظ تخزين البيانات رقميا الصور والوثائق من التلف والتآكل، إلا أنه يجعلها معرضة للضياع مستقبلا جراء انقراض التطبيقات التي تستطيع مشاهدتها (وبالتالي عدم اكتراث الأجيال المقبلة بتلك البيانات)، بالإضافة إلى أن الملفات معرضة للتلف جراء الحذف غير المقصود أو تعطل وسط التخزين (وحتى وسائط التخزين الاحتياطية) أو قرصنتها و«اختطافها» رقميا لقاء فدية محددة.
ويتجه العالم الرقمي اليوم نحو تحويل الوثائق والموسيقى والملفات الطبية والصور والرسائل وعروض الفيديو، وغيرها، إلى صيغة رقمية، ولكن ماذا سيحدث لتلك الملفات لو توقفت الخدمات المسؤولة عن تخزينها (مثل إقفال شبكة «إنستغرام» أو «فيسبوك» أو خدمة «دروب بوكس» بعد عقد أو عقدين)، أو توقف دعم شركة «المطورة لتطبيق قراءة وثائق «بي دي إف» وعدم التخلي عن حقوق ملكيته أو نص برمجته، مثلا؟ مثال آخر على ذلك أن المراسلات الورقية التاريخية التي حدثت قبل 300 عام ستكون مرادفة لصيغة البريد الإلكتروني في يومنا هذا، وسيكون البحث عن تلك الرسائل الرقمية بعد 100 عام، مثلا، أمرا بالغ الصعوبة بسبب اختلاف البرامج التي تقرأ تلك الرسائل، وحتى عدم وجودها في حال حدوث ثورة نوعية في طريقة معالجة البيانات وضرورة التخلي عن التقنيات الحالية لصالح أخرى أكثر تطورا تقدم قدرات مهولة على المعالجة، لكنها غير متوافقة مع تقنيات القرن الـ21 (مثل المعالجات الكمية التي تحدثت عنها «الشرق الأوسط» في عددها الصادر في 25 مارس/ آذار، 2014).
وقد لا يشعر الناس بأهمية وثيقة ما إلا بعد مرور أعوام طويلة عليها، وقد تكون الوثيقة الورقية قد تلفت، الأمر الذي يستدعي المحافظة على النسخ الورقية من جميع الوثائق والبيانات التي يعتقد أنها ستكون مهمة. وانتقد «كيرف» الملقب بـ«أبو الإنترنت»، خلال مؤتمر علمي تعقده الجمعية الأميركية لتقدم العلوم في كاليفورنيا، تحويل تاريخ البشرية إلى الصيغة الرقمية بهدف الحفاظ عليه، إذ إنه ليس مضمونا وقد نكون السبب الآن في فقدان تاريخنا بعد مئات السنين من دون أن نعرف ذلك، نظرا لشغفنا بالتحول نحو الصيغة الرقمية لكل شيء.
ولن يعطي استخدام الإنترنت اليوم لمعرفة الأحداث التي طبعت عام 1994، مثلا، نتائج دقيقة أو مضمونة، نظرا لأن بيانات تلك الفترة قد اختفت من الشبكة. ودعا «كيرف» إلى حفظ تاريخ البشرية الرقمي في صيغة جديدة مع الاحتفاظ بأنظمة التشغيل الخاصة بذلك، بحيث تستطيع الأجيال المستقبلية الإطلاع على جميع البيانات بسهولة تامة، لكن هذا الأمر قد يوجد معضلة حماية حقوق الملكية لنظم التشغيل والبرامج التي يتم حفظها، وقد يدخل في صراع قانوني طويل جدا.
وتجدر الإشارة أن الحضارات القديمة لم تعان من هذه المشاكل، لأن التاريخ المكتوب بالخط المسماري على ألواح طينية، أو على أوراق البردي، لا يحتاج إلا مجرد النظر إليه. إلا أنه لدراسة حضارتنا الحالية سيواجه علماء المستقبل وثائق «بي دي إف» وأخرى مكتوبة بنظام وورد ومئات من برامج الأرشفة الأخرى التي لا يمكن الاطلاع عليها إلا باستخدام برامج خاصة وفي بعض الأحيان أجهزة كومبيوتر خاصة.
والمشكلة قائمة بالفعل، ففي الثمانينات كان من المعتاد الاحتفاظ بالوثائق على أقراص مرنة وتحميل ألعاب من أشرطة كاسيت على «سبكترم زد إكس» والاحتفاظ بألعاب الأتاري الإلكترونية على خرطوشات إلكترونية. وحتى إذا كانت الأقراص والكاسيتات في حالة جيدة، فإن معظم المعدات المطلوبة لتشغيلها موجودة في المتاحف.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».