بروكسل مستعدة لـ«الاستجابة لأي خطوة سليمة» من دمشق

وزراء خارجية 18 دولة أوروبية يتعهدون المحاسبة على «جرائم الحرب» في سوريا

مسؤول الشؤون الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل (د.ب.أ)
مسؤول الشؤون الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل (د.ب.أ)
TT

بروكسل مستعدة لـ«الاستجابة لأي خطوة سليمة» من دمشق

مسؤول الشؤون الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل (د.ب.أ)
مسؤول الشؤون الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل (د.ب.أ)

قال مسؤول الشؤون الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، إنه إذا «اتخذت الحكومة السورية الخطوات السليمة في الاتجاه الصحيح، سنستجيب جميعاً»؛ بهدف الوصول إلى «سوريا الجديدة». وزاد «لن نتوقف عن فرض العقوبات الاقتصادية، ولن يكون هناك تطبيع من أي مستوى، ولن ندعم جهود إعادة الإعمار أبداً حتى نشهد بدء عملية الانتقال السياسي في سوريا».
وقال بوريل في خطاب لمناسبة انتهاء مؤتمر بروكسل للمانحين «ندرك جميعاً حجم الدمار الذي تعاني منه سوريا ومدى المعاناة التي كابدها الشعب السوري، ولا يزال في كل يوم منذ عشر سنوات. لقد صارت سوريا مرادفاً ملازماً للموت، والخراب، والدمار، فضلاً عن أكبر حركة هجرة بشرية يشهدها القرن الحادي والعشرون حتى الآن»، لافتاً إلى بعض الأرقام بينها «400 ألف قتيل، واختفاء نحو 100 ألف شخص آخرين. ونعلم جيداً أن الاقتصاد السوري في حالة من السقوط المدوي السريع. ويعيش أكثر من 90 في المائة من المواطنين السوريين تحت خط الفقر المدقع راهناً. كما يواجه أكثر من 13 مليون مواطن سوري – أي ما يقارب نسبة 60 في المائة من إجمالي سكان البلاد ونصفهم من الأطفال – انعداماً شديداً في الأمن الغذائي مع احتياجاتهم الملحة للحصول على المساعدات الإنسانية العاجلة. وهذا، مع فرار أكثر من 12 مليون مواطن سوري من بلادهم، مع الآلاف الآخرين منهم الذين يعيشون في مخيمات العراء في شمال البلاد. وخلال العام الماضي وحده، ارتفعت حدة الإصابة بفيروس كورونا المستجد وأدت إلى تفاقم الأوضاع الصحية المتردية بالفعل في أرجاء البلاد كافة».
وأضاف، أن الاتحاد الأوروبي منح 560 مليون يورو، وهو المبلغ نفسه الذي تعهد به الاتحاد الأوروبي في مؤتمر العام الماضي، وهو يضيف إلى ما يقرب من 25 مليار يورو من المنح المالية التي أقرها الاتحاد الأوروبي منذ بدية الأزمة السورية. و«استطعنا من خلال ذلك المؤتمر، الذي ضم أكثر من 85 مندوباً وممثلاً عن أكثر من 55 دولة وأكثر من 25 منظمة دولية، أن نؤمّن ما يوازي 5.3 مليار يورو من إجمالي التعهدات بالمنح المالية الجديدة بصفة مشتركة».
وتابع «مصالحنا كأوروبيين بسيطة للغاية، وهي تتسق مع ما يريده المواطنون السوريون أيضاً: نريد لسوريا أن تعاود الوقوف على أقدامها كدولة جوار آمنة ومستقرة (...) اتفقت الأطراف الدولية والأطراف الأخرى المعنية بالأزمة السورية على ضرورة صياغة دستور جديد للبلاد مع إجراء الانتخابات الحرة والنزيهة تحت رعاية وإشراف منظمة الأمم المتحدة». وزاد «سوريا تحتاج إلى تغيير المسار الراهن (...) ويقع على عاتق النظام السوري الحاكم مسؤولية كبرى في اتخاذ الخطوات المهمة والمنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. وإذا ما اتخذت الحكومة السورية الخطوات السليمة في الاتجاه الصحيح، فلسوف نستجيب جميعاً لذلك. وحتى بلوغ هذه اللحظة، سوف نواصل ممارسة الضغوط على الصعد كافة. لن نتوقف عن فرض العقوبات الاقتصادية، ولن يكون هناك تطبيع من أي مستوى، ولن ندعم جهود إعادة الإعمار أبداً حتى نشهد بدء عملية الانتقال السياسي في سوريا».

إلى ذلك، تعهد وزراء خارجية 18 دولة أوروبية الأربعاء بمواجهة إفلات تنظيم «داعش» والنظام السوري من العقاب، وذلك على خلفية اتهامهما بارتكاب اعتداءات بالأسلحة الكيميائية وعمليات خطف وإخفاء.
وقال الوزراء في بيان مشترك نُشر على الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الفرنسية «دولنا ملتزمة بضمان عدم إفلات مجرمي الحرب ومرتكبي التعذيب من العقاب».
وقال الوزراء، إنه في السنوات العشر الماضية قُتل نحو 400 ألف شخص، وأجبر أكثر من ستة ملايين على الفرار من البلاد هرباً من «انتهاكات لا حصر لها لحقوق الإنسان».
وواجه الرئيس بشار الأسد، المدعوم من روسيا، اتهامات باستخدام أسلحة كيميائية في انتهاك للقانون الدولي مع استعادته السيطرة على البلاد.
وقال الوزراء «يجب تسليط الضوء الكامل على هذا العقد من الأعمال الوحشية».
وأضافوا «نواصل دعوتنا إلى السماح للمحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في الجرائم التي يشتبه بارتكابها في سوريا ومحاكمة الجناة».
وتم بالفعل رفع قضايا في دول أوروبية عدة على أساس مبدأ الولاية القضائية العالمية الذي يسمح بمحاكمة مرتكبي أخطر الجرائم بغض النظر عن جنسيتهم ومكان حدوث الجرائم.
وفي فبراير (شباط)، أدانت محكمة ألمانية عضواً سابقاً في جهاز الاستخبارات السوري بتهمة «التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية»، في إطار أول محاكمة في العالم تتعلق بانتهاكات منسوبة إلى النظام السوري.
يأتي البيان غداة تعهد المانحين الدوليين بتقديم 6.4 مليار دولار من المساعدات للشعب واللاجئين السوريين في الدول المجاورة، بتراجع واضح عن النسخة السابقة لمؤتمرهم وبعيداً عن الهدف الذي حددته الأمم المتحدة بعشرة مليارات دولار.
زادت الحاجة إلى المساعدات على خلفية جائحة «كوفيد - 19» وتراجع قيمة الليرة السورية؛ ما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وتوقفت الجهود لإيجاد اتفاق سلام دائم لإنهاء النزاع الذي وضع القوى العالمية بمواجهة بعضها البعض وأثار صعود «داعش».
تصر الدول الأوروبية على أنها لن تنفق الأموال على إعادة بناء واسعة في سوريا حتى يلتزم الأسد بعملية سياسية حقيقية لحل النزاع.
إلى ذلك، أعلنت الخارجية السورية عن رفض دمشق لمؤتمر بروكسل الخامس للمانحين، مشيرة إلى «عدم مشروعية ما يصدر عنه». وقالت وزارة الخارجية في رسالة وجهتها إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، إن «الجمهورية العربية السورية تعرب عن استهجانها لانعقاد هذا المؤتمر وللمرة الخامسة دون دعوة الحكومة السورية».
وأعلن في دمشق، أن وزير الإدارة المحلية والبيئة السوري، حسين مخلوف، بحث الخميس، مع وزيرة الهجرة والمهجرين في العراق، إيفان فائق جابرو في «عودة المهجرين من البلدين إلى أوطانهم».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).