تركيا تستأنف الجسر الجوي إلى قاعدة الوطية الليبية

في انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار وحظر التسلح الأممي

الرئيس طيب إردوغان يتوسط محمد المنفي وعبد الله اللافي خلال زيارتهما إلى تركيا الأسبوع الماضي (رويترز)
الرئيس طيب إردوغان يتوسط محمد المنفي وعبد الله اللافي خلال زيارتهما إلى تركيا الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

تركيا تستأنف الجسر الجوي إلى قاعدة الوطية الليبية

الرئيس طيب إردوغان يتوسط محمد المنفي وعبد الله اللافي خلال زيارتهما إلى تركيا الأسبوع الماضي (رويترز)
الرئيس طيب إردوغان يتوسط محمد المنفي وعبد الله اللافي خلال زيارتهما إلى تركيا الأسبوع الماضي (رويترز)

كشف موقع أوروبي، متخصص في مراقبة حركة الطيران العسكري فوق البحر المتوسط، عن استئناف تركيا الجسر الجوي إلى قاعدة الوطية، التي تسيطر عليها في غرب ليبيا.
وأعلن موقع «إيتاميل رادار» الإيطالي عن رصده استئناف تركيا الجسر الجوي مع ليبيا في خرق واضح لاتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا، وذكر أن طائرة شحن عسكري تركية، من طراز إيرباص (إيه 400 إم)، تحمل الرقم السداسي «0094 - 18» غادرت أنقرة أول من أمس، وهبطت في قاعدة الوطية في غرب ليبيا.
ولم يكشف الموقع عن طبيعة مهمة الطائرة التركية، لكنه أكد أنه رصد في السابق العديد من الرحلات لنقل الأسلحة والمرتزقة السوريين، الذين جندتهم تركيا في ليبيا، ومنها رحلات توجهت إلى ليبيا بعد اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2020.
وجاءت الرحلة الجديدة، رغم تصريحات أممية وليبية بشأن ضرورة إنهاء وجود القوات والمرتزقة الأجانب، ورغم القرارات الأممية بحظر التسليح. علما بأن تركيا جندت أكثر من 18 ألف مرتزق سوري، أعيد منهم نحو 11 ألفا بعد انتهاء عقودهم. إضافة إلى 10 آلاف من جنسيات أخرى، بينهم 2500 من حملة الجنسية التونسية، قتل منهم 496 مرتزقا، بحسب بيانات سابقة للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأفادت تقارير إعلامية بأن رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، بحث مع الرئيس رجب طيب إردوغان، خلال لقائهما في إسطنبول الأسبوع الماضي، قضية سحب المرتزقة الذين جندتهم تركيا في ليبيا، استنادا إلى مذكرة التفاهم للتعاون العسكري والأمني، التي وقعتها في 2019 مع فائز السراج، الرئيس السابق لحكومة الوفاق الليبية.
وفي اليوم التالي لزيارة المنفي إلى تركيا، أعلنت وزارة الدفاع التركية استمرار تدريب القوات المسلحة الليبية، في إطار مذكرة التفاهم للتعاون الأمني والتدريب والاستشارات العسكرية، الموقَّعة بين إردوغان والسراج، ونشرت صورا توضح استمرار التدريبات، قائلة: «نواصل تدريباتنا للقوات المسلحة الليبية، في نطاق اتفاقية التدريب والتعاون والاستشارات العسكرية، ويجري تقديم التدريب التوجيهي للجنود الليبيين من قِبل طاقمنا في الخدمة».
ونشرت تركيا عناصر من قواتها المسلحة في ليبيا، بموجب مذكرة التفاهم الموقَّعة مع السراج، وأنشأت مركزاً للقيادة المشتركة في طرابلس، إلى جانب وجودها في قاعدتي «الوطية» الجوية، و«مصراتة» البحرية. كما يجري تدريب عناصر من قوات الأمن والعسكريين داخل تركيا وفي ليبيا، بواسطة الجيش التركي.
ومن جانبه، أكد رئيس الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، في مقابلة صحافية أول من أمس أهمية تركيا بالنسبة لبلاده من الناحيتين الأمنية والاقتصادية.
في سياق متصل، قال مرتضى قرنفيل، رئيس مجلس الأعمال التركي الليبي، إن أزمة سفينة «إيفرغيفن»، التي تسببت بعد جنوحها في إغلاق الممر الملاحي لقناة السويس لمدة 6 أيام، لفت الأنظار إلى أهمية ليبيا من الناحية اللوجيستية، وفي نقل الصادرات والتجارة التركية إلى القارة الأفريقية.
وأشار قرنفيل إلى أن تركيا تعتزم إنشاء مركز لوجيستي في ليبيا، سيمكنها من دخول بضائعها وتجارتها إلى عمق القارة الأفريقية عبر الطريق البري، قائلا إن طرق التجارة المتجهة إلى شرق ووسط أفريقيا تمر عبر قناة السويس، وتحتاج 45 يوما كي تصل إلى وجهتها الأخيرة. لكن بفضل المركز اللوجيستي، الذي تعتزم تركيا إنشاءه في ليبيا، ستتمكن من دخول عمق القارة الأفريقية عبر الطرق البرية في فترة تتراوح بين 10 و15 يوما.
وأعلنت تركيا في فبراير (شباط) الماضي بدء العمل لإنشاء مركز لوجيستي في ليبيا، من المنتظر أن يشكل معبرا لصادراتها إلى أفريقيا، وسيكون الأول ضمن سلسلة مراكز لوجيستية دولية للصادرات التركية، بدأ العمل بإنشائها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».