توافقات تسمح بتصويت تدريجي على بنود الموازنة الاتحادية في العراق

بعد ماراثون طويل من الخلافات بين الكتل السياسية

نساء مشاركات في جهود نزع الألغام في البصرة السبت الماضي (رويترز)
نساء مشاركات في جهود نزع الألغام في البصرة السبت الماضي (رويترز)
TT

توافقات تسمح بتصويت تدريجي على بنود الموازنة الاتحادية في العراق

نساء مشاركات في جهود نزع الألغام في البصرة السبت الماضي (رويترز)
نساء مشاركات في جهود نزع الألغام في البصرة السبت الماضي (رويترز)

رغم الخلافات العميقة بين الكتل السياسية العراقية حول بعض البنود الواردة في الموازنة المالية الاتحادية لعام 2021، والتي استمرت حتى اللحظة الأخيرة التي سبقت عملية التصويت، أمس، فإن بوادر «الدخان الأبيض» المتصاعد فوق القبة النيابية بعد ماراثون طويل، بدت واضحة بعد مضي البرلمان في التصويت التدريجي على بنود الموازنة الاتحادية التي تزيد على الخمسين بنداً.
وظهر بوقت مبكر أمس أن بوادر تصويت البرلمان على بنود الموازنة كانت مشجعة مع حضور 215 نائباً للجلسة واتفاق الكتل الكبيرة على معظم بنودها الخلافية، وخاصة تلك المتعلقة بحصة إقليم كردستان العراق والتزاماته النفطية حيال الحكومة الاتحادية. وقد أسفرت المفاوضات الماراثونية بين بغداد والإقليم عن الاتفاق على صيغة لتسليم الإقليم 460 ألف برميل من النفط إلى شركة «سومو» النفطية الاتحادية مع استقطاع قيمة أموال النقل والاستخراج في مقابل إعطاء الإقليم نسبة نحو 13 في المائة من أموال الموازنة، وبالفعل نجح البرلمان في التصويت على البند 11 المتعلق بإقليم كردستان في الموازنة.
واتفقت الكتل السياسية على سعر صرف الدينار بعد أن قام البنك المركزي بخفض قيمته أمام الدولار قبل أشهر. وأكدت مصادر نيابية «الاتفاق على تحويل الموازنة من الدولار إلى الدينار العراقي، وذلك لعدم تأخير إقرارها وعزلها عن الخلافات المتعلقة بصعود الدولار».
كما اتفق على حل الخلاف حول بعض القروض التي وضعتها الحكومة في الموازنة لتدارك العجز فيها وتحقيق مطالب بعض الكتل في إعادة المفسوخة عقودهم في «الحشد الشعبي» ووزارة الدفاع وتثبيت المتعاقدين في بعض الوزرات في الوظائف العامة. وتقدر مصادر البرلمان العراقي إجمالي بنحو 164 تريليون دينار (نحو 113 مليار دولار)، بعجز يقدر بـ28 ترليون دينار عراقي، يتوقع أن تتم تغطيته من خلال الزيادة المتحققة في أسعار النفط التي ارتفعت لنحو 65 دولاراً، في مقابل إقرار الموازنة سعر 45 دولاراً للبرميل الواحد.
وأعلنت اللجنة المالية النيابية على لسان النائب أحمد الجبوري، أمس، تضمين جميع المخصصات للعقود في قانون الموازنة. وأوضح الجبوري في تصريحات أن اجتماع الكتل السياسية على مدى الأيام الثلاثة الماضية «أفضى إلى اتفاق على حذف بعض الفقرات من القروض التي تعد غير مجدية وتأجيلها». وأضاف أن «اللجنة المالية استضافت وزير الكهرباء بشأن التخصيصات والقضايا الأخرى المتعلقة بالتجهيز وأن وزير الكهرباء أوضح خلال الاستضافة أن التلاعب بالنص القادم من الحكومة سيسبب عدم وجود كهرباء في فصل الصيف».
كما تضمنت الموازنة بحسب الجبوري «تخصيص أكثر من 900 مليار دينار للمحاضرين في موازنة عام 2021 وكذلك العقود في وزارة الكهرباء والأجراء».
وأعلن تحالف «الفتح»، قبل عملية التصويت على بنود الموازنة، أمس، حسم الجدل حول الفقرات الخلافية في قانون الموازنة ومن بينها فقرة سعر صرف الدولار.
وقال النائب عن التحالف حامد الموسوي في تصريحات إنّ البرلمان شهد «اجتماعات مكثفة بين رئاسة المجلس واللجنة المالية وبين القوى المعترضة على بعض الفقرات، وتم التفاهم على جدولة القروض الخارجية وحذف 60 في المائة غير ضروري منها، واعتماد القروض المستمرة لشركات عالمية بـ3.2 مليار دولار من أصل 5.7 مليار دولار». وأضاف أنّ «هناك فقرات تتعلق بشرائح المفسوخة عقودهم والمحاضرين إضافة إلى سعر الصرف، وقد تم حسمها، وبالتالي حسمت أغلب الفقرات، إضافة إلى فقرة الضمانات السيادية التي استبدلت بضمانات الدفع».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».