المشنوق: أنشأنا غرفة عمليات ثابتة في شرق لبنان لملاحقة جميع المطلوبين.. واستمرار الخطة الأمنية تأكيد لوجود الدولة

«حزب الله» يرحب بتوقيف المخلين في الضاحية.. ويرى أن التنفيذ يحتاج إلى تنسيق

نهاد المشنوق
نهاد المشنوق
TT

المشنوق: أنشأنا غرفة عمليات ثابتة في شرق لبنان لملاحقة جميع المطلوبين.. واستمرار الخطة الأمنية تأكيد لوجود الدولة

نهاد المشنوق
نهاد المشنوق

أعلن وزير الداخلية اللبنانية، نهاد المشنوق، أمس، أن السلطات الأمنية أنشأت غرفة عمليات ثابتة في البقاع في شرق لبنان لملاحقة جميع المطلوبين، مشيرا إلى أن «العملية الأمنية مستمرة لأيام في محاولة لإعلان هذه المنطقة وبشكل نهائي خالية من المطلوبين والأدوات الجرمية»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن «الجزء الثالث من الخطة الأمنية وسنتابعها في بيروت والضاحية ولا غطاء سياسيا على أي مخالف منذ نشأة الحكومة».
جاءت تصريحات المشنوق في مؤتمر صحافي عقده في ثكنة أبلح، القريبة من مدينة زحلة بشرق وسط لبنان، بعد إشرافه على تنفيذ الخطة الأمنية في البقاع الشمالي، حيث واصلت القوة الأمنية المشتركة التي تتألف من الجيش اللبناني، وقوى الأمن الداخلي، والأمن العام، إجراءاتها الأمنية المشددة في منطقة البقاع، لليوم الثاني على التوالي. وأعلن الجيش اللبناني، أمس، أن وحدات القوة الأمنية المشتركة نفذت سلسلة عمليات دهم شملت مدينة بعلبك ومحيطها، وبلدات: بريتال، وحورتعلا، ودورس، والحمودية، وبلدات أخرى. وأشارت مصادر الجيش في بيان، إلى أن «عمليات الدهم أسفرت عن توقيف 56 شخصا من المطلوبين والمشتبه بهم والمخالفين، كما ضبطت 18 سيارة من دون أوراق قانونية، ونحو طنين من مادة حشيشة الكيف موضبة داخل مستودع في بلدة الحمودية، بالإضافة إلى كمية من الأعتدة العسكرية والذخائر وأجهزة الاتصال».
وبدأ تصريح المشنوق حول وجهة الخطة الأمنية إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، التي تعد منطقة نفوذ «حزب الله»، لافتا، بعد تصريحات سابقة له، أكد فيها أن «الخطة الأمنية في الضاحية مرتبطة بالاستراتيجية الدفاعية التي تناقش على طاولة الحوار الوطني بين ممثلي الأحزاب اللبنانية كافة».
ولم يتضح ما إذا كان الحديث عن الخطة الأمنية سيقتصر على ملاحقة المطلوبين والمخلين بالأمن في الضاحية، أم ستكون لها أبعاد أشمل، وسط معلومات عن أن الخطة الأمنية للضاحية لم ترد في مقررات الحوار بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» في الجلسات الخمس التي عقدت في دارة رئيس البرلمان نبيه برّي، كما لم يجر عرضها في الاتصالات السياسية بين الجانبين، علما أن «حزب الله» ينظر إلى الضاحية على أنها «منطقة شديدة الحساسية، لا يمكن أن تنفذ فيها خطة أمنية شاملة، من غير تنسيق، إلا بعد اتصالات رفيعة المستوى».
ويعتبر «حزب الله»، بحسب مطلعين على أجوائه، أن وضع الضاحية «يتّسم بحساسية أمنية معينة، نظرا لأن كل قيادات الحزب موجودة فيها، فضلا عن وجود مراكز لها علاقة بالمقاومة، يجب أن تُراعى، مما يفرض على أي خطة أمنية أن تكون مدروسة وتتم بالتنسيق الكامل مع الحزب».
وخلافا لاعتباراته الأمنية، قالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي «ينتشران على مداخل الضاحية وفي داخلها منذ خطة الانتشار في الضاحية بعد موجة التفجيرات في صيف 2013»، مشيرة إلى أن «حزب الله» يطالب أساسا «بتعزيز المخافر والنقاط الأمنية في الضاحية لملاحقة المتسببين في المشكلات الاجتماعية والمخلين بالأمن والمتهمين بالسرقة والتعديات على الأملاك العامة»، لافتة إلى أن ذلك «مرحب به». وقالت إن «مكافحة المخدرات والجريمة والمخلين بالأمن، مطلب الحزب في الأساس، لأنهم تحولوا إلى عبء اجتماعي عليه، ويد الدولة طليقة منذ وقت طويل لملاحقة المخلين».
وكان المشنوق، أعلن أنه «كان هناك انطباع أن منطقة البقاع خارج الدولة، والخطة الأمنية تبرهن العكس»، مؤكدا «أن خيار المواطنين في البقاع هو الدولة وهو ما تبدى من خلال ترحيبهم بها»، لافتا إلى أن «إعلان الخطة الأمنية واستمرارها في البقاع هو تأكيد لوجود الدولة».
وتابع المشنوق: «نعلم أن هناك عددا من المطلوبين انتقلوا إلى سوريا، ولكن استمرار تطبيق الخطة الأمنية يعني أنه سيتم توقيفهم عند عودتهم»، مشيرا إلى «أن التعاون اليوم للمرة الأولى بين الأمن العام والقوى الأمنية وقيادة الجيش، هو تأكيد على الوحدة في مواجهة الإرهاب والمخدرات والسلب والخطف».
وأوضح أنه «أصبح هناك غرفة عمليات ثابتة في البقاع لملاحقة جميع المطلوبين»، مشيرا إلى أن «العملية الأمنية مستمرة لأيام في محاولة لإعلان هذه المنطقة وبشكل نهائي خالية من المطلوبين والأدوات الجرمية». وأكد أن «لا أحد فوق القانون وهناك 37 ألف مذكرة توقيف واتصال بسبب أفعال جرمية بسيطة مثل إطلاق نار في أعراس ومآتم».
واستطرد المشنوق أن «الترحيب الذي لاقيته في بريتال يجعلني أقول إن هؤلاء هم أولاد دولة، لكن المنطقة تعاني من الحرمان»، مشيرا إلى «أننا في الجزء الثالث من الخطة الأمنية، وسنتابعها في بيروت والضاحية ولا غطاء سياسيا على أي مخالف منذ نشأة الحكومة»، مؤكدا أن «الحملة العسكرية مدتها أيام، لكن المتابعة الأمنية بدأت منذ أشهر، وهي لا تتم بالسر وهناك قوى مختصة في المنطقة لملاحقة المطلوبين وستزداد قوة عبر غرفة العمليات المشتركة». ثم أعلن أن «قائد الخطة العسكرية أكد له حسن التعامل من قبل الأهالي في البقاع، ولم يواجه العناصر أي مقاومة خلال المداهمات»، مشيرا إلى أن «الخطة الأمنية موجودة داخل عرسال، ونتابعها بشكل يومي عبر أجهزة خاصة».
وفي سياق متصل، أفادت مصادر محلية من البقاع «الشرق الأوسط»، أن المطلوبين الكبار بتهم الخطف مقابل فدية والسلب وسرقة السيارات وتجارة المخدرات، «فروا باتجاه الأراضي السورية منذ بدأ الحديث عن الخطة الأمنية في البقاع»، مشيرة إلى أن هؤلاء «يناهز عددهم الـ45 مطلوبا، وينقسمون بين بلدتي بريتال حورتعلا وحي حارة الشراونة في بعلبك». وقالت المصادر إن الجيش اللبناني «نفذ قبل بداية الخطة الأمنية، أول من أمس، عمليات سريعة وخاطفة أدت إلى توقيف بعض المتهمين الكبار، قبل أن يفر آخرون باتجاه الأراضي السورية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».