البرغوثي يحرج عباس و«فتح» بقائمة انتخابات موازية

ما لم تنجح مفاوضات ربع الساعة الأخيرة

لافتة تحمل صورة الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي في مركز للدفاع عنه برام الله (أ.ف.ب)
لافتة تحمل صورة الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي في مركز للدفاع عنه برام الله (أ.ف.ب)
TT

البرغوثي يحرج عباس و«فتح» بقائمة انتخابات موازية

لافتة تحمل صورة الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي في مركز للدفاع عنه برام الله (أ.ف.ب)
لافتة تحمل صورة الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي في مركز للدفاع عنه برام الله (أ.ف.ب)

وجه عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، الأسير في السجون الإسرائيلية مروان البرغوثي، أقوى ضربة للرئيس الفلسطيني محمود عباس وقيادة الحركة، بتشكيله قائمة مستقلة لخوض انتخابات المجلس التشريعي متحدياً قيادة الحركة.
وقال مصدر في الحركة لـ«الشرق الأوسط»، إن البرغوثي أوعز أمس لمقربيه، بتشكيل قائمة عمادها الفتحاويون الذين تم إقصاؤهم من قائمة الحركة الرئيسية، التي شهد تشكيلها كثيراً من الجدل والاحتجاجات والتهديد باستقالات، وتعثرت حتى وقت متأخر بالأمس. وأضاف المصدر أنه «فيما يتم تشكيل القائمة بدأوا (الغاضبون) بتجميع التواقيع». ولم تقدم القائمة نفسها حتى وقت متأخر من الأمس، لكن يعتقد أنها ستقدم نفسها اليوم إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع مروان في اللحظات الأخيرة.
وزادت خطوة مروان من «الجرح» الذي تعانيه «فتح»، كما وصف الأمر أحد كوادر الحركة المتقدمين. وفوجئ مناصرو الحركة ومريدوها وحتى أعضاؤها، بحجم الخلاف داخل الحركة أثناء تشكيل القائمة الانتخابية، ما اضطر أقاليم عديدة للتمرد وتهديد الحركة بشكل علني وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، في مشهد لم يسجل لدى أي فصيل آخر.
وتسبب موقف مروان في مزيد من الخلاف داخل «فتح»، حتى في السجون الإسرائيلية، إذ أرسلت الهيئات التنظيمية للحركة، رسالة إلى الرئيس عباس والمركزية، قالت فيها إن مروان يمثل نفسه. لكن ذلك لا يقلل أبداً من حجم التأييد الكبير الذي يحظى به الرجل داخل «فتح»، خصوصاً لدى فئة الشباب. وسيطر اسم مروان على النقاش في أروقة صناع القرار في رام الله، وداخل حركة «فتح» في وسائل الإعلام الفلسطينية والإسرائيلية وفي الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي، منذ إطلاق مرسوم الانتخابات، وزاره قبل ذلك حسين الشيخ عضو مركزية «فتح» المقرب عباس، في سجنه في زيارة استثنائية سمحت بها إسرائيل، لمناقشة مسألة الانتخابات التشريعية والرئاسية القريبة.
وتوجه البرغوثي لتحدي عباس ليس جديداً، وتوجد تجربة في الانتخابات الرئاسية الفلسطينية الأخيرة عام 2005 عندما رشح نفسه من السجن مقابل عباس، قبل أن ينسحب لاحقاً تحت الضغوط. والبرغوثي (63 عاماً)، معتقل منذ 2002 في إسرائيل، وحُكم عليه بالسجن لمدة خمسة مؤبدات وأربعين عاماً، بتهمة قيادة كتائب «شهداء الأقصى»، الذراع العسكرية لحركة «فتح»، المسؤولة عن قتل إسرائيليين خلال انتفاضة الأقصى الثانية التي اندلعت عام 2000.
وبوجود قائمة لمروان في مواجهة «فتح»، تصبح حظوظ الحركة أقل، مع الأخذ بعين الاعتبار أن قوائم أخرى من داخل الحركة تنافسها كذلك، بينها قائمة عضو المركزية المفصول حديثاً، ناصر القدوة، وهو ابن شقيقة الرئيس الراحل ياسر عرفات الزعيم التاريخي للحركة، وعضو المركزية المفصول قديماً محمد دحلان. ومعروف أن كل هؤلاء سيشكلون إلى جانب «حماس» والمستقلين وقوى اليسار، قوة لا يستهان بها ضد السلطة.
ولم تعقب حركة «فتح» فوراً على نية البرغوثي الترشح، وهذا سيعني أن على الحركة فصله أيضاً من مركزية «فتح» كما فعلت مع القدوة، وهو قرار أكثر تعقيداً. وعزز كل ذلك أن يلجأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتأجيل الانتخابات، خصوصاً مع تكثيف التصريحات أمس حول عدم إمكانية إجرائها من دون القدس، وهو الموقف الذي رفضته «حماس».
وقال موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»: «نرفض تأجيل الانتخابات تحت أي ذريعة، فنحن نريد تجسيد الإرادة الحرة للناخبين الفلسطينيين، ولا لاستثناء المقدسيين من التصويت، نريد مرشحين ذوي مصداقية ونزاهة وانتماء، ولا نريد من السلطة أن تستخدم أدواتها لدعم مرشحين بأعيانهم».
وحتى الأمس، وصل العدد الكلي لطلبات الترشح المتقدمة منذ بداية عملية الترشح، إلى 25 قائمة انتخابية، للتنافس في انتخابات المجلس التشريعي 2021، وهو رقم سيرتفع اليوم بوجود قائمة «فتح» وقائمة القدوة وقائمة البرغوثي وآخرين متوقعين.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.