الفلسطينيون يحيون الذكرى الـ45 ليوم الأرض

تقرير: إسرائيل تسيطر على 42 % من أراضي الضفة المحتلة

مهرجان لفلسطينيّي 48 بحضور قيادات سياسية في قرية عرابة بالجليل إحياء ليوم الأرض (أ.ف.ب)
مهرجان لفلسطينيّي 48 بحضور قيادات سياسية في قرية عرابة بالجليل إحياء ليوم الأرض (أ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون يحيون الذكرى الـ45 ليوم الأرض

مهرجان لفلسطينيّي 48 بحضور قيادات سياسية في قرية عرابة بالجليل إحياء ليوم الأرض (أ.ف.ب)
مهرجان لفلسطينيّي 48 بحضور قيادات سياسية في قرية عرابة بالجليل إحياء ليوم الأرض (أ.ف.ب)

أحيا الفلسطينيون في الضفة وقطاع غزة، الثلاثاء، الذكرى السنوية الخامسة والأربعين ليوم الأرض، بالتأكيد على تمسكهم بأرضهم عبر مسيرات مركزية وحملات إلكترونية، وفعاليات تضمنت زراعة أشجار. كذلك أحيا فلسطينيو 48 فعاليات جماهيرية وثقافية كثيرة إحياء للذكرى، اختتمت بمهرجان سياسي كبير، نُظِّم في ساحة السوق في مدينة عرابة البطوف في الجليل، قريباً من الموقع الذي سقط فيها أحد أوائل شهداء الأرض، دير ياسين.
ورفع المتظاهرون في عرابة وسخنين، شعارات تندد بأسلوب عمل الشرطة وتشير إلى أنها لا تقتل إلا إذا كانت الضحية عربية. وأقام أهالي حيفا مظاهرة خاصة بهم، مساء أمس، لتشييع جثمان عنبتاوي. وكانت مسيرة كبيرة انطلقت من وسط عرابة، وأخرى انطلقت من مركز سخنين، ومسيرة ثالثة انطلقت من قرية دير حنا، والتقت المسيرات الثلاث في عرّابة؛ حيث عُقد المهرجان السياسيّ. ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية وصور الشهداء والشعارات الوطنية، مرددين الهتافات تمجيداً للشهداء وتضحياتهم. وقال رئيس لجنة المتابعة للمواطنين العرب في إسرائيل، محمد بركة: «عبرنا مرحلة قاسية على جماهيرنا العربية، في الحملة الانتخابية البرلمانية، ويجب أن تكون ذكرى يوم الأرض مناسبة لإعادة الوحدة الوطنية وتنقية الأجواء، لأننا أحوج ما نكون إليها».
وقال رئيس بلدية عرابة، عمر نصار، إن مبنى البلدية الجديد مقام على أراضي المل (المنطقة 9) التي سعت الحكومة الإسرائيلية في حينه إلى مصادرتها، وكان قرارها بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وكثفت معركة يوم الأرض، وصولاً إلى اليوم؛ حيث استعيدت الأرض بالنضال والكفاح.
من جهة ثانية، نظمت لجنة التوجيه العليا لعرب النقب زيارات لقرى مسلوبة الاعتراف، وخصصت عدداً من الزيارات الميدانية لقرى مهددة بالاقتلاع، بالإضافة إلى محاضرات وندوات ستنظم خلال الأسبوع الحالي. وزارت الوفود قرية خربة الوطن، ثم قرى الرويس والزرنوق والعراقيب. وأكدت اللجنة على «ضرورة إحياء ذكرى يوم الأرض الخالد وترسيخ مفاهيم التضحية والتمسك بحقنا في أرضنا وغرس هذه المفاهيم في عقول ووجدان الأجيال الصاعدة».
وأوضحت أن «النقب يعيش يومياً مأساة تحدٍ لمشروع تصفية الأراضي العربية واقتلاع القرى ومحو الوجود العربي. ويعيش يومياً ذكرى يوم الأرض بكل معانيه»، داعية إلى «تعزيز صمود قرانا غير المعترف بها وتكثيف الزيارات لها على مدار العام ودعمها على جميع المستويات».
في الضفة الغربية المحتلة، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحمد أبو هولي، إن على الفلسطينيين تصعيد المقاومة الشعبية ضد الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية، وذلك في بيان صادر بالذكرى الـ45 ليوم الأرض. وانطلق الفلسطينيون في مسيرات في الضفة، وكذلك في قطاع غزة الذي هدد قادته بأنهم قد يعودون إلى مسيرات العودة على حدود قطاع غزة، طالما استمرت سرقة الأرض.
وتعود أحداث هذا اليوم لعام 1976. بعد استيلاء سلطات الاحتلال الإسرائيلي على نحو 21 ألف دونم من أراضي عدد من القرى العربية في الجليل، قبل أن يرد الفلسطينيون هناك بإضراب عام، ومسيرات من الجليل إلى النقب، تسببت في اندلاع مواجهات، قتلت فيها إسرائيل 6 فلسطينيين، وأصابت واعتقلت مئات.
من جهتها، قالت منظمة التحرير الفلسطينية، أمس، إن توسع إسرائيل امتد إلى 42 في المائة من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بهدف تقويض حل الدولتين. وقال الجهاز المركزي للإحصاء، إن سلطات الاحتلال تستغل بشكل مباشر ما نسبته 76 في المائة من مجمل مساحة الضفة الغربية المصنفة «ج»، وتخضع بالكامل لسيطرتها على الأمن والتخطيط والبناء، إذ تسيطر المجالس الإقليمية للمستعمرات على 63 في المائة منها، فيما بلغت مساحة مناطق النفوذ في المستعمرات الإسرائيلية في الضفة (تشمل المساحات المغلقة والمخصصة لتوسيع هذه المستعمرات) نحو 542 كيلومتراً مربعاً. كما هو الحال في نهاية العام 2020. وتمثل ما نسبته نحو 10 في المائة من مساحة الضفة الغربية.
وأضاف الإحصاء: «إن المساحات المستولى عليها لأغراض القواعد العسكرية ومواقع التدريب العسكري، تمثل نحو 18 في المائة من مساحة الضفة الغربية، بالإضافة إلى جدار الضم والتوسع الذي عزل أكثر من 10 في المائة من مساحتها، وتضرر ما يزيد على 219 تجمعاً فلسطينياً جراء إقامة الجدار، كما قامت سلطات الاحتلال بالاستيلاء على نحو 8830 دونماً من الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى 11200 دونم تم إعلانها محميات طبيعية، تمهيداً للاستيلاء عليها».
وشددت حركة «فتح» في بيان بمناسبة الذكرى، على أن «كفاح شعبنا الفلسطيني لن يتوقف حتى تحقيق حريته سيداً على أرضه». وقال المجلس الوطني الفلسطيني، في بيان، إن إحياء يوم الأرض تأكيد أن «الأرض هي القضية الجوهرية في صراعنا مع الاحتلال». وأكدت «حماس» أن الأرض الفلسطينية هي أحد الثوابت التي لا يمكن التنازل عنها أو التفريط بها، وستبقى الأرض محور الصراع مع الاحتلال.
أما وزارة الخارجية فتعهدت بأن تواصل عملها وحراكها السياسي والدبلوماسي، وتعميق الجبهة الدولية المناصرة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس الشرقية، وحصد مزيد من الاعترافات بالدولة الفلسطينية، وتمتين الشراكات مع دول العالم في مختلف المجالات، ومتابعة قرار المدعية العامة للجنائية الدولية فتح تحقيق رسمي في جرائم الاحتلال، وصولاً لمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين، والعمل الدؤوب مع المجتمع الدولي لتطبيق رؤية الرئيس محمود عباس للسلام.
ويقول الفلسطينيون إنهم لا يحيون مجرد ذكرى تاريخية، بل مناسبة لتجديد معركتهم مع إسرائيل حول الأرض التي تسيطر على معظمها.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.