دعوة لتحويل العقوبات الغربية إلى «أداة تغيير هيكلية» في سوريا

TT

دعوة لتحويل العقوبات الغربية إلى «أداة تغيير هيكلية» في سوريا

دعت دراسة إلى مقاربة جديدة للتعامل مع بعض العقوبات المفروضة على كيانات وأفراد تابعين للنظام السوري وحلفائه للخروج من ثنائية رفع العقوبات أو تجديدها، للانتقال إلى تحويل هذه العقوبات من «أداة تستغلها وتستفيد منها قوى الأمر الواقع في سوريا إلى وسيلة تساعد السوريين على تغيير الخريطة الحالية للقوى».
وحسب إحصاءات، فإن الاتحاد الأوروبي فرض بعد بدء الاحتجاجات في ربيع 2011، عقوبات على نحو 350 كياناً وفرداً تابعين للنظام السوري، وأن العقوبات الأميركية بما في ذلك تلك التي صدرت بموجب «قانون قيصر» استهدفت أكثر من مائة شخص وفرد.
وجاء في دراسة بعنوان «فهم أثر العقوبات على الديناميكيات السياسية في سوريا»، أعدها ريم تركماني وزكي محشي لـ«برنامج بحوث النزاع» في جامعة لندن للاقتصاد، أن العقوبات مرت بثلاث مراحل منذ أبريل (نيسان) 2011 إلى منتصف عام 2020. بدأت المرحلة الأولى في أواخر أبريل 2011 مع مجموعة من العقوبات على عدد محدد من النافذين، وانتهت في أغسطس (آب) 2011 عندما بدأت العقوبات تستهدف المقومات الأساسية للاقتصاد السوري. وأشارت الدراسة «كان الهدف المعلن للعقوبات التي فُرضت خلال هذه المرحلة والتي استمرت أربعة أشهر هو تغيير سلوك النظام، حيث استهدفت بشكل مباشر عدداً قليلاً فقط من الأفراد والكيانات».
أما المرحلة الثانية، بدأت في أغسطس 2011 وانتهت في مايو (أيار) 2014 «عندما وسعت الولايات المتحدة نطاق عقوباتها لتشمل لاعبين دوليين يعملون مع الحكومة السورية بما في ذلك البنوك والمؤسسات المالية«. وقالت الدراسة «كان الهدف الرئيسي المعلن لعقوبات تلك المرحلة هو تغيير النظام السوري من خلال تدمير أسسه وموارده الاقتصادية، حيث استهدفت العقوبات خلال هذه المرحلة عدداً أكبر من الأفراد والكيانات«. وزادت «اختلف تأثير العقوبات خلال هذه المرحلة بين الفاعلين، فقد كان سلبياً للغاية على القطاع المصرفي وقطاع الطاقة والمؤسسات الحكومية، ومحدوداً على الجهات الأمنية والعسكرية. لكن فئة تجار الحرب والمحاسيب استطاعوا التأقلم وبدأوا في الاستفادة من العقوبات من خلال الاستثمار في طرق التهريب والتعاون مع شبكات الأعمال الدولية. ومن جهة أخرى، فقد ساهمت عقوبات هذه المرحلة في تعميق معاناة غالبية السوريين وقطاع الأعمال التقليدي».
أما المرحلة الثالثة، وهي ما زالت مستمرة منذ مايو 2014 عندما توسعت العقوبات الأميركية على سوريا في استهداف «المؤسسات المالية في روسيا. ويبدو أن عقوبات هذه المرحلة تسعى إلى زيادة القدرة التفاوضية للدول الغربية مع حلفاء النظام لتغيير سلوكه ولكي يكون لهم نفوذ أكبر في سوريا»، حسب الدراسة. وأضافت «التغييرات الرئيسية التي حدثت خلال هذه المرحلة فتشمل محاولة واشنطن الحد من أنشطة شبكات الأعمال الدولية المرتبطة بأنشطة مع الحكومة السورية، باستخدام تدابير عقابية مثل قانون قيصر».
وإذ أشارت الدراسة إلى أن العقوبات نجحت في تقليص الموارد المالية للنظام وتقليل مرونته في إجراء المعاملات التجارية والنقدية الخارجية، قالت «بدلاً من تغيير سلوكه، بحث النظام عن موارد وقنوات جديدة وأعاد توزيع الموارد المتاحة من غالبية السوريين لصالح المقربين منه». وبينت أنه لا يمكن لرفع جميع العقوبات أن يعكس ببساطة آثارها غير المرغوبة وإعادة الاقتصاد السوري إلى عام 2011 «حيث إن بنى وديناميكيات القوى الحالية أكثر قدرة على تحويل الموارد المالية والاقتصادية للبلاد من خدمة المواطنين العاديين لصالح تجار الحرب ومحاسيب النظام».
وأضافت الدراسة، أن أي مراجعة يجب أن تأتي «ضمن إطار تحقيق استراتيجية واضحة تهدف إلى تغيير هيكلية القوى الحالية» وتتطلب هذه المراجعة «التفكير في آليات تخفف من الآثار السلبية لبعض هذه العقوبات على المواطنين العاديين، ومن هذه الآليات مثلا تقديم دعم مباشر لقطاع الأعمال التقليدي وإيصال المساعدات من خلال قنوات مالية موازية بديلة ومستقلة عن القنوات الرسمية (...) وإيجاد منظومة رصد وتقييم فعالة للتأكد أن هذه القنوات البديلة أو أي آلية أخرى تخدم بشكل رئيسي المستهدفين منها وفقاً لاحتياجاتهم، ولا يتم حرفها لصالح النظام أو قوى الأمر الواقع التي تمارس القمع والاستبداد على السوريين في المناطق كافة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».