الحوثيون يمنعون حملات توعية حول مخاطر «كورونا»

تزامناً مع اجتياح الموجة الثالثة من الوباء مناطق سيطرتهم

TT

الحوثيون يمنعون حملات توعية حول مخاطر «كورونا»

كشفت مصادر محلية وأخرى طبية في صنعاء عن ارتفاع حالات الوفيات والإصابات بالموجة الثالثة من فيروس «كورونا» المستجد في العاصمة صنعاء وريفها ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، بالتزامن مع إصدار قيادات في الجماعة تعميمات لمنع برامج توعوية بمخاطر الجائحة كانت منظمات دولية وأخرى محلية تعتزم إطلاقها في مدن يمنية عدة.
وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن سلطات الميليشيات الصحية سجلت بغضون أيام قليلة العشرات من حالات الوفاة والمئات من الإصابات بـ«كوفيد - ١٩»، مشيرة إلى أن غالبية الحالات تم تسجيلها في مشافي حكومية بصنعاء بينها «السبعين» و«الثورة» و«الجمهوري» و«الكويت».
وأشارت المصادر إلى فشل الجماعة الحوثية في تشخيص عدد من حالات الوفيات التي رجحت إصاباتها بـ«كورونا» منذ أول يوم من اجتياح الموجة الثالثة من الوباء مناطق سيطرتها. وقالت إن «الميليشيات اكتفت بالسماح لأسر الحالات المتوفاة جراء الفيروس بالقيام بدفنها».
وسخرت المصادر ذاتها من تحذيرات سابقة كان قد أطلقها المدعو طه المتوكل المعين وزيرا لصحة الانقلابيين قبل فترة للمواطنين بوجود حالات اشتباه بالفيروس ونصحه لهم بعدم التجمع في الأماكن العامة. وقالت إن «تحذيرات المعمم الحوثي طبقت بحذافيرها على أرض الواقع من خلال قيام جماعته بعد أيام من التحذير بعملية تحشيد واسعة لليمنيين تحت قوة السلاح والترغيب والترهيب».
وعلى صعيد الانتشار المتسارع للجائحة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة وما قابله من نفي وإهمال حوثي متعمد، كشفت المصادر الطبية في صنعاء عن صدور تعميمين حوثيين من وزارة الإعلام الخاضعة للجماعة وما يسمى بالمجلس الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية تضمنا منع أي تصاريح أو بث برامج أو تعليق ملصقات توعوية تتعلق بالحد من انتشار «كورونا» بمناطق ومدن السيطرة الحوثية.
ووفقا لما أوردته المصادر، اتهمت الجماعة عبر تعميماتها المنظمات الدولية بتعمد تضخيم الأمور وإعطائها أكبر من حجمها. وادعت الميليشيات بأن فيروس كورونا «لا يوجد إلا في عقول القائمين على تلك المنظمات». وذكرت أن التعميمات الصادرة عن الجماعة حثت العاملين في أجهزة الدولة المختطفة بصنعاء ومناطق أخرى على عدم الاعتراف بالفيروس أو الحديث عنه إعلاميا، وكذا عدم السماح لأي جهة كانت القيام بحملات ميدانية توعوية بأخطار «كورونا». واصفة تلك البرامج التي تزمع بعض المنظمات تنفيذها بـ«المحاولات اليائسة لحرف الأنظار عن حملات التجنيد والحشد».
وجاء إصدار الميليشيات لتلك التعميمات وغيرها – بحسب المصادر - عقب تلقيها معلومات باعتزام منظمات دولية ومحلية (معنية بالمجال الصحي) القيام بحملات توعوية وبرامج تثقيفية في صنعاء ومدن أخرى يرافقها توزيع بروشورات وملصقات تحذيرية وبرامج خاصة في وسائل إعلام محلية تصب جميعها حول خطورة «كورونا» وأهمية التباعد الاجتماعي والالتزام بالقواعد والتدابير الوقائية تجاه الفيروس الذي عاود التفشي بقوة في أوساط المواطنين بمناطق سيطرة الجماعة.
من جهة أخرى، كشف أطباء وعاملون صحيون بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن أن العديد من المشافي أغلبها غير حكومية في العاصمة لا تزال ترفض استقبال عدد من الحالات تحمل أعراضا مشابهة لـ«كورونا». وتحدث البعض منهم، عن لجوئهم رغم تجاهل الميليشيات وعدم اتخاذها أي إجراءات علاجية أو وقائية لحماية المواطنين، إلى التعامل مع الكثير من الحالات القادمة إليهم وفق البروتوكول العلاجي لمرضى «كورونا»، فيما تم نُصح مرضى أقل خطراً بالبقاء في المنازل وعدم مخالطة الأقارب مع اتخاذ برنامج علاجي.
وفي محافظة إب (١٧٠ كلم جنوب صنعاء) كشفت مصادر طبية في المحافظة عن تسجيل أكثر من ٣٨ حالة إصابة بـ«كورونا» خلال يومين ماضيين بالتزامن مع غياب الإجراءات الحوثية للوقاية والتخفيف من تبعات تفشي الوباء في مناطق متفرقة من المحافظة الخاضعة لسيطرتها.
وتحدثت المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن استمرار ظهور حالات يومية مصابة بفيروس «كورونا»، في ظل مواصلة الحوثيين رفضهم الاعتراف بحقيقة تفشي الوباء في المحافظة.
وبينما يشهد اليمن حاليا موجة جديدة من «كوفيد - ١٩»، أعلنت بموجبها الحكومة اليمنية حالة الطوارئ في مناطق سيطرتها، تواصل الجماعة عدم الاعتراف بوجود الوباء. في وقت كانت قد أعلنت فيه قبل فترة عن وفاة قيادات بارزة تابعة لها جراء إصابتها بالفيروس.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.