قيادي جنوبي لـ«الشرق الأوسط»: هناك من يسعى إلى إلصاق تهمة الإرهاب بالجنوب

«القاعدة» يحاصر معسكرًا بين حضرموت ومأرب بعد سيطرته على آخر في شبوة

محسن بن فريد، أمين عام حزب رابطة أبناء الجنوب الحر (الرابطة)
محسن بن فريد، أمين عام حزب رابطة أبناء الجنوب الحر (الرابطة)
TT

قيادي جنوبي لـ«الشرق الأوسط»: هناك من يسعى إلى إلصاق تهمة الإرهاب بالجنوب

محسن بن فريد، أمين عام حزب رابطة أبناء الجنوب الحر (الرابطة)
محسن بن فريد، أمين عام حزب رابطة أبناء الجنوب الحر (الرابطة)

ذكرت مصادر عسكرية يمنية أن عناصر من تنظيم (القاعدة) تحاصر لواء عسكريا في جنوب شرقي البلاد، وأكدت المصادر أن عناصر مسلحة تنتمي للتنظيم بدأت، أمس، في محاصرة معسكر «اللواء 23 ميكا» الواقع في منطقة العبر بين محافظتي حضرموت ومأرب، وذلك بعد يوم واحد من سيطرة (القاعدة) على معسكر بمحافظة شبوة في ذات المنطقة، في السياق ذاته، أعلنت الشرطة اليمنية مقتل 27 شخصا في القتال الذي شهدته محافظة شبوة الجنوبية، أول من أمس، وقالت مصادر في وزارة الداخلية اليمنية نقلا عن مصادر في الشرطة بمحافظة شبوة الجنوبية إن 15 مسلحا من عناصر تنظيم (القاعدة) قتلوا وأصيب 4 آخرون ممن وصفتهم بالإرهابيين، إضافة إلى مقتل 12 ضابطا وجنديا في المواجهات التي دارت، أول من أمس، في «اللواء العسكري 19 مشاة» الذي سيطر عليه المسلحون واستولوا على كافة محتوياته من أسلحة، في الوقت الذي اتهم ما يسمى «المجلس العسكري» بمحافظة شبوة عددا من القادة العسكريين بتسليم معسكر اللواء العسكري إلى عناصر «القاعدة» والسعي لتسليم بقية المعسكرات التي طالب المجلس بتسليمها إلى العسكريين من أبناء المحافظة.
وعلق محسن بن فريد، أمين عام حزب رابطة أبناء الجنوب الحر (الرابطة)، على التطورات الجارية في جنوب اليمن وتصعيد تنظيم «القاعدة» بالقول إن «القاعدة» كانت وما زالت، كما يبدو، لغزا كبيرا في الجنوب وكانت في الماضي تحرك من قبل مراكز القوى المتصارعة في صنعاء لتحقيق أهداف وأغراض معينة في كل مرة تحرك، كما كانت مراكز القوى تلك تريد أن تشوه صورة الجنوب وتظهره وكأنه حاضن للإرهاب والتطرف وهو أمر مخالف لطبيعة شعب الجنوب الذي يتسم بالاعتدال وخصوصا في الجانب الديني، واعتبر بن فريد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» ما حدث في أحد المعسكرات في بيحان بشبوة، بأنه «يبدو أنه قد تم ضمن خطة تظهر أن الجنوب هو الحاضن لـ(القاعدة) وبذلك، تعطي مبررات للدخول إلى الجنوب أو غزو الجنوب من قبل الحركة الحوثية، وهناك علامات استفهام كثيرة حول ما جرى في ذلك المعسكر، ففي المرحلة الأولى قيل إن القبائل هم الذين هاجموا المعسكر ووضعوا أيديهم عليه، وبعد ذلك جاءت الأنباء لتفيد أن (القاعدة) قد بسطت نفوذها على نفس المعسكر واستولت على الكثير من المعدات الحربية ورفعت أعلامها على أركان المعسكر، كل ذلك ما زال يمثل لغزا حقيقيا لما يجري في تلك المنطقة الحساسة المتاخمة للحدود الشمالية المتعارف عليها قبل قيام الوحدة اليمنية (22 مايو/ أيار 1990) «، وقال بن فريد إن ما يمكن أن يؤكد عليه «بل وأجزم هو أن (القاعدة) لا يمكن أن تشكل خطرا حقيقيا إذا ما وجدت دولة ونحن على ثقة أن قيام الدولة الجنوبية الجديدة سيضع حدا لأعمال (القاعدة) وسيضع حدا للتطرف الديني الذي يراد إلصاقه بالجنوب وهو براء منه».
من ناحية أخرى، اغتال مسلحان مجهولان يستقلان دراجة نارية وسط مدينة الحوطة، عاصمة محافظة لحج الجنوبية، العقيد طيار محمود النقيب، أحد منتسبي القوات الجوية اليمنية، وقال شهود عيان في لحج لـ«الشرق الأوسط» إن العقيد النقيب كان يسير راجلا في المدينة عندما اعترض طريقه المسلحان وأطلقا عليه النار ليردياه قتيلا، قبل أن يلوذا بالفرار، ومنذ نحو ثلاث سنوات وعناصر يعتقد بانتمائها لتنظيم «القاعدة» وهي تنفذ سلسلة من عمليات الاغتيالات، وبالأخص عبر الدراجات النارية، بحق ضباط أجهزة الأمن والمخابرات وضباط الجيش في عدد من المحافظات اليمنية، وتحديدا الجنوبية منها، وحتى اللحظة لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن تلك العمليات، غير أن السلطات الرسمية تتهم عناصر متطرفة تنتمي لـ«القاعدة» بتنفيذ سلسلة الاغتيالات تلك التي طالت، حتى الآن، مئات الضباط من مختلف الرتب العسكرية ومن مختلف المحافظات اليمنية.



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.