شمخاني يتوعد واشنطن بـ«المقاومة الفعالة» بعد اتفاق الشراكة مع بكين

مقرب من روحاني: الصين تسعى وراء مصالح واقعية وليس المواجهة الاستراتيجية مع الآخرين

وزير الخارجية الصيني وانغ يي يعدل قناع وجهه خلال اجتماعه مع نظيره الإيراني في طهران السبت الماضي (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الصيني وانغ يي يعدل قناع وجهه خلال اجتماعه مع نظيره الإيراني في طهران السبت الماضي (إ.ب.أ)
TT

شمخاني يتوعد واشنطن بـ«المقاومة الفعالة» بعد اتفاق الشراكة مع بكين

وزير الخارجية الصيني وانغ يي يعدل قناع وجهه خلال اجتماعه مع نظيره الإيراني في طهران السبت الماضي (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الصيني وانغ يي يعدل قناع وجهه خلال اجتماعه مع نظيره الإيراني في طهران السبت الماضي (إ.ب.أ)

قال أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي، علي شمخاني، إن «قلق» الرئيس الأميركي جو بايدن من شراكة إيران والصين، «في محله»، معتبراً أن «الشركات الاستراتيجية في الشرق تزيد من سرعة أفول أميركا».
ووقعت إيران والصين، السبت، وثيقة «تعاون شامل» في مجالات اقتصادية وسياسية وأمنية، وعسكرية لفترة ربع قرن، وهي تكرّس أكبر حضور صيني في المنطقة، التي تشهد تفاقماً في التوترات بين طهران وواشنطن.
وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، رداً على سؤال ما إذا يساور القلق من الشراكة الناشئة بين طهران وبكين إنه «قلق منذ سنوات».
وجاء توقيع الاتفاقية، السبت، بعد ثلاثة أيام على تفاهم أميركي - أوروبي بشأن انتظار مقترح إيراني لإحياء الاتفاق النووي، وذلك بعد نحو ثلاثة أسابيع من إعلان وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، نية بلاده تقديم خطة عمل في هذا الصدد.
وقالت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إنها مستعدة للحوار مع إيران بشأن استئناف البلدين الالتزام بالاتفاق، الذي تم بموجبه رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران مقابل قيود تهدف لمنعها من امتلاك أسلحة نووية، الأمر الذي تقول إنها لا تسعى له، لكن الطرفين فشلا في الاتفاق بشأن من سيتخذ الخطوة الأولى.
وتقول طهران إنه يتعين على واشنطن رفع العقوبات التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترمب عندما انسحب من الاتفاق في 2018، بينما تقول واشنطن إنه يتعين أولاً على طهران استئناف الالتزام بالاتفاق الذي تنتهكه منذ 2019.
وعشية توقيع الوثيقة في طهران، تحدث بايدن إلى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وعبّرا عن قلقهما إزاء رد فعل الصين على فرض عقوبات عليها، و«اتفق الزعيمان على ضرورة عودة إيران إلى الالتزام بالاتفاق النووي».
وفي اليوم نفسه، أفادت «رويترز» عن دبلوماسيين ومسؤولين غربيين بأن فرص إحراز واشنطن وطهران تقدماً لإحياء الاتفاق النووي المبرم في 2015 قبل الانتخابات الإيرانية في يونيو (حزيران) تضاءلت بعدما قررت إيران تشديد موقفها قبل العودة إلى المحادثات.
وقال شمخاني، في تغريدة على «تويتر»، إن «قلق بايدن في محله تماماً، ذلك أن ازدهار التعاون الاستراتيجي في الشرق، يسرع من أفول أميركا»، معتبراً أن الوثيقة الموقعة بين إيران والصين «جزء من المقاومة النشطة»، وأضاف، عبر حسابه على «تويتر»، أن «العالم لا ينحصر في الغرب فقط، كما أن الغرب لا يقتصر على أميركا المنتهكة للقانون والدول الأوروبية الثلاث الناقضة للعهود فحسب».
لم تمر ساعة على تفاعل الوكالات الإيرانية مع تفسير شمخاني للخطوة الصينية - الإيرانية، حتى نقلت وكالة «إرنا» الرسمية، عن حميد أبو طالبي، المستشار السابق للرئيس الإيراني، للشؤون الدولية، أن «الصين تسعى وراء مصالح واقعية وليس المقاومة الفعّالة أو المواجهة الاستراتيجية مع الآخرين، خاصة مع الغرب»، داعياً إلى «معرفة الصين جيداً».
وكتب أبو طالبي، المقرب من حسن روحاني، أن «العالم ليس الغرب أو الشرق وحده، لكن الغرب من أهم أجزاء العالم، لهذا أنهت الصين وروسيا الحرب الباردة، وتعاملتا إلى حد ما مع الغرب»، وأضاف: «حالياً الصين دون أميركا وأميركا دون الصين، يعني دمار اقتصاد العالم»، ورأى أن العلاقة الوثيقة بين الجانبين تصل إلى حد «تسعى أميركا وراء المقاومة الفعّالة مع الصين، والصين وراء التعامل مع أميركا».
ونقلت «إرنا» عن المسؤول السابق أن «ازدهار التعاون الاستراتيجي في الشرق، إذا لم يستند إلى أصالة ومصالح حقيقية للطرفين، ويكون فقط من أجل أميركا، ستعمل الصين على أفوله قبل أميركا، لكي لا ينهار اقتصاد العالم».
ونوه أبو طالبي بأن ما جرى التوقيع عليه «مجرد خارطة طريق، بالطبع، يجب أن يبدأ التعاون العادي قبل ذلك، وأن يكون مستمراً».
في الأثناء، وقع أكثر من 1500 ناشط من المجتمع المدني الإيراني رسالة تخاطب الرئيس الصيني، شي جين بينغ، تعتبر وثيقة التعاون التي تمتد لربع قرن بأنها «ناقد للقيمة»، و«مرفوضة»، و«غير إنسانية».
وتشبه الرسالة الوثيقة الموقعة بمعاهدتي تركمانجاي وغلستان الموقعتين في القرن التاسع عشر، وتنازلت إيران بموجبها لروسيا عن أراضٍ واسعة في شمالها الغربي، جنوبي منطقة القوقاز، وتحديدا في جمهورية أذربيجان وأرمينيا وجورجيا، وتوصف بـ«العار» لدى الإيرانيين. ويطالب الموقعون على الرسالة بوقف توقيع الوثيقة، مؤكدين أنها «تتعارض مع المصالح الوطنية لإيران، ومرفوضة أخلاقياً وسياسياً وقانونياً وإنسانياً».
وتشدد الرسالة على أن الجمهورية الإسلامية «لا تمثل الشعب الإيراني»، معتبرين أن الهدف من خطوة المؤسسة الحاكمة «إنقاذ نفسها من السقوط والانهيار».
وفيما بدا رداً على الانتقادات، قال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، مجتبى ذو النور، إن «الجمهورية الإسلامية تسعى إلى توقيع وثيقة تعاون استراتيجي طويل المدى مع روسيا على غرار الصين، لدعم العلاقات الاقتصادية الثنائية، ويمكن أن تساعد في المجالات المختلفة».
ونقلت وكالات إيرانية عن ذو النور قوله إن «أهم الطرق لإجهاض العقوبات الأميركية على إيران هو أن نرتبط بالدول الكبرى، وأن نقيم علاقات اقتصادية على نطاق واسع مع دول الجوار والمنطقة». وقال إن الوثيقة الاستراتيجية «في الواقع خارطة طريق طويلة المدى، تقدم ضمانات لدوافع الجانبين في الاستثمار».
في بكين، قال المتحدث باسم الخارجية، تشاو لي جيان، إن «خطة التعاون الشامل» هي «خارطة طريق طويلة الأمد، وإطار عمل واسع يستفيد من إمكانات التعاون الاقتصادي والثقافي»، مضيفاً أنه «لا يتضمن أي عقود أو أهداف محددة ولا يستهدف أي طرف ثالث». ورأى السفير الصيني السابق لدى طهران، هوا ليمينغ، أن الاتفاق الصيني – الإيراني «يكمن وراء تحول استراتيجية الصين في الشرق الأوسط مع تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة»، لافتاً إلى أن «بكين اعتادت أن تكون حذرة في تعاملاتها مع طهران لتجنب إغضاب واشنطن»، حسبما نقلت عنه صحيفة «جنوب الصين الصباحية».



إردوغان يوجه تحذيراً صارماً لـ«العمال الكردستاني»

إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)
إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يوجه تحذيراً صارماً لـ«العمال الكردستاني»

إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)
إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)

بينما يواصل وفد الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة في تركيا، عبد الله أوجلان، في إطار مبادرة لإنهاء الإرهاب في تركيا ينظر إليها على أنها عملية جديدة لحل المشكلة الكردية، ثار الجدل حول إمكانية تخلي مقاتلي الحزب عن أسلحتهم.

ووجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان رسالة صارمة بشأن حلّ حزب «العمال الكردستاني» نفسه، قائلاً إن «الإرهابيين الانفصاليين باتوا أمام خيارين لا ثالث لهما... القتلة الانفصاليون إما أن يدفنوا أسلحتهم في أقرب وقت ممكن، وإما سيدفنون تحت الأرض بأسلحتهم. لا يوجد خيار ثالث غير هذين الخيارين».

لا تسامح ولا عفو

وقال إردوغان، في كلمة خلال مؤتمر لحزبه في ريزا شمال تركيا، الأحد: «سننقذ بلادنا من آفة الإرهاب التي ألحقها الإمبرياليون بشعبنا في أسرع وقت ممكن، نحن مصممون وعازمون على حسم هذه القضية، وقد حددنا هدفنا في هذا السياق».

إردوغان متحدقاً في مؤتمر لحزبه في طرابزون شمال تركيا الأحد (الرئاسة التركية)

وفي مؤتمر آخر في طرابزون، قال إردوغان: «لا أحد، سواء كان تركياً أو كردياً أو عربياً، لديه أي تسامح مع الإرهابيين الذين هم بيادق في مخططات الإمبرياليين الإقليمية». وأيد إردوغان دعوة حليفه رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي، بدء عملية حوار مع أوجلان من خلال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، تنتهي بدعوته إلى البرلمان للحديث من خلال المجموعة البرلمانية للحزب، وإعلان حل حزب «العمال الكردستاني»، المصنف منظمة إرهابية، وإلقاء أسلحته، وانتهاء مشكلة الإرهاب في تركيا، مقابل النظر في خطوات قانونية للعفو عنه بعدما أمضى 25 عاماً في سجن انفرادي بجزيرة إيمرالي في ولاية بورصة جنوب بحر مرمرة، غرب تركيا.

وقام وفد من الحزب يضم نائبيه؛ عن إسطنبول سري ثريا أوندر، ووان (شرق تركيا) بروين بولدان، بزيارة لأوجلان في إيمرالي، في 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ونقلا عنه استعداده لتوجيه الرسائل اللازمة، وتأكيده على الأخوة بين الأكراد والأتراك، في ظل الظروف في غزة وسوريا التي تشكل تهديداً خطيراً، على أن تتم العملية من خلال البرلمان وتشارك فيها المعارضة.

لقاء «وفد إيمرالي» مع رئيس البرلمان نعمان كورتولموش (موقع حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب)

وبعد ذلك قام الوفد، الذي انضم إليه السياسي الكردي البارز أحمد تورك، بزيارة لرئيس البرلمان، نعمان كورتولموش وبهشلي، ليستكمل لقاءاته مع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وأحزاب المعارضة، باستثناء حزبي «الجيد» و«النصر» اللذين أعلنا رفضهما العملية الجارية.

في السياق ذاته، شدّدت مصادر عسكرية تركية على أهمية مبادرة بهشلي لجعل «تركيا خالية من الإرهاب»، لافتة إلى أنه إذا تحقق هذا الهدف وألقت منظمة حزب «العمال الكردستاني» أسلحتها، فإن العناصر الإرهابية في سوريا، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب الكردية» التي تقود «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، ستتأثر سلباً.

وأكّدت المصادر، بحسب ما نقلت وسائل إعلام تركية، الأحد، أنه إذا تم القضاء على «التنظيم الإرهابي» (حزب العمال الكردستاني) وإلقاء أسلحته، فسيتم محاكمة المستسلمين من عناصره، وسيتم إطلاق سراحهم إذا وجد القضاء أنهم غير مذنبين، «لكن من المستحيل أن يتم إصدار عفو عن الإرهابيين».

وتوقّعت المصادر هروب قادة حزب «العمال الكردستاني» في جبل قنديل (معقل العمال الكردستاني في شمال العراق) إلى دول أوروبية، إذا تم نزع سلاحهم.

رفض قومي

في المقابل، قال رئيس حزب «النصر»، أوميت أوزداغ، إنه «لا يوجد في تاريخ العالم أي منظمة إرهابية ألقت أسلحتها، هذه كذبة كبيرة».

رئيس حزب النصر القومي التركي المعارض أوميت أوزداغ (حسابه في «إكس»)

وأضاف أوزداغ، في تصريحات الأحد: «نريد (...) أن يدرك (الجمهور التركي) أن ما يحدث فقط هو أن عبد الله أوجلان سيظهر في البرلمان، وسيوجه الدعوة لإلقاء السلاح وسيحصل على العفو». وتابع: «نعتقد أن الوقت قد حان للنزول إلى الشوارع، حتى لا يتم العفو عن قتلة الجنود الأتراك». وأعلن أن حزبه سيبدأ مسيرات في أنحاء تركيا بدءاً من الخميس المقبل، مضيفاً: «حزبنا ليس في البرلمان، لكننا سنحول تركيا كلها إلى برلمان، نحن ضد هذه العملية التي تحرج الأمة وتكسر شرف الدولة التركية».

بدوره، قال زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال، خلال تجمع لحزبه، الأحد، إن حزبه «لن يقول نعم لأي شيء لا تقوله عوائل الشهداء والمحاربين القدامى».