«النهضة» التونسية تتهم جهات «كاذبة» بنشر «إشاعة» مرض الغنوشي

جانب من الإضراب الذي نفذه مهندسو المؤسسات والمنشآت العمومية بكامل مدن تونس أمس (إ.ب.أ)
جانب من الإضراب الذي نفذه مهندسو المؤسسات والمنشآت العمومية بكامل مدن تونس أمس (إ.ب.أ)
TT

«النهضة» التونسية تتهم جهات «كاذبة» بنشر «إشاعة» مرض الغنوشي

جانب من الإضراب الذي نفذه مهندسو المؤسسات والمنشآت العمومية بكامل مدن تونس أمس (إ.ب.أ)
جانب من الإضراب الذي نفذه مهندسو المؤسسات والمنشآت العمومية بكامل مدن تونس أمس (إ.ب.أ)

طغت أخبار عن تعرض راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان التونسي، أمس، لوعكة صحية حادة، ونقله إلى المستشفى العسكري بالعاصمة على وجه السرعة لتلقي العلاج، على المشهد السياسي، وهو ما جعل قيادات الحركة تتدخل لنفي الخبر، والتأكيد على سلامة الغنوشي (79 سنة)، ومباشرته لمهامه الدستورية بشكل عادي.
وأكد النائب ماهر المذيوب، مساعد رئيس البرلمان المكلف الإعلام والاتصال، أن الغنوشي «بصحة وخير، ويمارس عمله الاعتيادي، وعلى تواصل مع عموم نواب الشعب»، مؤكداً أنه «لا صحة لما يروج حول أي تغيير، أو تعديل في رئاسة المجلس وأعضاء مكتب البرلمان المنتخبين، خلافاً لما تداولته بعض المواقع الإلكترونية والصحف».
في السياق ذاته، قال محمد القوماني، عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة لـ«الشرق الأوسط»، إن ما يروج حول صحة الغنوشي «مجرد إشاعات تندرج ضمن أساليب الإرباك المتكررة، التي تقف وراءها جهات كاذبة، وأشخاص لا مصداقية لهم»، مؤكداً أن رئيس البرلمان «يواصل عمله بشكل عادي». كما أكد رفيق عبد السلام، وزير الخارجية السابق وصهر راشد الغنوشي، أن هذا الخبر «كذبة مثل كذبة امتلاك الغنوشي لثروة طائلة، حصل عليها من تجارة السلاح والتهريب».
وتأتي هذه الاتهامات التي تلاحق «النهضة» في ظل مشهد سياسي متوتر، وبالتزامن مع عريضة سحب الثقة من الغنوشي، التي يتزعمها النائب المعارض المنجي الرحوي، وتأكيده أن عدد الموقعين على العريضة تجاوز 104 أعضاء، ما يعني أنه لم يبقَ سوى توقيع 5 نواب لبلوغ الأغلبية المطلقة، التي تمكن من إزاحة الغنوشي من منصبه. كما تأتي هذه الاتهامات في ظل الحديث عن وجود مخطط للإطاحة بطارق الفتيتي، النائب الثاني لرئيس البرلمان، بعد تأكيده أنه سيكون الموقع رقم 109 في عريضة سحب الثقة من الغنوشي إذا توفر النصاب لذلك.
وكان الفتيتي قد انتقد أداء الغنوشي على رأس البرلمان، وطالبه بالانسحاب من رئاسته. كما سبق أن وقع على عريضة سحب الثقة من الغنوشي خلال الصيف الماضي.
في غضون ذلك، جدد المنجي الرحوي، النائب بالبرلمان وعضو المكتب السياسي لحزب «الوطنيين الديمقراطيين الموحد» (يساري معارض)، دعوته للنيابة العامة بالتحرك ضد «التهديدات وحملة التكفير ونزعات التشهير»، التي قال إنها طالته في الآونة الأخيرة.
وأكد الرحوي أن مطالبته بالتحقيق في نمو ثروة بعض قيادات حركة النهضة، وعدد من نوابها هي التي تقف وراء هذه التهديدات الإرهابية الجدية، على حد تعبيره، معتبراً أن تنامي هذه الثروة «بشكل لا يتلاءم تماماً مع نشاطهم الفعلي، يشير إلى استغلال لمواقعهم السياسية بهدف تنمية ثرواتهم، على حساب الشعب، وهو ما يدخل في باب الإثراء غير المشروع، ويستدعي تدخل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد». وبخصوص حملات التكفير والتشهير التي تستهدفه، قال الرحوي: «إنها تصدر من الصفحات والحسابات الفيسبوكية التكفيرية، المدعومة من حركة النهضة»، والتي تعتمد، حسبه، حملات التخوين والتكفير والتشهير.
على صعيد غير متصل، نفذ مهندسو المؤسسات والمنشآت العمومية بكامل مدن تونس، أمس، إضراباً عاماً يستمر 5 أيّام، مع الامتناع عن الحضور إلى مراكز العمل، والتوقف التام عن كل نشاط بالنسبة للعاملين عن بعد، مع عدم الاستجابة لأي اتصالات هاتفية، أو غيرها على امتداد الأيام الخمسة.
وسترافق هذا الإضراب تحركات احتجاجية في تونس الكبرى وفي الجهات، تختتم يوم الجمعة بتجمع احتجاجي بمقر عمادة المهندسين التونسيين، بداية من التاسعة صباحاً.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم