وساطة أميركية ـ أوروبية لحل خلافات «سد النهضة»

دونالد بوث: المساعي تهدف إلى ضمان حقوق البلدان الثلاثة

عبد الفتاح البرهان (رويترز)
عبد الفتاح البرهان (رويترز)
TT

وساطة أميركية ـ أوروبية لحل خلافات «سد النهضة»

عبد الفتاح البرهان (رويترز)
عبد الفتاح البرهان (رويترز)

أبدى المبعوث الأميركي الخاص بالسودان، دونالد بوث، وممثل الاتحاد الأوروبي بالإنابة في الخرطوم، روبرت فاندول، استعدادهما للتوسط في ملف سد النهضة، بهدف إيجاد حل دبلوماسي، وفق مقاربة ترضي الدول الثلاث. وفي غضون ذلك يزور الخرطوم اليوم (الثلاثاء) وفد رفيع من مجلس الأمن والسلم الأفريقي، يبحث خلالها تحديات الانتقال ومسار عملية السلام بالبلاد.
وبحث رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، خلال لقائه المبعوثين الأميركي والأوروبي بالقصر الجمهوري في الخرطوم أمس، الخلافات القائمة بين الدول الثلاث بشأن سد النهضة، والتطورات على الحدود الشرقية بين السودان وإثيوبيا.
ودعا البرهان بحسب بيان صحافي، صادر عن مجلس السيادة، أميركا والاتحاد الأوروبي، للمساهمة في التوصل لاتفاق مشترك، بشأن ملف سد النهضة، وتعزيز مسيرة السلام في السودان. مؤكداً التزام السودان المبدئي بالحلول السلمية والدبلوماسية بشأن القضايا الخلافية مع دولة إثيوبيا، ومشيراً إلى أن انفتاح القوات المسلحة في منطقة «الفشقة» جرى داخل الأراضي السودانية، وفق اتفاقية 1902، وما أكدته التفاهمات اللاحقة مع الجانب الإثيوبي.
ومن جانبهما، أبدى المبعوثان الأميركي والأوروبي، استعدادهما للتوسط في قضية سد النهضة، وشددا على ضرورة التوصل لحل دبلوماسي بشأن الخلاف حول السد، وفق مقاربة ترضي الأطراف الثلاثة، تضمن لإثيوبيا التمتع بالكهرباء، وللسودان سلامة أراضيه وتأمين سدوده، ولمصر حقوقها المائية.
كما أشاد المبعوثان بتوقيع الحكومة السودانية على إعلان المبادئ مع الحركة الشعبية قطاع الشمال، فصيل عبد العزيز آدم الحلو، الذي يمهد الطريق لتحقيق سلام شامل في السودان.
بدوره، أكد مبعوث الاتحاد الأوروبي استعداد الاتحاد لدعم عملية الإصلاحات الاقتصادية التي يشهدها السودان، والمساهمة في برنامج الحكومة لدعم الأسر الفقيرة.
وتستغرق زيارة المبعوث الأميركي للخرطوم، التي وصلها أمس، يومين ضمن جولة إقليمية له، تشمل مصر وإثيوبيا وجمهورية أفريقية الوسطى. ويرافق المبعوث وفد يضم نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، ونائب وزير الخارجية لشؤون المحيطات والبيئة.
وكانت الحكومة السودانية قد طلبت رسمياً ضم أميركا والاتحاد الأوروبي إلى فريق الوساطة في سد النهضة، بعد تعثر جولات التفاوض السابقة في التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث. واستضافت العاصمة واشنطن في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020 مباحثات بين السودان ومصر وإثيوبيا حول سد النهضة.
من جهة ثانية، رحبت وزارة الخارجية السودانية بزيارة وفد من مجلس الأمن والسلم، التابع للاتحاد الأفريقي، المقرر وصوله الخرطوم اليوم (الثلاثاء)، بهدف الوقوف على التحديات التي تواجه عملية الانتقال، وخطوات تنفيذ اتفاقية السلام.
وقالت الخارجية في بيان صحافي، أمس، إن وفد المجلس، الذي يضم رئيس مفوضية الشؤون السياسية والسلم والأمن، سيزور معسكرات النازحين، ويلتقي بولاة ولايات دارفور، وعدد من القيادات السياسية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني.
وأشارت الخارجية إلى أن هدف هذه الزيارة الوقوف على تطورات الأوضاع بالبلاد، والتحديات التي تواجه الفترة الانتقالية، والتعبير عن التزام الاتحاد الأفريقي الكامل بدعم المرحلة الانتقالية في البلاد، مشيدة بالتعاون الذي وصفته بالمثمر بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة «لضمان انتقال تدريجي وآمن، وسلس للبعثة المشتركة لحفظ السلام في السودان (اليوناميد)، ولإنجاح مهام بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم عملية الانتقال بالسودان (يونيتامس)».
كما أوضحا أن التنسيق المتواصل بين السودان والاتحاد الأفريقي يعمل على تهيئة الظروف المواتية لعملية انتقال ناجحة من مرحلة حفظ السلام، إلى مرحلة بناء السلام، الذي يعتبر من أهم ركائز عملية الانتقال الناجح للحكم الديمقراطي.
في سياق ذلك، أكدت الخارجية السودانية على جهود أجهزة الاتحاد الأفريقي، التي ساهمت بصورة فعالة في دعم الاستقرار بالبلاد، مبدية استعدادها لمواصلة التنسيق والتعاون مع مجلس السلم والأمن الأفريقي لمواجهة التحديات، التي تعترض مسيرة الانتقال بالسودان.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.