السودان: «جرائم ضد الإنسانية» تطارد قتلة «ثوار عطبرة»

الاحتجاجات النسائية متواصلة من أجل نيل حقوقهن في الخرطوم (إ.ب.أ)
الاحتجاجات النسائية متواصلة من أجل نيل حقوقهن في الخرطوم (إ.ب.أ)
TT

السودان: «جرائم ضد الإنسانية» تطارد قتلة «ثوار عطبرة»

الاحتجاجات النسائية متواصلة من أجل نيل حقوقهن في الخرطوم (إ.ب.أ)
الاحتجاجات النسائية متواصلة من أجل نيل حقوقهن في الخرطوم (إ.ب.أ)

بدأت في مدينة عطبرة شمال السودان أول محاكمة من نوعها، والتي يواجه فيها خمسة متهمين، يتبعون جهاز الأمن والمخابرات، تهم القتل العمد، وجرائم ضد الإنسانية، والاشتراك الجنائي، على خلفية قتل متظاهرين بالرصاص في المدينة، التي اشتعلت منها شرارة الثورة التي أطاحت حكم الإسلاميين.
وطالب النائب العام، تاج السر الحبر، في نص الاتهام الافتتاحي بتوجيه اتهامات بالقتل والجرح العمد، والاشتراك الجنائي والجرائم ضد الإنسانية ضد منسوبي جهاز الأمن والمخابرات الوطني، حمدي بدر الدين النور، وهاشم الطيب محمد الأمين، ووائل محمد كمال أحمد، ومحمد صالح علي عمر.
واشتعلت شرارة الثورة، التي أطاحت بالرئيس المعزول عمر البشير، ونظام الإسلاميين في 18 ديسمبر (كانون الأول) 2018، بتظاهرات سلمية طالبت بتنحي البشير، لكن السلطات استخدمت العنف المفرط والرصاص لتفريقها، ما أدى لمقتل 3 شبان من بين المحتجين، وجرح العشرات، قبل أن تنتقل الثورة إلى مدن البلاد الأخرى، بما فيها العاصمة الخرطوم.
وقال النائب العام في جلسة المحكمة، التي عقدت بمدينة عطبرة أمس، إن النيابة استندت في توجيه الاتهامات على التقارير الطبية، التي أكدت أن الإصابات تركزت على منطقتي الرأس والصدر، وبإطلاق الرصاص مباشرة على المحتجين، مبرزاً أن «قوة هيئة العمليات»، التابعة لجهاز الأمن، وصلت إلى المدينة في اليوم نفسه لإجهاض بذرة الثورة، قبل أن تتمدد، وظلت في مسرح الأحداث بعد انسحاب الشرطة، وأنها ارتكبت «جرائم ضد الإنسانية»، إضافة إلى شهادات الشهود، الذين أكدوا إطلاق المجموعة للذخيرة الحية، وتقارير الطب الشرعي ومقاطع فيديو مصورة للأحداث.
وتعد اتهامات بـ«جرائم ضد الإنسانية»، التي وجهت للمتهمين، هي أول اتهامات من نوعها توجه لمتهمين في السودان. وفي هذا السياق، قال النائب العام إن الجرائم التى ارتكبها المتهمون الماثلون أمام المحكمة، «يمكن وصفها بامتياز بأنّها جرائم ضد الإنسانية»، مشدداً على أن «قانون الأمن الوطني لا يسمح لأي عضو بأي جهاز باستخدام القوة، ورجل الأمن الذي يتجاوز ما يفرضه القانون من قيود، سيتحول بشكل درامي إلى مرتزق مأجور، أو قاتل مأجور».
ووصف الحبر الجريمة بأنها «سلوك واسع النطاق وممنهج، شمل كل المواكب، واستندت على أوامر واضحة وصريحة بالقتل، ما يضع سلسلة القيادة التي صدرت عنها الأوامر، أو تجاهلت عنف منسوبيها، ضمن دائرة الاتهام هي الأخرى»، مضيفاً أن العالم أجمع «شهد سلمية المظاهرات، كما شهد القمع الوحشي، الذي تعرضت له جموع المتظاهرين السلميين في كل مدن السودان».
وتعهد النائب العام لأسر «الشهداء» بأن دماءهم لن تذهب هدراً، مهما كانت العقبات التي واجهت التحريات، «حتى لا يتكرر المشهد في بلادنا مرة أخرى».
ويواجه أفراد جهاز الأمن المتهمون تهماً تصل عقوبتها إلى الإعدام حال الإدانة.
في غضون ذلك، تشهد الخرطوم منذ يناير (كانون الثاني) الماضي محاكمة متعاقد مع جهاز الأمن، وميليشيات الأمن الشعبي، بتهمة اغتيال حسن محمد عمر، بإطلاق الرصاص عليه أثناء مشاركته في الاحتجاج، وإصابته في عنقه في أول مواكب الخرطوم في 25 ديسمبر (كانون الأول) 2018.
وأيدت المحكمة العليا السودانية في فبراير (شباط) الماضي، أحكاماً بالإعدام ضد 29 من منسوبي جهاز الأمن، أدينوا بقتل وتعذيب المدرس أحمد الخير، إبان الثورة في مدينة «خشم القربة» شرق البلاد.
ولقي عشرات الشبان مصرعهم إبان الثورة السودانية، وأصيب المئات برصاص أجهزة الأمن، أثناء مشاركتهم في الاحتجاجات، التي أدت لعزل الرئيس عمر البشير، والتي يتهم فيها الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بـ«ارتكاب انتهاكات جسيمة»، يجري التحقيق بشأنها، فيما يتمسك الثوار وذوو الضحايا بحقهم في القصاص من القتلة.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).