فشل إقرار الموازنة العراقية يفجر خلافات شيعية ـ شيعية

الصدر حذر من مغبة تأجيله مرة أخرى

TT

فشل إقرار الموازنة العراقية يفجر خلافات شيعية ـ شيعية

حذر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من مغبة تأجيل إقرار الموازنة المالية. فعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية أخفق البرلمان العراقي في إقرار الموازنة المالية للعام الحالي 2021 بسبب الخلافات السياسية؛ وفي المقدمة منها الخلاف شبه الدائم بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان بشأن صيغة «النفط مقابل مستحقات الإقليم». وبينما حسمت الحكومة العراقية معظم الخلافات مع الإقليم؛ فإن الكتل البرلمانية؛ وفي المقدمة منها الكتل الشيعية، رفضت الصيغ المقترحة لحل الأزمة بين أربيل وبغداد.
الوفد الكردي برئاسة نائب رئيس حكومة الإقليم، قوباد طالباني، الذي كان يحاور وفد الحكومة ويلتقي رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، باتت عليه محاورة 5 كتل شيعية كل واحدة منها لها رؤية مختلفة بشأن طبيعة التعامل مع الإقليم. اللجنة المالية في البرلمان العراقي التي يتوزع أعضاؤها بين مختلف الكتل على أساس المحاصصة، أنجزت المواد الخلافية؛ بما فيها الفقرة «11» من الموازنة الخاصة بإقليم كردستان. وفيما اتجهت الأنظار، أول من أمس الأحد، إلى البرلمان لتمرير الموازنة، برزت نقاط خلافية جديدة؛ في المقدمة منها سعر صرف الدولار، التي تتبناها بعض الكتل الشيعية، مثل «الفتح» بزعامة هادي العامري، و«دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، في مقابل كتلة «سائرون» المدعومة من مقتدى الصدر. وتطالب كتلتا «الفتح» و«دولة القانون» بإعادة سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي إلى ما كان عليه قبل قرار الزيادة الذي اتخذته الحكومة ضمن خطة الإصلاح المعروفة بـ«الورقة البيضاء» التي كانت حظيت بموافقة كل الكتل السياسية، لكن كتلاً أخرى سنية وكردية فضلاً عن كتلة «سائرون» ترفض إعادة سعر الدولار إلى ما كان عليه.
الصدر حذر في تغريدة له على موقع «تويتر» بعد فشل البرلمان في التصويت على الموازنة من مغبة تأجيله مرة أخرى. ونصح الصدر بـ«تناسي الخلافات وإقرار الموازنة بأسرع وقت»، محذراً في الوقت نفسه «من مغبة التأجيل».
من جهتها؛ أصدرت كتلة «سائرون» بياناً غاضباً اتهمت فيه كتلاً برلمانية لم تسمها بتحويل الموازنة إلى مادة للمزايدات السياسية والانتخابية. وقالت الكتلة في بيانها إنه «بعد أن كثر الضجيج من بعض الكتل والنواب في هذه الفترة والذين ينتمون إلى جهات معروفة لدى الجميع؛ حيث اتخذوا سياسة المزايدات الإعلامية بغية إيهام الرأي العام أنهم يتحدثون بدافع الحرص على الشعب العراقي في وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، فإنهم في الحقيقة يجيدون ثقافة النفاق السياسي والاجتماعي وأنهم مجرد أبواق مأجورة وأدوات رخيصة تطبق أجندات لدول خارجية». وأضاف البيان: «لذلك التزمنا الصمت خشية التأثير على المصالح العُليا لوطننا الحبيب، واليوم نؤكد أن موقفنا كان وما زال وسيبقى مدافعاً عن ثروات العراق ومستقبل أجياله، ولن نهادن أو نساوم مهما ارتفع صراخ المتضررين من مواقفنا الوطنية». واختتمت «سائرون» بيانها بالقول: «إننا نقف في خندق الوطن؛ نتحمل طعنات الذين يجيدون التدليس عندما تفضحهم كلمات الحقيقة، ولن ندخر جهداً من أجل إحقاق الحق والدفاع عن العراق وشعبه الكريم».
وفي هذا السياق، يقول عضو البرلمان العراقي، حسين عرب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «من بين القضايا الخلافية مثلاً رغبة الكتل السنية في منح المغيبين رواتب حسب وجهة نظرهم، أو موقف الكرد من موضوع الفقرة (11) من الموازنة، كما أن كتلة (الفتح) لديها مشكلة بشأن عودة المفسوخة عقودهم من (الحشد الشعبي)»، مبيناً أنه «كلما يتم التوافق على النقاط الخلافية ويتم الاتفاق على عقد جلسة للتصويت، تظهر مشكلات أخرى». وبشأن ما إذا كانت أسباب التأخير سياسية، لم يستبعد عرب أن «يكون جزء من أسباب التأخير المشكلات السياسية بالفعل؛ حيث يراد أن يكون ضمن الموازنة نشاط انتخابي، وذلك لجهة توظيف المال للانتخابات».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.