لودريان يضغط لتشكيل الحكومة اللبنانية... و«حزب الله» يراقب

TT

لودريان يضغط لتشكيل الحكومة اللبنانية... و«حزب الله» يراقب

استبقت باريس انعقاد القمة الافتراضية لرؤساء دول الاتحاد الأوروبي، أمس (الاثنين)، عبر تقنية الفيديو، بمشاركة الرئيس الأميركي جو بايدن، وبادرت إلى تكثيف اتصالاتها بأبرز المكونات اللبنانية المعنية بتشكيل الحكومة، وأوكلتها هذه المرة إلى وزير الخارجية جان إيف لودريان، بعد أن اقتصرت في السابق على أعضاء فريق الخلية التي كان شكلها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكلفها بمتابعة التواصل مع القيادات اللبنانية لحثها على الإسراع بتشكيل «حكومة مهمة» تعمل على تعبيد الطريق لإنجاح المبادرة الفرنسية.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية بارزة أن لودريان الذي تزود بـ«جرعة زائدة» من ماكرون تحدث مطولاً مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي تعول باريس على دوره لإخراج عملية تشكيل الحكومة من التأزم الذي يحاصرها، خصوصاً أنه لم يعد من مبرر له، وبات على جميع القوى الرئيسية الاستجابة لمضامين المبادرة الفرنسية بتقديم التسهيلات المتبادلة لتسريع ولادتها لأن الوضع لم يعد يحتمل التأجيل، وأن لبنان يقف على حافة الزوال بعد أن أصابه الانهيار الشامل.
وأكدت المصادر أن لودريان اختار الوقت المناسب لدخوله شخصياً على خط الاتصالات التي جاءت مع التحضيرات لانعقاد القمة الأوروبية، وقالت إنه رغب في وضع جميع القيادات السياسية أمام مسؤولياتهم، وإن كان الأعضاء في الخلية الفرنسية التي شكلها ماكرون لمواكبة التزامها بالمبادرة الفرنسية يحملون رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الجزء الأكبر من المسؤولية حيال استمرار التعثر الذي يؤخر تشكيل الحكومة.
ولفتت إلى أن الاتصالات التي تولاها لودريان لم تخلُ من رفع منسوب الضغوط على بعض القيادات التي تحاول تحسين شروطها في التسوية، مع أنها تدرك سلفاً أنها غير قابلة للتنفيذ، وقالت: وإن كانت تترك للقمة الأوروبية اتخاذ ما تراه مناسباً، فإنها تعد أن الموقف الأوروبي قبل انعقادها غير الموقف الذي ستتخذه، لأن عامل الوقت لم يعد يسمح بتمديد الاتصالات الفرنسية بلا جدوى، إذ إن الفوضى باتت تهدد لبنان وتجره إلى المجهول، ما لم يقرر أصدقاؤه التدخل اليوم قبل الغد.
وكشفت أن باريس، وإن كانت ولا تزال تراهن على دور الرئيس بري في فتح ثغرة في الحائط المسدود الذي اصطدمت به عملية تأليف الحكومة، يفترض أن تدفع باتجاه إعادة التواصل بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، وأن الاتحاد الأوروبي لن يتعاطى بالحسني كما في السابق مع الأطراف التي يصنفها في خانة من يعطل تشكيلها، وسيضطر إلى رفع الغطاء السياسي عنها، ويعود له اختيار الأدوات المناسبة لحشرها في الزاوية، وإرغامها على رفع شروطها التي تعيق ولادتها.
وفي باريس، أصدرت الخارجية الفرنسية بياناً أشارت فيه إلى اتصال لودريان بالرؤساء عون وبري والحريري، وتحمليه المسؤولين اللبنانيين مسؤولية عدم تشكيل الحكومة، واستنكاره الاستمرار في العرقلة رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. وشدد على ضرورة أن «يتوقف التعطيل المتعمد فوراً»، موضحاً أنه أبلغ نظراءه الأوروبيين بأنه حان الوقت لتكثيف الضغط لكسر الجمود.
وفي هذا السياق، قالت مصادر سياسية واسعة الاطلاع إن الرئيس بري كان أول من دخل على خط المشاورات الجارية بين الرئيسين عون والحريري، في محاولة منه لإعادة وصل ما انقطع، لكنه اصطدم بشروط عون، ومن خلاله باسيل الذي يصر على الثلث المعطل في الحكومة، وهذا ما خلص إليه من التقاه من سفراء أجانب ووسطاء.
وأكدت أن بري لن يتردد في معاودة مساعيه، وكان يدرس تجديد وساطته قبل أن يقرر تجميدها، على خلفية أن عون لم يكن مضطراً لإرسال برمجة جديدة للحريري، يقترح فيها إعادة توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف والقوى السياسية، مع أنه كان في غنى عنها، ولم يكن مضطراً لمخاطبة الرئيس المكلف بأسلوب غير مسبوق يتعارض والأصول المتبعة في التخاطب بين أركان الدولة.
وسألت المصادر: كيف يوفق عون بين رفضه لما يسميه الثلث الضامن وإصراره على تسمية الوزراء المسيحيين التزاماً منه بالميثاقية، بذريعة أن حزبي «الكتائب» و«القوات اللبنانية» لن يشاركا في الحكومة؟ ومن أين سيختارهم؟ وهل سينتقيهم من خارج الكوكب السياسي الذي يتحكم به باسيل؟
وسألت كذلك عن الأسباب الكامنة وراء تطييفه لتشكيل الحكومة باتهام الحريري بأنه يريد تسمية الوزراء المسيحيين، مع أنه أدرك أخيراً -وبالملموس- أن التحريض الطائفي ارتد على فريقه السياسي، بعد أن تعذر عليه استمالة بكركي وقيادات مسيحية حزبية ومستقلة إلى جانب حملاته التحريضية؟
ولفتت إلى أن عون كان قد أبلغ رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بأنه يؤيد دعوته لإبرام تسوية، ويدعم تشكيل حكومة من 24 وزيراً، ولا ثلث ضامناً لأحد، وقالت إن جنبلاط أوفد النائب وائل أبو فاعور والوزير السابق غازي العريضي لوضع الحريري في أجواء لقائه بعون، وكان جوابه أنه سيدرس هذه الأفكار.
وكشفت المصادر أن أبو فاعور والعريضي التقيا بري لهذه الغاية، وأبدى ترحيبه بما توصل إليه جنبلاط مع عون، لكنه طلب التريث للوقوف على اللقاء المرتقب بين عون والحريري، ليفاجأ بالبرمجة التي أرسلها إليه رئيس الجمهورية، والتي تسببت في عودة المشاورات إلى المربع الأول، رغم أن الحريري يبدي مرونة في تواصله مع رئيس البرلمان.
لذلك، فإن عون هو من أطلق رصاصة الرحمة التي كانت وراء تريث بري، إضافة إلى أن «حزب الله» يفضل التريث، ولا يحرك ساكناً باتجاه عون للضغط عليه، وكأنه قرر الانضمام إلى صفوف المراقبين، واضعاً نفسه على لائحة الانتظار، ريثما يصار إلى إحياء المفاوضات الأميركية - الإيرانية، ليقرر لاحقاً كيف سيتصرف لبنانياً.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.