«الإفتاء» الفلسطيني يحذر من ترحيل جماعي في القدس

قال إن بلدة سلوان «الحامية الجنوبية للأقصى»

مقدسيون يؤدون صلاة الجمعة خلال احتجاج على هدم منازل في سلوان قبل 10 أيام (أ.ب)
مقدسيون يؤدون صلاة الجمعة خلال احتجاج على هدم منازل في سلوان قبل 10 أيام (أ.ب)
TT

«الإفتاء» الفلسطيني يحذر من ترحيل جماعي في القدس

مقدسيون يؤدون صلاة الجمعة خلال احتجاج على هدم منازل في سلوان قبل 10 أيام (أ.ب)
مقدسيون يؤدون صلاة الجمعة خلال احتجاج على هدم منازل في سلوان قبل 10 أيام (أ.ب)

حذر «مجلس الإفتاء الأعلى» في فلسطين من تداعيات قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي هدم حي البستان في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك؛ الأمر الذي سيفضي إلى تهجير عشرات العائلات وتشريدها.
وقال «المجلس» خلال جلسة عقدها، الأحد، برئاسة المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس «مجلس الإفتاء الأعلى»، محمد حسين، إن «هذه الخطوة سابقة خطيرة في تاريخ القدس، وبداية لهدم أحياء بأكملها وترحيل جماعي، بهدف تفريغها من سكانها الأصليين»، مضيفاً أن بلدة سلوان هي «الحامية الجنوبية للأقصى، ويحاول الاحتلال اقتلاع السكان منها من خلال الاستيلاء على الأراضي والمنازل أو هدمها واستهداف مقابرها».
واستنكر «المجلس» تهديد 28 عائلة بـ«التشريد والترحيل عن حي الشيخ جراح، وصدور قرارات ظالمة بالخصوص».
وسلوان حي مجاور للمسجد الأقصى قررت إسرائيل إخلاء عائلات منه. ويتهدد القرار الإسرائيلي نحو 500 فلسطيني، على مدى بعيد، ويطال 12 عائلة بشكل فوري.
وفي وقت سابق؛ أدان الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، «الاعتداءات المتمثلة بقرارات محاكم الاحتلال الإسرائيلي بهدم 100 منزل فلسطيني في حي البستان داخل سلوان، والاستيلاء على عشرات المنازل الفلسطينية في منطقة الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة».
وطالب أبو ردينة «الرباعية الدولية» ومجلس الأمن الدولي، والإدارة الأميركية التي أعلنت رفضها الإجراءات أحادية الجانب ودعمها حل الدولتين، «بالضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف هذه الانتهاكات الخطيرة المخالفة لكافة قرارات الشرعية الدولية، والقانون الدولي».
وتريد إسرائيل بناء حديقة توراتية مكان المنازل المهدمة. وقال «مجلس الإفتاء» إن «هذه الاعتداءات تتزامن مع تصعيد الإجراءات الاستفزازية التي يقوم بها الاحتلال والمستوطنون في الأقصى وباحاته، حيث إن الحفريات أسفله زادت وتيرتها في الفترة الأخيرة، لتشمل أماكن متعددة في آنٍ واحد، على طرق استكمال تهويد جنوب غربي المسجد الأقصى، إضافة إلى سرقة الأتربة الخارجة من هذه الحفريات، واستمرار الاقتحامات اليومية للمسجد، التي تتم عبر مجموعات بحماية جيش الاحتلال».
واقتحم مستوطنون المسجد الأقصى، أمس، وسط دعوات لتكثيف الاقتحامات خلال أيام «عيد الفصح اليهودي». وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية إن 66 مستوطناً اقتحموا الأقصى، عبر باب المغاربة، بحراسة من قوات وضباط الاحتلال، وقاموا بجولتهم في المسجد الأقصى.
وكانت «جماعات الهيكل» دعت خلال أيام «عيد الفصح»، الذي بدأ مساء السبت ويستمر أسبوعاً، إلى تكثيف اقتحامات الأقصى وتقديم «قرابين الفصح» هناك.
وحذر «الإفتاء» من استغلال الاحتلال الإغلاقات بسبب جائحة «كورونا»، لتنفيذ مزيد من الحفريات أسفل المسجد، مما سيؤدي إلى إضعاف أساساته وهدمه، عادّاً أن «هذا تصعيد وعدوان صارخ، يخدم مشاريع استعمارية تهويدية مفروضة بقوة الاحتلال وجبروته، ويشكل استفزازاً حقيقياً لمشاعر المسلمين، كما يهدف إلى طمس التاريخ الإسلامي، ويندرج ضمن عملية التهويد التي تجري لأقدس مقدسات المسلمين في فلسطين».
وعلى صعيد الاعتداءات المتواصلة على المسجد الإبراهيمي في الخليل، ندد «المجلس» بمصادقة الاحتلال على بناء مصعد للمستوطنين فيه، بـ«هدف الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من مساحته ومرافقه، وتغيير ملامحه التاريخية، واستكمال مخططات تهويده المستمرة منذ مجزرة الحرم في شباط (فبراير) 1994».
وبيّن أن الاحتلال يسعى «لإفراغ المسجد الإبراهيمي من المصلين، من خلال الإجراءات القمعية والتعسفية بحق المصلين، وإغلاق البوابات الإلكترونية، وعرقلة حركة المواطنين على الحواجز العسكرية المؤدية إليه واحتجازهم».
وطالب «المجتمع الدولي والمنظمات الأممية المختصة بتحرك جاد وفاعل، لضمان تنفيذ قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقدس والمسجدين الأقصى المبارك والإبراهيمي في الخليل، والأرض الفلسطينية كافة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.