«الجيش الوطني»: الورفلي خضع لعلاج نفسي قبل اغتياله

الورفلي (أ.ف.ب)
الورفلي (أ.ف.ب)
TT

«الجيش الوطني»: الورفلي خضع لعلاج نفسي قبل اغتياله

الورفلي (أ.ف.ب)
الورفلي (أ.ف.ب)

قال العقيد علي ماضي رئيس النيابة العسكرية للجيش الوطني في مدينة بنغازي بشرق البلاد، إن «المقدم محمود الورفلي - ضابط القوات الخاصة الذي كان مطلوباً لمحكمة الجنايات الدولية على خلفية اتهامه بارتكاب جرائم قتل متعمدة، وتم اغتياله مؤخراً في المدينة - كان على ذمة مستشفى الأمراض النفسية لوجود عيب عقلي جزئي». وتابع ماضي أن «المحكمة العسكرية أحالته إلى المصحة النفسية للمتابعة... هذه حقائق».
ونفى المسؤول العسكري في تصريحات تلفزيونية، أن يكون وصم الورفلي بالجنون ووصفه بـ«البطل الشهيد»، وقدّم اعتذاراً علنياً لقبيلته على تصريحاته التي اعتبر أنه «أسيء فهمها أو اقتطعت من سياقها»، على حد تعبيره.
واغتيل الورفلي، آمر محاور الصاعقة بـ«الجيش الوطني» الليبي، بوابل من الرصاص، الخميس الماضي، في مدينة بنغازي شرق البلاد، التي يشتكي أهلها تزايد حالة الانفلات الأمني راهناً. وكان الورفلي مطلوباً لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهم تتعلق بإعدامات ميدانية في الحرب الليبية عام 2016 بمدينة بنغازي. وتولى قيادة وحدة خاصة تابعة للجيش الوطني الليبي الذي سيطر على شرق البلاد في الأعوام القليلة الماضية.
بدوره، نفى العميد عبد الحميد الرعيض رئيس جهاز الأمن الداخلي في بنغازي، تعرض مقر الجهاز لهجوم بعد مقتل شخص في حادث عرضي لا علاقة له بقضية الورفلي، لافتاً إلى تعرض مدينة بنغازي مؤخراً لما وصفه بـ«حملة إعلامية مضللة تستهدف عودة الفوضى وإعادتها إلى مربع تنظيمات الإرهاب».
وكانت المحكمة الجنائية الدولية أصدرت أمر اعتقال بحق الورفلي في أغسطس (آب) 2017. وفي الشهر نفسه، قال الجيش الوطني الليبي إنه اعتقل الورفلي ويحقق معه، لكن المحكمة الجنائية قالت إنها تلقت تقارير لاحقة تفيد بأن الورفلي طليق وشارك في عمليات قتل أخرى.
ودعت الأمم المتحدة مرة أخرى في أوائل 2018 إلى تسليم الورفلي للمحكمة الجنائية على الفور بعد ظهوره في صور وهو يقتل بالرصاص 10 أشخاص أمام مسجد في بنغازي. وطالبت المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الورفلي بسبب مزاعم عن دوره المباشر في 7 حوادث، قُتل فيها 33 شخصاً خلال الحرب في بنغازي.
وشددت السلطات في بنغازي من الإجراءات الأمنية بعد تسجيل سلسلة من عمليات القتل في المدينة، التي تصاعدت فيها وتيرة الأحداث بعد مقتل الورفلي.
وطبقاً لما أعلنه العميد عبد الباسط بوغريس رئيس اللجنة الأمنية الكبرى في المدينة، فقد أجبرت السلطات بتعليمات من المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني، جميع المحلات على تركيب كاميرات مراقبة، كما منعت تجوّل المركبات من دون لوحات تسجيل وبنوافذ معتمة. ومن المنتظر أن يلتقي حفتر غداً بوفد أعيان وحكماء المدينة وأهالي الشهداء من المنطقة الشرقية، لبحث الوضع الأمني هناك.
وتسبب مقتل الورفلي في توتر بالغ في أوساط عدة، وعقب اغتياله، طالب العقيد ميلود الزوي المتحدث باسم «القوات الخاصة» «جميع أفراد القوات الخاصة بالتحلي بضبط النفس وعدم الانجرار وراء الفتن، واتباع تعليمات القيادة العامة وتعليمات آمر القوات الخاصة»، وقال إن الورفلي «كان أحد رموز القوات الخاصة، وإن دماءه لن تضيع هباء».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.