استنكار دولي غداة أعمال عنف أسقطت عشرات القتلى في ميانمار

تصاعد المطالب بـ«حل عاجل» للأزمة ومنع قادة الجيش من الإفلات من العقاب

جانب من مظاهرات ضد الانقلاب في مونيوا بميانمار أمس (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات ضد الانقلاب في مونيوا بميانمار أمس (أ.ف.ب)
TT

استنكار دولي غداة أعمال عنف أسقطت عشرات القتلى في ميانمار

جانب من مظاهرات ضد الانقلاب في مونيوا بميانمار أمس (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات ضد الانقلاب في مونيوا بميانمار أمس (أ.ف.ب)

نزل المتظاهرون مجدداً إلى الشوارع، أمس (الأحد)، في ميانمار غداة يوم القمع الأكثر دموية منذ الانقلاب في الأول من فبراير (شباط) مع مقتل 90 شخصاً على الأقل بينهم عدة أطفال، في أعمال عنف استنكرتها المجموعة الدولية بشدة.
وكان الناشطون من أجل إعادة الديمقراطية دعوا إلى تظاهرات السبت، في اليوم الذي ينظم فيه الجيش سنوياً عرضاً عسكرياً ضخماً أمام قائد الجيش الذي بات يرأس الآن المجموعة العسكرية الجنرال مين أونغ هلاينغ.
وقالت منظمة مساعدة السجناء السياسيين، وهي منظمة غير حكومية تحصي عدد القتلى منذ الانقلاب، إن «90 شخصاً على الأقل قتلوا» ليل السبت. وأضافت هذه المنظمة أن عدد القتلى منذ انقلاب 1 فبراير ارتفع إلى 423 على الأقل، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وتشهد ميانمار أزمة خطرة منذ أن أطاح انقلاب عسكري بزعيمة الحكومة المدنية أونغ سان سو تشي. ونزل البورميون أمس مرة جديدة إلى الشوارع للمطالبة بإعادة الديمقراطية، فيما تنظم مراسم دفن في مختلف أنحاء البلاد التي شهدت اليوم الأكثر دموية منذ الانقلاب.
في المقابل، دافع قائد المجلس العسكري الجنرال هلاينغ السبت مجدداً عن الانقلاب، وتعهد تسليم السلطة بعد انتخابات جديدة. لكنّه وجّه تهديداً جديداً للحركة المناهضة للانقلاب، محذّراً من أن أفعال «الإرهاب التي يمكن أن تضر باستقرار وأمن البلاد» غير مقبولة. وقال إنّ «الديمقراطية التي نرغب بها ستكون غير منضبطة إذا لم يحترموا القانون وإذا انتهكوه».
واندلع العنف في كل أنحاء البلاد، حيث استخدم الجيش الرصاص الحي في أكثر من 40 منطقة من مناطق البلاد التسع، بما يشمل رانغون أكبر مدن ميانمار بحسب جمعية مساعدة السجناء السياسيين.
وأضافت الجمعية أن «قوات المجموعة العسكرية أطلقت النار بالأسلحة الرشاشة على مناطق سكنية، ما أدى إلى مقتل العديد من المدنيين بينهم ستة أطفال تراوح أعمارهم بين 10 و16 عاماً». وقالت إن «قيام النظام العسكري غير الشرعي باستهداف الأطفال هو عمل غير إنساني فادح». وأصيب صحافي من منطقة كايختو في ولاية مون (جنوب شرق) بجروح بالرصاص في الساق.
وبموازاة ذلك، أعلن «الاتحاد الوطني للكارن» وهو مجموعة متمردين من «أقلية كارن الإتنية» أنه تعرض لقصف جوي من المجموعة العسكرية الحاكمة، في شرق البلاد السبت، بعد ساعات على استيلاء المجموعة المتمردة على قاعدة عسكرية، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. ولم تعلق السلطات على هذه الاتهامات، ولم يعرف إن كان الهجوم أسفر عن سقوط قتلى أو جرحى.
وقالت هسا مون، وهي من «إتنية الكارن» وناشطة في مجال حقوق الإنسان، إن ثلاثة أشخاص قتلوا وأصيب ثمانية على الأقل بجروح. وأوضحت أن «الناس قلقون لمعرفة ما إذا كانت الغارات الجوية ستتكرر اليوم».
وهذا العمل يشكل أول هجوم جوي من نوعه منذ استيلاء الجيش على السلطة ضد اللواء الخامس لاتحاد كارن الوطني – إحدى أكبر الجماعات المسلحة في البلاد والذي يقول إنه يمثل شعب كارن.

قادة جيوش ينددون
ندد قادة الجيش في 12 دولة، بينها الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وألمانيا، السبت باستخدام ميانمار للقوة القاتلة ضد المتظاهرين المدنيين العزل. وجاء في بيان مشترك: «بصفتنا قادة أركان، ندين استخدام القوة القاتلة ضد أشخاص عزّل من قبل القوات المسلحة البورمية وأجهزة الأمن»، مضيفاً أن «جيشا محترفا يتبع المعايير الدولية في سلوكه ولديه مسؤولية حماية الشعب الذي يخدمه وليس إيذاءه». وأضاف البيان: «نحض القوات المسلحة في ميانمار على وقف العنف والعمل على استعادة احترام الشعب البورمي وثقته بعدما فقدتهما بسبب تصرفاتها».
من جهته، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن بلاده مصابة بـ«الهلع» من إراقة الدماء في ميانمار، حيث قتل العشرات في واحد من أكثر الأيام دموية منذ الانقلاب العسكري الشهر الماضي، مما استدعى أيضاً تنديداً «بأشد العبارات» من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وغيره من المسؤولين الدوليين، الذين حذروا من «تزايد خطر ارتكاب جرائم فظيعة» في هذا البلد.
وكتب بلينكن في تغريدة على «تويتر» أن الحملة العنيفة لقوات الأمن البورمية على المتظاهرين أظهرت أن المجلس العسكري «يضحي بأرواح الناس خدمة لعدد قليل» من قادته. وأضاف أن «شعب بورما الشجاع يرفض حكم الإرهاب العسكري»، مستخدماً الاسم السابق للبلاد قبل تغييره من حكامها العسكريين عام 1989، فيما وصف وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن تقارير العنف بأنها «مزعجة للغاية».
وأصدر السفير الأميركي في ميانمار، توماس فاجدا، بياناً شديد اللهجة، ملقياً تبعة الأحداث الدموية على قوات الأمن، التي تسببت في «قتل المدنيين العزل، وبينهم الأطفال»، مضيفاً أن «هذه ليست أفعال قوة عسكرية أو شرطة محترفة (...) تحدث شعب ميانمار بوضوح: إنهم لا يريدون العيش في ظل حكم عسكري».
وأكد غوتيريش أن الحملة القمعية المتواصلة «غير مقبولة وتتطلب رداً دولياً حازماً وموحداً». وقال إنه «من الضروري إيجاد حل عاجل لهذه الأزمة»، مجدداً نداءه للجيش البورمي من أجل الامتناع عن العنف. وأضاف: «يجب محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبت في ميانمار».
بدورها، أصدرت المستشارة الخاصة للأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية أليس ويريمو نديريتو والمفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشال باشيليت، تحذيراً من «تزايد خطر ارتكاب جرائم فظيعة» في ميانمار.
ونددتا بشدة بالهجمات المنهجية التي يشنها الجيش ضد المتظاهرين السلميين، فضلاً عن الانتهاكات الخطيرة الأخرى لحقوق الإنسان. وقالتا إنه «يجب وقف الأعمال المخزية والجبانة والوحشية للجيش والشرطة - الذين جرى تصويرهم وهم يطلقون النار على المتظاهرين أثناء فرارهم، والذين لم يسلموا حتى من الأطفال الصغار - على الفور».
وأضافتا أنه في الحالات التي تفشل فيها الدولة بشكل واضح، يجب على المجتمع الدولي «اتخاذ إجراءات جماعية وفي الوقت المناسب، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة لحماية السكان المدنيين المعرضين لخطر الجرائم الفظيعة». وطالبتا بوضع حد للإفلات الممنهج من العقاب في ميانمار. وحذرتا من أن «الإخفاق في معالجة الجرائم الفظيعة التي ارتكبها التاتماداو (مسمّى الجيش البورمي) في الماضي، بما في ذلك ضد الروهينغا والأقليات الأخرى، دفع ميانمار إلى هذا الممر الرهيب. لا يوجد طريق للمضي قدماً من دون المساءلة والإصلاح الأساسي للجيش».
وحضتا الأطراف، وبينهم المسؤولون المنشقون وضباط الشرطة والجيش، على التعاون مع الآليات الدولية، ومنها المحكمة الجنائية الدولية وآلية التحقيق المستقلة التابعة لمجلس حقوق الإنسان في ميانمار، في مكافحة الإفلات من العقاب في البلاد».
ودعا المقرر الخاص للأمم المتحدة توم أندروز إلى «عمل قوي ومنسق» عوض الاكتفاء بالمطالبة بوقف إراقة الدماء، قائلاً إنهم «يصدرون تصريحات جوفاء لشعب ميانمار بينما يرتكب المجلس العسكري قتلاً جماعياً» ضد المواطنين.
وكانت المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة إلى ميانمار، كريستين شرانر بورغنر، حذرت من العنف المتواصل. وقالت إن «ضمان السلام والدفاع عن الشعب يجب أن يكون مسؤولية أي جيش، لكن في ميانمار، انقلب التاتماداو على مواطنيه».
أما في لندن، فقد أكدت سفارة ميانمار أمس أن السفير التقى أصغر أبناء أونغ سان سو تشي الأسبوع الماضي. وكرّر كيم، البالغ من العمر 44 عاماً، مطلبه بالتحدث هاتفياً مع والدته. وكتبت السفارة على صفحتها على «فيسبوك»: «لقد طرح كيم أسئلة حول وضع والدته وصحتها. إنه قلق جداً بالطبع».



بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.