الموازنة العراقية تدخل «غرفة الإنعاش»

بسبب الخلاف على ولادتها قيصرياً

TT

الموازنة العراقية تدخل «غرفة الإنعاش»

دخل مشروع قانون الموازنة العراقية «غرفة الإنعاش»؛ إن جاز التعبير، بعدما اضطرت رئاسة البرلمان العراقي إلى تأجيل الجلسة المقررة أمس الأحد لإقرار المشروع من الساعة الثالثة بعد الظهر إلى السابعة مساءً نظراً لاستمرار الخلافات بين الكتل السياسية بشأنها. رئاسة البرلمان كانت جعلت إقرار الموازنة هو البند الوحيد للجلسة بعد أن توصلت الكتل والقيادات السياسية قبل يوم واحد إلى اتفاق شبه نهائي يقضي بولادة الموازنة قيصرياً بعد الفشل في التصويت عليها بالتوافق أو الأغلبية.
وفي حين تعارض كتل رئيسية بند الاقتراض في مشروع الموازنة، أكد مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية مظهر محمد صالح أن العراق لن يلجأ للاقتراض في حال وصل سعر برميل النفط إلى 70 دولاراً. وأضاف صالح في تصريح نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية أمس الأحد عشية الجلسة التي وصفت بالحاسمة للبرلمان العراقي لإقرار الموازنة، أنه «لا بد من توافر صندوق استقرار الموازنة كصندوق سيادي تحوُّطي من تعرض الاستدامة المالية لخطر التقلّب أو الهبوط في استدامة الإيرادات، لأن عوائد النفط تشكل أكثر من 92 في المائة من إجمالي الإيرادات العامة في الموازنة». وأضاف أن «سعر برميل النفط ينبغي له ألا يقل عن 70 دولاراً لبلوغ موازنة متوازنة من دون اللجوء إلى الاقتراض لتمويل العجز السنوي في الموازنة العامة».
وبينما كانت العقدة الرئيسية خلال الأشهر الثلاثة الماضية التي حالت دون التصويت على الموازنة هي العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان بشأن عائدات النفط مقابل إطلاق حصة الإقليم من الموازنة، فإن عقدة جديدة برزت مؤخراً تتعلق هذه المرة بسعر صرف الدولار. فالحكومة العراقية، واستناداً إلى «ورقة الإصلاح البيضاء» التي كانت تقدمت بها إلى الكتل السياسية وحصلت على موافقتها، قررت رفع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي من 119 ديناراً للدولار الواحد إلى 145 ديناراً للدولار الواحد بهف إيقاف نزف العملة التي تهرب إلى الخارج تحت بند الاستيرادات الوهمية، فضلاً عن إيقاف المضاربة بالدولار من قبل اللجان الاقتصادية للأحزاب والكتل السياسية؛ الأمر الذي عاد بالضرر على قسم منها، وهو ما جعل مثيراً من الكتل البرلمانية تطالب بإعادة سعر صرف الدولار إلى ما كان عليه شرطاً لتمرير الموازنة، فيما تقف كتل نيابية أخرى إلى جانب الحكومة في هذا القرار رغم أنه ترك آثاراً سلبية على ذوي الدخل المحدود.
وفي حين ترى كتل سياسية ضرورة التصويت على الموازنة بالأغلبية بعد تراجع بعض الكتل عن إصرارها على إرجاع سعر الصرف فوراً لاستحالة ذلك مع الإبقاء على الخلاف مع الكرد، فإن كتلاً أخرى تفضل عدم اللجوء إلى خيار الأغلبية في التصويت بسبب ما قد يتركه من تداعيات سياسية يتصل قسم منها بالحاجة إلى التوافقات خلال فترة الانتخابات المقبلة. لكن رئيس كتلة «الجماعة الإسلامية» الكردستانية في البرلمان سليم همزة ينفي أن يكون إقليم كردستان هو العائق الوحيد أمام عدم تمرير الموازنة. ويقول همزة في تصريح إن «الخلافات بين القوى السياسية حول مشروع قانون موازنة سنة 2021، ما زالت مستمرة، مع استمرار الحوارات لحل هذه الخلافات، وهناك خلافات عميقة بين الكتل على مشروع الموازنة». وبين أن «معضلة تمرير مشروع قانون الموازنة، ليست حصة إقليم كردستان من الموازنة، بل هناك خلافات سنية - سنية، وشيعة - شيعية، وسنية – شيعية، على القانون، خصوصاً المتعلقة بتخصيصات المحافظات وسعر صرف الدولار، وهناك رفض لهذا المشروع من قبل الكتل الأخرى وليس الكردية».
وأضاف همزة: «هناك أطراف سياسية لا تريد تمرير مشروع قانون موازنة عام 2021، فهي تستفيد من عدم تمريره، فهذا الوضع يفيد هذه الأطراف بشكل أكبر».
وحول ما يتعلق بإقليم كردستان، فإن أصل الخلاف يتعلق بالمادة «11» من مشروع الموازنة حول حصة إقليم كردستان، وتنص على قيامه بتسليم 250 ألف برميل نفط يومياً، مع إيراداته الضريبية لبغداد، مقابل حصوله على نسبة قدرها 12.6‎ من الموازنة. غير أن الكتل المعترضة، وغالبيتها شيعية، تطالب بتعديل المادة بحيث تشمل نصاً يُحمّل أي شخص يقرر صرف هذه الأموال للإقليم المسؤولية القانونية حال عدم تسليم نفطه للحكومة الفيدرالية.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.