خوفاً من العتمة... إقبال ملحوظ في لبنان على وحدات الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء

TT

خوفاً من العتمة... إقبال ملحوظ في لبنان على وحدات الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء

يشهد لبنان مؤخراً إقبالاً ملحوظاً على تركيب وحدات أنظمة شمسية بهدف إنتاج الكهرباء، وذلك خوفاً من الوصول إلى العتمة التي يرونها غير مستبعدة، في ظل استمرار المشاكل في إمداد كهرباء الدولة وارتفاع تعرفة اشتراك المولدات بشكل مستمر، وتلويح أصحابها بعدم قدرتهم على تعويض ساعات التقنين بحال ازديادها، لا سيما في ظل تكرر أزمة المازوت، والحديث عن رفع الدعم عن المواد الأساسية بما فيها المحروقات.
يأتي الإقبال على تركيب الألواح أو وحدات الطاقة الشمسية بشكل أساسي، لا سيما في ظل أزمة الدولار، من قبل مغتربين لبنانيين يحاولون تأمين مصدر طاقة مستدام لذويهم في لبنان، خصوصاً في المناطق الريفية، خوفاً عليهم من الوصول إلى العتمة، حسب ما يشير عاملون في هذا القطاع، وأن الإقبال أيضاً كان بشكل لافت من قبل المزارعين وأصحاب المشاريع الصناعية، إذ يمكن أن يتسبب انقطاع الطاقة الكهربائية لهم بخسائر فادحة، فكانت فكرة إنتاج الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية حلاً يضمن لهم مصدراً إضافياً للكهرباء.
كان لبنان شهد خلال فصل الصيف الماضي أزمة حادة في الكهرباء، استمرت لأكثر من شهر تخلله تقنين لكهرباء الدولة لساعات طويلة وصلت إلى 20 ساعة في اليوم الواحد، حتى في العاصمة بيروت، ما هدد قطاعات حيوية مثل الاتصالات والمستشفيات، لا سيما أن الأزمة ترافقت مع تقنين في كهرباء المولدات بسبب شح المازوت.
ويبدأ سعر كلفة تركيب وحدة طاقة شمسية بقوة 5 أمبير من 3 آلاف دولار في الأسواق، إلا أن هذه الكلفة تختلف باختلاف المواد الأولية المستخدمة وساعات التغذية المطلوبة والمكان، ولكن تبقى كلفة تركيب وحدات الطاقة الشمسية ليست أقل من كلفة الكهرباء في لبنان، طالما كهرباء الدولة مدعومة وأنظمة الطاقة الشمسية مستوردة ما يعني أنها تسعر بسعر الدولار في السوق السوداء، ولا يمكن أن تشكل بديلاً كلياً عن الكهرباء، ولكن يمكن أن تكون بديلاً ومصدر توفير عن اشتراك المولد. ولا تزال فاتورة كهرباء الدولة غير مرتفعة في لبنان، لا سيما أن المصرف المركزي يدعم دولار استيراد الفيول حتى اللحظة مع التلويح مؤخراً بترشيده تمهيداً لرفعه بشكل كامل، إلا أن ساعات تغذية كهرباء الدولة تقتصر على 12 ساعة في عدد كبير من المناطق، وفي أحسن أحوالها تصل إلى 21 ساعة، وذلك في بيروت الإدارية فقط، ما يجعل المواطنين يعتمدون على اشتراكات شهرية بمولدات خاصة. وتحدد الدولة كلفة الـ5 أمبير من اشتراك المولد بـ750 ليرة (نصف دولار حسب السعر الرسمي للدولار) عن كل كيلو واط ساعة يضاف إليها 20 ألفاً ليرة (13 دولاراً تقريباً) مقطوعة شهرياً، إلا أن الكثير من أصحاب المولدات لا يلتزمون بهذه التعرفة، فضلاً عن إمكانية ارتفاعها بما لا يقل عن خمسة أضعاف في حال رفع الدعم عن استيراد المازوت.
وانطلاقاً من هذه المعطيات ترى جيسيكا عبيد، وهي مستشارة في السياسات الخاصة بالطاقة، أن السنوات الأخيرة شهدت إقبالاً على إنتاج الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية في لبنان لدى المصانع والشركات بشكل خاص بهدف تقليل كلفة الكهرباء، فكان هؤلاء يمدون نظام الطاقة الشمسية على شبكة الكهرباء الأساسية والمولد في حال كان موجوداً فتأتي فاتورة المصدرين أقل، لكن مؤخراً ربما زاد الطلب أكثر حتى من قبل الأفراد تحسباً لارتفاع أسعار المازوت والفيول في حال رفع دعم مصرف لبنان، أو تجنباً لأي أزمة طارئة، فالهدف هنا يصبح التوفير والاستمرارية، إذ إن نظام الطاقة الشمسية يخدم لـ25 عاماً، ويمكن للشركات والمصانع استرداد تكلفته خلال 5 سنوات ما يعني الاستفادة من 20 عاماً دون تكاليف إضافية، ما عدا الصيانة طبعاً التي تدخل ضمنها البطاريات المستخدمة في نظام إنتاج الطاقة الشمسية.
وتشدد عبيد على ضرورة دعم هكذا مشاريع، لأنها توفر ليس فقط على المواطن، بل على الدولة كلها، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي يمر بها، إذ إن زيادة نسبة الاعتماد على الطاقة الشمسية تخفف الطلب على الشبكة الرئيسية لكهرباء الدولة ما يعني تقليل تكاليف إنتاج الكهرباء، وتخفيف استيراد الفيول، والمحافظة على العملات الأجنبية التي يدعم من خلالها مصرف لبنان استيراد الفيول، هذا أيضا عدا عن تخفيف الكلفة الإنتاجية للمصانع ما يعزز القدرة التنافسية في الأسواق. وتوضح عبيد أن لبنان لديه موارد طبيعية تمكنه من إنتاج الطاقة البديلة، لا سيما الشمس والرياح، ولكن هذه الموارد لم تستغل، والبداية يمكن أن تكون من إقرار البرلمان اللبناني لقانون اللامركزية في الطاقة البديلة الذي سيسهل الأمر على البلديات، ويوفر فاتورة الكهرباء على المواطن، ويضمن ما يسمى «أمن الطاقة» المهدد في لبنان.
كان وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر، أشار إلى أن لبنان سيصل إلى العتمة قريباً، في حال عدم إعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة لعام 2021 بقيمة 1500 مليار ليرة؛ وافقت اللجان النيابية مؤخراً على إعطاء 200 مليون دولار فقط ما قد يؤجل العتمة لأشهر قليلة.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.