عضو في التجمع اليمني: الحوار يراوح مكانه

محمد قحطان قال لـ «الشرق الأوسط» إنهم متمسكون بالمبادرة الخليجية واستمرار الرئيس هادي

عضو في التجمع اليمني: الحوار يراوح مكانه
TT

عضو في التجمع اليمني: الحوار يراوح مكانه

عضو في التجمع اليمني: الحوار يراوح مكانه

شدد محمد قحطان عضو التجمع اليمني للإصلاح على أن الحوار في بلاده يراوح مكانه دون جديد؛ لأن الحوثيين ما زالوا يصرون على أن تستمر الأمور على السير طبقا للإعلان الدستوري الذي أعلنوه سابقا، لكن الأطراف الأخرى لها آراء مخالفة لما يرغب فيه الحوثيون.
وقال محمد قحطان في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس: «أنا الآن خرجت من الاجتماع، والحقيقة أن كل الأمور تشير إلى أننا نراوح في مكاننا ولا يوجد جديد في ذلك».
وبين أن توقعه للمرحلة المقبلة هو أن «الحوثيين سيستمرون في التهام (السيطرة) الأرض، في حين أن الأطراف الأخرى تترتب مقاومتها لما يحدث، بحسب مدى قدرتها على المقاومة، وهل ستصمد وقتا أطول أم لا؟ هذا سيكون بحسب ما تحصل عليه من تأييد ودعم، شعبي ودولي وإقليمي».
وعن آراء الأطراف الأخرى في اليمن قال: «محافظات الدولة مثل تعز وعدن وإقليم سبأ وحضرموت، مواقفها واضحة برفضها لمجرد الحوار مع الحوثيين، بل إنها تنتقد الأحزاب التي قبلت الجلوس على طاولة واحدة مع الحوثيين».
وأقر قحطان بصحة الأخبار التي أشارت إلى أن الحوثيين تراجعوا عن موقفهم في الموافقة على استمرار البرلمان وإضافة بعض الأسماء، ليرفضوا ذلك مؤخرا ويطالبوا بحل البرلمان كاملا، وبين: «هذا ما حصل، فالحوثيون وافقوا في البداية على استمرار البرلمان، لكن خلال اليومين الماضيين (أمس وأول من أمس) أصروا على حل البرلمان، وتشكيل سلطات تشريعية يمثلها جمعية وطنية ومجلس وطني». وأضاف: «لكن نحن في المؤتمر متمسكون بشرعية البرلمان، والمرحلة القائمة على المبادرة الخليجية التي تتضمن عبد ربه منصور هادي رئيسا للدولة وبقاء البرلمان».
وفيما يتعلق بالحوار الجاري في اليمن الذي تجريه أحزاب مختلفة في اليمن قال: «الأوضاع كما هي مستمرة، فالناصريون انسحبوا من الحوار لأنهم يرونه مضيعة للوقت؛ لأن الحوثيين يريدون تنفيذ رغبتهم على أرض الواقع، والناصريون يرون أن الحوار يعد (تلهيا) ورأيهم به جانب كبير من الصحة».
وأضاف: «المشاركون في الحوار كثر، منهم الاشتراكيون والإصلاح وأحزاب التحالف الوطني، وحزب العدالة والبناء، وحزب الحق، واتحاد القوى الشعبية، وممثلون عن الحراك الجنوبي الذي سبق أن شارك في مؤتمر الحوار، والمؤتمر الشعبي، بالإضافة إلى ممثلين عن مكون المرأة، ومكون الشباب، ومنظمات المجتمع المدني، ومع ذلك فقد حاولنا في هذه الأحزاب الاتفاق فيما بيننا، بخلاف الحوثيين، لكننا فشلنا».
ويستشهد قحطان بأحداث جرت فيما بينهم كأحزاب: «كنا قد بلورنا بيننا كأحزاب من داخل اللقاء المشترك، تتمسك بالشرعية المستندة على المبادرة الخليجية ببقاء الرئيس هادي مع إضافة نواب له، وثبتنا ذلك في ورقة كُتبت بهذا الشأن تشير إلى اتفاقنا جميعا، لكن عند اجتماعنا مع المبعوث الأممي جمال بنعمر، لم يبقَ من المتفقين على هذه الورقة سوى نحن وحزب الناصريين».
وتطرق قحطان لانسحاب الناصريين بقوله: «وجهة نظرنا لا تختلف كثيرا عن الوجهة الخاصة بحزب الناصريين، ولكننا لا نفضل الانسحاب كما فعلوا؛ حتى لا تؤخذ بشكل سلبي، وإلا فكما أسلفت تقييمنا وتقييمهم للأمور الجارية في اليمن واحد».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.