كيف أعاد مانشيني المنتخب الإيطالي للحياة مجدداً؟

تثير بداية التصفيات المؤهلة لكأس العالم لكرة القدم 2022 ذكريات مؤلمة في إيطاليا. وانتهت المحاولة الأخيرة لبطلة العالم أربع مرات لبلوغ النهائيات، بالهزيمة في مواجهة فاصلة أمام السويد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، لتفشل إيطاليا لأول مرة في التأهل لكأس العالم منذ 60 عاماً. ونتيجة لذلك، رحل المدرب جيان بييرو فنتورا ورئيس الاتحاد كارلو تافيكيو، فضلاً عن الغضب الجماهيري من هذا الفشل المخيب لواحد من أبرز منتخبات العالم.
لكن هذا الأسبوع بدأت إيطاليا مشوارها نحو قطر 2022 بفريق متألق ونابض بالحياة بفضل عملية إعادة بناء ناجحة قام بها المدرب روبرتو مانشيني لفريق محطم بعد توليه المهمة الشاقة في مايو (أيار) 2018. واستهلت إيطاليا مشوارها في تصفيات كأس العالم 2022 بفوز سهل على آيرلندا الشمالية 2 - صفر في المجموعة الثالثة الخميس الماضي، قبل أن تواجه بلغاريا اليوم، وليتوانيا الأربعاء. وقال مانشيني بعد المباراة: «الشوط الأول كان مثالياً لأننا سجلنا هدفين وكان يمكننا إحراز المزيد. في الشوط الثاني احتفظنا بالكرة كثيراً وقمنا بتهدئة إيقاع اللعب لكن بعد خمسة أشهر (بدون مباراة للمنتخب) يمكن حدوث ذلك».
أعاد مانشيني بناء الفريق بالاعتماد على اللاعبين الشبان وبات الحارس جيانلويجي دوناروما (22 عاماً) ولاعب الوسط نيكولو باريلا (24 عاماً) والجناح فيدريكو كييزا (23 عاماً) من العناصر الأساسية في التشكيلة. وحصل الجيل الجديد من اللاعبين على كثير من الفرص، حيث اختار مانشيني 12 لاعباً تتراوح أعمارهم بين 21 و24 عاماً ضمن التشكيلة التي ستخوض تصفيات مونديال 2022.
وطرحت إيطاليا قميصاً خاصاً أخضر اللون تعبيراً عن «الصحوة» في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، قالت إنه «صمم خصيصاً للاحتفال بالمواهب الشابة العديدة التي يزداد دورها المهم والناجح في تشكيلة الأزوري». ولا يزال الفريق يضم مجموعة من اللاعبين أصحاب الخبرة مثل جيورجيو كيليني وليوناردو بونوتشي، لكن مانشيني نجح في التطلع للمستقبل مع تحسين نتائج الفريق.
إن القول إن مانشيني نجح في إعادة النتائج الجيدة لمنتخب إيطاليا يبخسه حقه، فالفريق لم يخسر في 23 مباراة متتالية وفاز في 18 منها. وكان مشواره نحو التأهل إلى بطولة أوروبا 2020 مثيراً للإعجاب حقاً، حيث حطم مانشيني الرقم القياسي للمدرب فيتوريو بوتسو الفائز بكأس العالم مرتين منذ ثلاثينات القرن الماضي بقيادة الفريق لتحقيق 11 انتصاراً متتالياً. وتأهل الفريق إلى بطولة أوروبا قبل ثلاث جولات على نهاية التصفيات، وهو رقم قياسي آخر، وفاز في كل مبارياته. وفي دوري الأمم الأوروبية، لم تخسر إيطاليا وتصدرت مجموعتها التي ضمت هولندا وبولندا والبوسنة والهرسك لتضمن مقعداً في النهائيات التي ستستضيفها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
كان الاستقرار على طريقة وأسلوب لعب يحقق أقصى استفادة من اللاعبين هو مفتاح نجاح مانشيني. وتعتمد إيطاليا على طريقة 4 - 3 - 3 بوجود صانعي لعب في وسط الملعب عادة هما جورجينيو وماركو فيراتي، يساندان جناحين يقطعان داخل الملعب مع وجود قلبي دفاع يوفران العمق.
وتسهم هذه الطريقة في استحواذ إيطاليا على الكرة، بينما لم تتم التضحية بالانضباط الدفاعي الشهير للأزوري، حيث اهتزت شباك فريق مانشيني ست مرات فقط في 16 مباراة خلال مشوار تصفيات بطولة أوروبا ودوري الأمم. ومع ذلك، لا يزال دور المهاجم لغزاً كبيراً، حيث لم يستقر المهاجم السابق مانشيني على مهاجمه الأساسي. ويعاني تشيرو إيموبيلي مهاجم لاتسيو والفائز بالحذاء الذهبي في أوروبا لتكرار مستواه مع النادي على الصعيد الدولي، في حين أن أندريا بيلوتي مهاجم تورينو لم يقنع مانشيني كبديل. وتغلب الفريق على هذه المشكلة حتى الآن عن طريق عدم تركيز تسجيل الأهداف على مهاجم واحد بمفرده، حيث سجل 19 لاعباً مختلفاً خلال تصفيات بطولة أوروبا. وتركت إيطاليا انطباعاً واضحاً من خلال أدائها الثابت والقوي بأن الهزيمة من السويد تم تجاوزها.